الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال: "وكيف يجوز القول بإجماع الصحابة في شيء من هذه المسألة، مع ما ذكرنا في هذا الباب - يقصد خلاف بعض الصحابة"(1).
وهناك من حكى الخلاف في عصر الصحابة، ولم يذكر الإجماع، كالطحاوي (2).
وهناك من العلماء من ذكر رجوع الصحابة الذين خالفوا في بداية الأمر، ومنهم علي بن المديني (3)، وابن أبي شيبة راويًا عن بعضهم ذلك (4)، وابن عبد البر (5)، والقاضي عياض (6)، والنووي (7)، وابن حجر (8).
واحتج من خالف بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "الماء من الماء"(9).
فقالوا: الغسل بالماء لا يجب إلا بالماء، الذي هو المني (10)، ورُد عليهم بأنه منسوخ.
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق في عصر الصحابة، وإلا لما رأينا عددًا من التابعين خالفوا في المسألة، أما بعدهم فوجدنا من خالف من بعض أهل الظاهر والحجازيين، وخلاف البخاري وغيره، فالمسألة لم يتحقق فيها إجماع في القرون الأولى بلا إشكال عندي، ولكن بعد ذلك لم أجد من خالف من العلماء، ولا من أتباع المذاهب في المسألة، كما أشار لذلك ابن المنذر، وابن القصار، وابن عبد البر، والقاضي عياض، والنووي، وابن الملقن فيما سبق، فيقال في هذه المسألة بأنها من قبيل الاتفاق بعد الاختلاف، وسبق أن أشرنا للخلاف عند الأصوليين في هذه المسألة، إلا أنني اخترت القول بأنه إجماع ظني في حق من يختار هذا القول، واللَّه تعالى أعلم.
[8 - 241] الإيلاج في النائمة والمستكرهة موجب للغسل:
إذا أولج الرجل في فرج امرأته وهي نائمة، أو أولج في مستكرَهة، فإنه يجب عليهما الغسل، وإن لم تقع لذة.
• من نقل الإجماع: ابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول في معرض حديثٍ له:
(1)"التمهيد"(23/ 113).
(2)
"شرح معاني الآثار"(1/ 61).
(3)
"الاستذكار"(1/ 270).
(4)
"المصنف"(1/ 111).
(5)
"الاستذكار"(1/ 277).
(6)
"إكمال المعلم"(2/ 194).
(7)
"شرح مسلم"(4/ 36).
(8)
"فتح الباري"(1/ 397).
(9)
سبق تخريجه.
(10)
"نيل الأوطار"(1/ 276).
"واحتج بالإجماع في إيجاب الغسل، وهي الطهارة الكبرى على المستكرهة والنائمة إذا جاوز الختانُ الختانَ، وإن لم تقع لذة"(1).
القرطبي (671 هـ) حيث يقول: "فقد أجمعت الأمة على أن رجلًا لو استكره امرأة، فمس ختانُه ختانَها، وهي لا تلتذ لذلك، أو كانت نائمة فلم تلتذ ولم تشته، أن الغسلَ واجبٌ عليها"(2).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع الحنفية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5).
• مستند الإجماع: حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا قعد بين شعبها الأربع، ثم مس الختان الختان، فقد وجب الغسل"(6).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالغسل من مس الختانين، ولم يفرق بين وجود اللذة وعدمها، فدل على عدم تأثير ذلك، ما دام أن الإيلاج قد حصل، واللَّه تعالى أعلم.
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة ابن حزم، فقال بأن عليهما الوضوء فقط، ما دامت لم تنزل (7).
واستدل بحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"إذا قعد بين شعبها الأربع، وأجهد نفسه، فقد وجب عليه الغسل، أنزل أو لم ينزل"(8).
فقوله: "أجهد نفسه" هذا الإطلاق ليس إلا للمختار القاصد، ولا يسمى المغلوب أنه قعد، ولا النائم، ولا المغمى عليه" (9).
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق؛ لوجود المخالف في المسألة، حيث إن هذه المسألة تعد من فروع المسألة الأم، وهي وجوب الغسل من التقاء الختانين، وقد
(1)"الاستذكار"(1/ 255).
(2)
"تفسير القرطبي"(5/ 227).
(3)
"فتح القدير"(1/ 63).
(4)
"المجموع"(2/ 151).
(5)
"شرح منتهى الإرادات"(1/ 80).
(6)
سبق تخريجه.
(7)
"المحلى"(1/ 247).
(8)
هذا اللفظ أخرجه أحمد (ح 8557)، (2/ 347)، الدارقطني كتاب الطهارة، باب في وجوب الغسل بالتقاء الختانين وإن لم ينزل، (ح 6)، (1/ 112)، ولم أجد من تكلم عن هذا اللفظ إلا كلام ابن حزم.
(9)
"المحلى"(1/ 247).