الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[40 - 377] طهارة سؤرِ الآدميِّ:
سؤر الآدمي طاهر، سواء كان مسلمًا أو كافرًا، طاهرًا أو جنبًا، وقد حكى الإجماع عدد من العلماء في هذه المسألة.
• من نقل الإجماع: الكاساني (587 هـ) حيث يقول: "أما السؤر الطاهر المتفق على طهارته؛ فسؤر الآدمي بكل حال، مسلمًا كان أو مشركًا، صغيرًا أو كبيرًا، ذكرًا أو أنثى، طاهرًا أو نجسًا، حائضًا أو جنبًا، إلا في حال شرب الخمر"(1).
ابن رشد (595 هـ) حيث يقول: "اتفق العلماء على طهارة آسار المسلمين، وبهيمة الأنعام"(2).
ابن قدامة (620 هـ) حيث يقول: "القسم الثاني: طاهر في نفسه، وسؤره، وعرقه، وهو ثلاثة أضرب: الأول: الآدمي، فهو طاهر، وسؤره طاهر، سواء كان مسلمًا أم كافرًا، عند عامة أهل العلم، إلا أنه حكي عن النخعي، أنه كره سؤر الحائض، وعن جابر بن زيد، لا يتوضأ منه"(3).
أبو بكر الحدادي العبادي (800 هـ) حيث يقول: "السؤر على خمسة أنواع؛ سؤر طاهر بالاتفاق. . .، أما الطاهر؛ فسؤر الآدمي، وما يؤكل لحمه، ويدخل فيه الجنب والحائض والنفساء والكافر، إلا سؤر شارب الخمر، ومن دمي فوهُ، إذا شرب على فورهما فإنه نجس"(4).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع الشافعية (5).
• مستند الإجماع:
1 -
حديث عائشة رضي الله عنها: "كنت أشرب وأنا حائض، فأناوله النبي عليه الصلاة والسلام، فيضع فاه على موضع فيّ"(6).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم يضع فمه في موضع فيّ عائشة رضي الله عنها؛ فهذا يدل على طهارة سؤرها؛ إذ لو لم يكن كذلك لما فعله عليه الصلاة والسلام، وهو يدل على
(1)"بدائع الصنائع"(1/ 63، 64).
(2)
بداية المجتهد ونهاية المقتصد (1/ 56).
(3)
"المغني"(1/ 69).
(4)
"الجوهرة النيرة شرح مختصر القدوري عند الحنفية"(1/ 19).
(5)
"المجموع"(2/ 577).
(6)
مسلم كتاب الحيض، باب الاضطجاع مع الحائض في لحاف واحد، (ح 300)، (1/ 245).
طهارة سؤر الحائض وغيرها من باب أولى.
2 -
أن الآدمي طاهر في ذاته، وسؤره تابع له، وليس مما يخرج من مخرج النجاسة، فهو طاهر.
• الخلاف في المسألة: ذكر ابن نجيم قولًا بكراهة سؤر المرأة للرجل والعكس، ولكنه برره؛ بأن ذلك إنما هو في الشرب، لا الطهارة (1).
كما ذكر ذلك أيضًا ابن عابدين (2). وبهذا لا يكون لهذا القول تأثير في مسألتنا.
وهناك كلام في الحائض وسيأتي في مسألة مستقلة.
وخالف المالكية في لعاب النائم، فقالوا: إن كان من الفم؛ فطاهر، وإن كان من المعدة؛ فينظر: إن كان متغيرًا وفيه نتن؛ فنجس، وإلا طاهر (3).
وقيل: إن كان الرأس على مخدة؛ فاللعاب من الفم، وإلا فمن المعدة؛ فيكون نجسًا (4).
ولم يذكروا دليلًا، ولا تعليلًا، إلا أنه يفهم من تقييدهم بالتغير، أنهم يعللون به، فاللعاب أو السؤر بعد التغير أصبح نجسًا، كالماء المتغير، واللَّه تعالى أعلم.
وخالف الحنابلة في رواية (5) في سؤر الكافر، فقالوا: سؤره نجس مطلقًا، وهو ظاهر كلام ابن حزم (6).
ولم أجد استدلالًا لهم، ويمكن أن يستدل لهم بقوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} ، وهو ما استدل به ابن حزم (7).
ولديهم رواية أخرى، بأنه إن لَابَسَ النجاسة غالبًا، أو تدين بها، أو كان وثنيًّا، أو مجوسيًّا، أو يأكل الميتة النجسة؛ فسؤره نجس (8).
ولم أجد استدلالًا لهم على هذه الرواية أيضًا، غير أنه من قيود الرواية يمكن القول بأن العلة هي خشية أن يكون عليه نجاسة فينقلها (9)، واللَّه تعالى أعلم.
(1)"البحر الرائق"(1/ 134).
(2)
"حاشية ابن عابدين"(1/ 222).
(3)
"مواهب الجليل"(1/ 91).
(4)
"مواهب الجليل"(1/ 91).
(5)
"الإنصاف"(1/ 345).
(6)
"المحلى"(1/ 181).
(7)
"المحلى"(1/ 181).
(8)
"الإنصاف"(1/ 345).
(9)
"الإنصاف"(1/ 345).