الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[13 - 178] المسافر إذا أقام يمسح مسح مقيم:
إذا مسح المسافر على خفيه، ثم أقام، فإنه يتم مسحه مسح مقيمٍ، بألا يتجاوز يومًا وليلة.
• من نقل الإجماع: أبو العباس بن سريج (306 هـ) حيث يقول معلقًا على قول المزني (1) بقوله: "إن كان المزني يذهب إلى أن القياس هذا، ولكن ترك للإجماع أو غيره؛ فليس بيننا وبينه كبير خلاف، وإن كان يذهب إلى أنه يحكم بهذا؛ فهو خلاف الإجماع". نقله عنه النووي، ثم قال:"وهذا الذي قاله ابن سريج تصريح بانعقاد الإجماع على خلاف قول المزني"(2).
ابن قدامة (620 هـ) حيث يقول: "وإذا مسح مسافر أقل من يوم وليلة، ثم أقام أو قدم؛ أتم على مسح مقيم وخلع، وإذا مسح مسافر يومًا وليلة فصاعدًا، ثم أقام أو قدم خلع، وهذا قول الشافعي، وأصحاب الرأي، ولا أعلم فيه مخالفًا"(3).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع الحنفية (4)، وقول عن مالك (5).
• مستند الإجماع:
1 -
حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه، قال:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفرًا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن، إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم"(6).
2 -
حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال:"جعل النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويومًا وليلة للمقيم"(7)، يعني: في المسح على الخفين.
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم وقَّت للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يومًا وليلة، وهذا المسافر صار مقيما، فلم يجز له أن يمسح مسح المسافر.
3 -
أن المسح عبادة يختلف حكمها بالحضر والسفر، فإذا ابتدأها في السفر، ثم حضر في أثنائها، غُلّب حكم الحضر، كالصلاة (8).
• الخلاف في المسألة: خالف مالك في قول عنه، بعدم المسح في الحضر أصلًا (9).
(1) سيأتي بيان قوله في الخلاف في المسألة.
(2)
"المجموع"(1/ 516).
(3)
"المغني"(1/ 372).
(4)
"المبسوط"(1/ 104).
(5)
"المنتقى"(1/ 78).
(6)
سبق تخريجه.
(7)
سبق تخريجه.
(8)
"المغني"(1/ 372).
(9)
"المنتقى"(1/ 77).
واستُدل له بأن رواية المسح عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كانت في السفر (1).
وخالف أيضًا في قولٍ ثانٍ عنه، بأنه لا توقيت للمسح (2)، ولكن أنكر صحة هذا القول عنه بعض أصحابه (3).
ووجهه أنها طهارة فلم تتوقت بوقت معين، كغسل الرجلين (4).
وخالف في هذه المسألة المزني (5)، وقال: بأنه إذا مسح يومًا وليلة؛ يمسح ثلث يومين وليلتين، وهو ثلثا يوم وليلة.
واحتج لقوله بأنه "لو مسح ثم أقام في الحال؛ مسح ثلث ما بقي، وهو يوم وليلة، فإذا بقي له يومان وليلتان وجب أن يمسح ثلثهما"(6).
ومعنى استدلاله؛ أن الماسح ليوم وليلة وهو مسافر، لم يستكمل من رخصته إلا الثلث، وبقي له الثلثان، فيأخذ ثلث اليومين اللذين قد استحقهما من قبل ولم يستكملهما، فيكون حقه ثلثا يوم وليلة، واللَّه تعالى أعلم.
وخالف بعض الحنابلة، فقالوا: يتم مسح مسافر؛ إن كان مسح مسافرًا فوق يوم وليلة، وشذذه بعضهم (7).
وخالف ابن حزم بقولٍ خامس (8)، وقال:"إن مسح في سفر، ثم أقام أو دخل موضعه؛ ابتدأ مسح يوم وليلة؛ إن كان قد مسح في السفر يومين وليلتين فأقل، ثم لا يحل له المسح، فإن كان مسح في سفره أقل من ثلاثة أيام بلياليها وأكثر من يومين وليلتين؛ مسح باقي اليوم الثالث وليلته فقط، ثم لا يحل له المسح، فإن كان قد أتم في السفر مسح ثلاثة أيام بلياليها؛ خلع ولا بد، ولا يحل له المسح حتى يغسل رجليه"(9).
واستدل بأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يبح المسح إلا ثلاثة أيام للمسافر بلياليها، ويومًا وليلة للمقيم، فصح أنه لم يبح لأحد أن يمسح أكثر من ثلاثة أيام بلياليها، لا مقيمًا ولا مسافرًا، وإنما نهى عن ابتداء المسح، لا عن الصلاة بالمسح المتقدم (10)، فالعبرة
(1)"المنتقى"(1/ 77).
(2)
"المنتقى"(1/ 78)، و"بداية المجتهد"(1/ 47) ولم يذكر عن مالك غيره.
(3)
"المنتقى"(1/ 78).
(4)
"المنتقى"(1/ 78).
(5)
"المجموع"(1/ 515).
(6)
من عبارة "المهذب"(1/ 515) مع شرحه "المجموع".
(7)
"الإنصاف"(1/ 177).
(8)
"المحلى"(1/ 341).
(9)
"المحلى"(1/ 341).
(10)
"المحلى"(1/ 341).