الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشافعية: "واتفقوا على أنه إذا جوزنا التحري؛ استحب تركه، واستعمال الطاهر بيقين احتياطًا"(1).
وهو يريد اتفاق الشافعية على الأظهر، ولكن ذكرته للاعتضاد فقط.
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع المالكية (2).
أما الحنفية، فلم أجد كلامًا لهم في المسألة.
• مستند نفي الخلاف:
1 -
أن اليقين متوفر، وهو الماء الطهور، ولا يجوز العدول عن اليقين إلى الظن.
2 -
أن من عمل باليقين فقد أسقط الفرض بيقين، بخلاف العامل بالظن، فوجب إسقاط الفرض بيقين، وبطل الاجتهاد في المسألة (3).
• الخلاف في المسألة: كلام النووي السابق ينقض كلام ابن قدامة، ولكن فيه اتفاق على أقل ما قيل في المسألة (4)، فكلاهما ينص على أن الوضوء من الماء الطاهر بيقين مستحب وأفضل، ولكن الخلاف في لزوم الوضوء به.
فقد خالف في هذه المسألة الشافعية في الأصح عندهم، فقالوا: بجواز الاجتهاد في هذه الحال (5).
واستدلوا بأن الصحابة رضي الله عنهم كان يسمع أحدهم الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من صحابي آخر، فيعمل به، ولا يفيده إلا الظن، ولا يلزمه أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيسمعه منه؛ فيحصل له العلم قطعًا (6).
النتيجة:
أن نفي الخلاف فى المسألة غير متحقق؛ لوجود المخالف فى المسألة، واللَّه تعالى أعلم.
[31 - 31] طهارة الماء الذي دون القلتين بالمكاثرة:
إذا تنجس ماءٌ، وأراد المسلم تطهيره، فإنه يضيف إليه ماءً ليكاثره، حتى يبلغ به
(1)"المجموع"(1/ 245).
(2)
"الذخيرة"(1/ 175).
(3)
"المجموع"(1/ 245).
(4)
انظر هذه المسألة الأصولية في "المهذب" للنملة (2/ 941).
(5)
"المجموع"(1/ 244)، "روضة الطالبين" للنووي (1/ 146).
(6)
"المجموع"(1/ 245).
القلتين، ثم يصبح عندئذ طاهرًا (1).
• من نقل الاتفاق: النووي (676 هـ) حيث يقول: "أما المسألة الأولى، وهي إذا كاثره -أي الماء المضاف إليه- فبلغ قلتين، فيصير طاهرًا مطهرًا بلا خلاف، سواء كان الذي أورده عليه طاهرًا أو نجسًا، قليلًا أو كثيرًا"(2).
المرداوي (885 هـ) حيث يقول شارحًا لمتن "المقنع": "قوله: (وإذا انضم إلى الماء النجس ماء طاهر كثير طهَّره، إن لم يبق فيه تغير) وهذا بلا نزاع، إذا كان المتنجس بغير البول والعذرة، إلا ما قاله أبو بكر"(3).
الحطاب (954 هـ) حيث يقول شارحًا لكلامٍ للماتن: "يعني أن الماء إذا تغير بالنجاسة، ثم زال تغيره، فلا يخلو: إما أن يكون بمكاثرة ماء مطلق خالطه، أم لا، فالأول طهور باتفاق"(4).
• مستند الاتفاق: حديث عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال عليه الصلاة والسلام: "إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث"، وفي لفظ:"لم ينجس"(5).
• وجه الدلالة: الحديث فيه أن الماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث، والماء النجس إذا أضيف إليه ماء طاهر، فأصبح قلتين، وزال التغير منه؛ انطبق عليه الحديث؛ فيكون دليلًا على طهارته، واللَّه تعالى أعلم.
• الخلاف في المسألة: خالف الحنابلة فى هذه المسألة في احتمال؛ بأنه يصبح طاهرًا لا طهورًا (6).
واستدلوا: بأنه استعمل في إزالة النجاسة، فهو ماء مستعمل.
وخالف أبو بكر الحنبلي، فقال: إذا انماعت النجاسة في الماء، فهو نجس لا يطهِّر، ولا يطهَّر (7).
وهذا في حال كون الماء المضاف طاهرًا كثيرًا، والمنجِّس له غير البول والعذرة، كما عبر بذلك المرداوي فيما سبق.
(1) كل العبارات التي في هذه المسألة ليست لنقل الإجماع، بل هي مذهبية، وقد بحثتها بسبب عبارة النووي قبل التأكد من هذه النتيجة، وتركتها للفائدة.
(2)
"المجموع"(1/ 187).
(3)
"الإنصاف"(1/ 63).
(4)
"مواهب الجليل"(1/ 85).
(5)
سبق تخريجه.
(6)
"الإنصاف"(1/ 65).
(7)
"الإنصاف"(1/ 65).