الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن قاسم (1392 هـ) حيث يقول شارحًا لكلام البهوتي: "ويستحب. . . وارتياده لبوله مكانًا رخوًا"، قال:"بالاتفاق"(1)، أي: على استحبابه.
• الموافقون على الاتفاق: وافق على هذا الاتفاق المالكية (2)، والحنابلة (3).
ولم أجد كلاما للحنفية، في هذه المسألة، بعد طول بحث، ولكن واللَّه تعالى أعلم أنها لا تخالف أصولهم، فهم قد قالوا: بكراهة البول واقفًا، وفي مهب الريح، وفي أسفل الأرض إلى أعلاها، وعللوا ذلك: بألا يعود عليه رشاش بوله؛ فيتنجس، وهي نفس علة مسألتنا، غير أني لم أجد لهم ذكرًا لمسألتنا (4).
• مستند الاتفاق: حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فأراد أن يبول، فأتى دمثًا في أصل جدار فبال، ثم قال:"إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله"(5).
• وجه الدلالة: ظاهرة من الحديث، حيث ذكر أنه يرتاد لبوله، أي: يبحث عن مكانٍ أرضه رخوة، لا تردُّ الماء، قال العظيم آبادي:"والحديث فيه مجهول، لكن لا يضر، فإن أحاديث الأمر بالتنزه عن البول تفيد ذلك"(6).
النتيجة:
أن الاتفاق متحقق، لعدم وجود المخالف في المسألة، واللَّه تعالى أعلم.
[21 - 73] استحباب تقديم اليسرى للخلاء واليمنى للخروج منه:
إذا أراد الإنسان دخول الخلاء، فإنه يستحب له أن يدخل باليسرى، ويخرج باليمنى، وعلى ذلك حكى النووي الاتفاق.
• من نقل الاتفاق: النووي (676 هـ) معلقًا على قول الماتن: "ويستحب أن يقدم في الدخول رجله اليسرى، وفي الخروج اليمنى؛ لأن اليسار للأذى، واليمنى لما
(1)"حاشية الروض"(1/ 125).
(2)
"مواهب الجليل"(1/ 267)، و"منح الجليل"(1/ 97).
(3)
"شرح منتهى الإرادات"(1/ 34)، و"كشاف القناع"(1/ 60).
(4)
انظر: "البحر الرائق"(1/ 256)، و"حاشية ابن عابدين"(1/ 343).
(5)
أحمد (ح 19555)، (4/ 396)، أبو داود كتاب الطهارة، باب الرجل يتبوأ لبوله (ح 3)، (1/ 1)، وضعفه النووي في "المجموع"(2/ 98).
(6)
"عون المعبود شرح سنن أبي داود"(1/ 11).
سواه"، حيث يقول: "وهذا الأدب متفق على استحبابه، وهذه قاعدة معروفة، وهي أن ما كان من التكريم بدئ فيه باليمنى، وخلافه باليسار" (1).
ابن قاسم (1392 هـ) حيث يقول عن مسألتنا: "وهذا الأدب متفق على استحبابه"(2)، ويبدو أنها عبارة النووي، إلا أنه لم يشرْ لذلك.
• الموافقون على الاتفاق: وافق على هذا الاتفاق الحنفية (3)، والمالكية (4)، والحنابلة (5).
• مستند الاتفاق:
1 -
حديث عائشة رضي الله عنها، قالت:"كانت يد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم اليمنى لطهوره وطعامه، وكانت اليسرى لخلائه، وما كان من أذى"(6).
2 -
حديث حفصة رضي الله عنها: "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يجعل يمينه لطعامه وشرابه وثيابه، ويساره لما سوى ذلك"(7).
• وجه الدلالة: من هذين الحديثين وغيرهما كثير، تدل على استحباب تقديم اليمين في المكارم والطاهرات، وعلى العكس في الأشياء الدنية والنجاسات، فمن جملتها نأخذ هذا المعنى، فيستحب الدخول للخلاء -وهو موطن نجاسة- باليسرى، والخروج منه باليمنى، وعلى العكس في المسجد (8).
• الخلاف في المسألة: هناك من أخرج هذا الحكم في حال كون الإنسان في الصحراء (9)، وهذا الخلاف لا يقدح في مسألتنا؛ لخروجه عن توصيفها؛ إذ هي
(1)"المجموع"(2/ 91)، وانظر:"أسنى المطالب"(1/ 46)، و"مغني المحتاج"(1/ 224).
(2)
"حاشية الروض"(1/ 122).
(3)
"تبيين الحقائق"(1/ 167، 168)، و"البحر الرائق"(1/ 256).
(4)
"مواهب الجليل"(1/ 272)، (1/ 278)، و"شرح الخرشي"(1/ 143).
(5)
"المغني"(1/ 228)، و"شرح منتهى الإرادات"(1/ 33).
(6)
أبو داود كتاب الطهارة، باب كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء، (ح 33)، (1/ 9)، البيهقي "الكبرى" جماع أبواب الاستطابة، باب النهي عن الاستنجاء باليمين، (ح 547)، (1/ 113)، وصححه النووي في "المجموع"(1/ 418).
(7)
أبو داود كتاب الطهارة، باب كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء، (ح 32)، (1/ 8)، و"المستدرك" كتاب الأطعمة، (ح 7091)، (4/ 122)، وجوَّد إسناده النووي في "المجموع"(1/ 418).
(8)
"المجموع"(2/ 91).
(9)
"المجموع"(2/ 91).