الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[50 - 159] الماء المجزئ في الطهارة غير مقدر:
الوارد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد، ويتوضأ بالمد، فعن سفينة رضي الله عنه، قال:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد"(1).
وعن أنس رضي الله عنه، أنه عليه الصلاة والسلام:"كان يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد"(2).
ولكن هذا التقدير غير ملزم، والماء المجزئ غير مقدر، وعلى هذا حُكي الإجماع، وهذا ما تبينه المسألة.
• من نقل الإجماع: ابن جرير الطبري (310 هـ) حيث نقله عنه النووي (3) فقال -بعد ذكر المسألة-: "وممن نقل الإجماع فيه أبو جعفر محمد بن جرير الطبري"(4).
ابن المنذر (318 هـ) حيث يقول: "وقد أجمع أهل العلم على أن المد من الماء في الوضوء، والصاع في الاغتسال غيرُ لازم للناس"(5).
ابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول: "وجملتها تدل على أن لا توقيت فيما يكفي من الماء، والدليل على ذلك أنهم أجمعوا على أن الماء لا يكال للوضوء ولا للغسل، . . . لا يختلفون أنه لا يكال الماء لوضوء ولا لغسل، لا أعلم فيه خلافًا"(6).
النووي (676 هـ) حيث يقول: "فأجمعت الأمة على أن ماء الوضوء والغسل، لا يشترط فيه قدر معين، بل إذا استوعب الأعضاء كفاه بأي قدر كان، وممن نقل الإجماع فيه أبو جعفر محمد بن جرير الطبري"(7).
ويقول أيضًا: "وأجمع المسلمون على أن الماء الذي يجزئ في الوضوء والغسل غير مقدر، بل يكفي فيه القليل والكثير، إذا وجد شرط الغسل، وهو جريان الماء على الأعضاء"(8). ونقله عنه ابن نجيم (9).
(1) سيأتي تخريجه.
(2)
سيأتي تخريجه.
(3)
"المجموع"(2/ 219)، وسيأتي سياق الكلام في النقل عن النووي.
(4)
بحثت عنه في "التفسير" فلم أجده.
(5)
"الأوسط"(1/ 361).
(6)
"التمهيد"(8/ 105)، وانظر:"الاستذكار"(1/ 267).
(7)
"المجموع"(2/ 219).
(8)
"شرح مسلم"(4/ 2).
(9)
"البحر الرائق"(1/ 54).
محمد الخادمي (1176 هـ) حيث يقول: "وقد أجمعوا على أن المقدار المجزئ في الوضوء والغسل غير مقدر؛ فيجزئ ما قل أو كثر، حيث وجد جري الماء على جميع الأعضاء"(1).
ابن عابدين (1252 هـ) حيث يقول: "نقل غير واحد إجماع المسلمين على أن ما يجزئ في الوضوء والغسل؛ غير مقدر بمقدار"(2).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع الحنابلة في المشهور (3).
• مستند الإجماع:
1 -
حديث عائشة رضي الله عنها، قالت:"كنت أغتسل أنا ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في إناء واحد، يسع ثلاثة أمداد وقريبًا من ذلك"(4).
2 -
حديث ابن عباس رضي الله عنهما، "أن النبي صلى الله عليه وسلم وميمونة كانا يغتسلان من إناء واحد"(5).
• وجه الدلالة: من خلال ما سبق من الأحاديث، وما ورد من الأحاديث في مقدمة المسألة، نجد أن مقدار ما كان يتوضأ به النبي صلى الله عليه وسلم ويغتسل اختلف، ولم يداوم عليه الصلاة والسلام على مقدار معين، وفي حديث ميمونة لم يذكر قدرًا محددًا، فدل ذلك على عدم اشتراط مقدار محدد، وإنما الضابط في ذلك هو الكفاية والإسباغ (6).
• الخلاف في المسألة: خالف ابن شعبان (7)، فقال بأنه لا يجزئ في الوضوء أقل من مد، ولا في الغسل أقل من صاع.
وحكاه ابن قدامة رحمه الله قولًا في المسألة (8)، واستدل له ورد عليه، وقال هو محكي عن أبي حنيفة (9).
(1)"بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية" لمحمد الخادمي (4/ 211).
(2)
"حاشية ابن عابدين"(1/ 158)، وانظر:"الموسوعة الفقهية الكويتية"(4/ 179).
(3)
"المغني"(1/ 296)، و"الإنصاف" للمرداوي (1/ 258).
(4)
مسلم كتاب الحيض، باب القدر المستحب في غسل الجنابة، (ح 321)، (1/ 256).
(5)
البخاري كتاب الوضوء، باب الصاع وغيره، (ح 250)، (1/ 101).
(6)
"المجموع"(2/ 219).
(7)
"المنتقى" للباجي (1/ 95)، و"حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني"(1/ 163).
(8)
"المغني"(1/ 296).
(9)
ولم أجده عندهم، بل صرحوا بخلافه في كتبهم، وسبق نقل كلام ابن عابدين رحمه الله، فقد نقل الإجماع =