الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى أمر بغسل اليدين إلى المرافق، والأمر يقتضي الوجوب.
2 -
الأحاديث الواردة في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، وفيها ذكر غسل النبي صلى الله عليه وسلم ليديه، ولم يترك في واحدٍ منها غسلَه ليديه، مما يدل على فرضية غسلهما، ومنها حديث حُمران مولى عثمان بن عفان رضي الله عنهما، وفيه:"ويديه إلى المرفقين ثلاثًا"(1).
النتيجة:
أن الإجماع متحقق؛ لعدم المخالف في المسألة، وهي من مسائل الإجماع القطعي التي لا مجال للاجتهاد فيها، واللَّه تعالى أعلم.
[17 - 126] دخول المرفقين في غسل اليدين:
سبق ذكر مسألة فرضية غسل اليدين، ولكن هل المرفقان يدخلان في اليدين، فلا يصح الوضوء من دون غسلهما؟ نقل الإجماع في هذه المسألة عددٌ من أهل العلم بأن المرفقين تدخل في اليدين.
• من نقل الإجماع: الشافعي (204 هـ) حيث يقول: "فلم أعلم مخالفًا في أن المرافق مما يغسل. . . ولا يجزي في غسل اليدين أبدًا إلا أن يُؤتى على ما بين أطراف الأصابع إلى أن تُغسل المرافق"(2). ونقله عنه ابن حجر (3)، وابن نجيم (4)، والصنعاني (5)، وابن عابدين (6).
ابن حزم (456 هـ) حيث يقول: "واتفقوا أن غسل الذراعين إلى مشدِّ المرفقين؛ فرض في الوضوء"(7).
وفي نقد ابن تيمية لهذه العبارة، نقلها بلفظ:"منتهى المرفقين"(8)، وهي أوضح في مسألتنا.
ابن هبيرة (560 هـ) حيث يقول: "واتفقوا على وجوب غسل الوجه كله، وغسل اليدين مع المرفقين، وغسل الرجلين مع الكعبين، ومسح الرأس"(9).
(1) سبق تخريجه.
(2)
"الأم"(1/ 40).
(3)
"فتح الباري"(1/ 292).
(4)
"البحر الرائق"(1/ 13).
(5)
"سبل السلام"(1/ 59).
(6)
"حاشية ابن عابدين"(1/ 99).
(7)
"مراتب الإجماع"(38).
(8)
"نقد مراتب الإجماع"(288).
(9)
"الإفصاح"(1/ 29).
النووي (676 هـ) حيث يقول: "وهذا الذي ذكره المصنف (1) من وجوب غسل المرفقين، هو مذهبنا ومذهب العلماء كافة؛ إلا ما حكاه أصحابنا عن زفر، وأبي بكر ابن داود"(2).
زكريا الأنصاري (926 هـ) حيث يقول: "الثالث: غسل اليدين مع المرفقين. . .، ودل على دخولها الآيةُ، والإجماعُ"(3).
ابن نجيم (970 هـ) حيث يقول: "وأما غسل المرافق والكعبين؛ ففرضيته بالإجماع"(4).
ابن حجر الهيتمي (974 هـ) حيث يقول: "الثالث: غسل يديه، من كفيه وذراعيه، واليد مؤنثة مع مرفقيه. . .، ودل على دخولهما الاتباع والإجماع؛ بل والآية أيضًا"(5).
الشربيني (977 هـ) حيث يقول: "الثالث من الفروض: غسل يديه من كفيه وذراعيه؛ للآية، والإجماع (مع) بفتح العين وتسكن بقلة (مرفقيه). .؛ لما روى مسلم (6) عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه. .، وللإجماع"(7).
الشوكاني (1250 هـ) حيث يقول عن غسل المرفقين: "واتفق العلماء على وجوب غسلهما، ولم يخالف في ذلك إلا زفر، وأبو بكر بن داود الظاهري"(8).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع عطاء، وإسحاق (9)، والحنفية (10)، والمشهور من مذهب المالكية (11)، والمذهب عند الحنابلة (12).
• مستند الإجماع:
1 -
قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ
(1) الشيرازي صاحب "المهذب".
(2)
"المجموع"(1/ 419).
(3)
"أسنى المطالب"(1/ 32).
(4)
"البحر الرائق"(1/ 11)، (1/ 13)، ونقده في "مجمع الأنهر"(1/ 9) بأن في ثبوته نظرًا.
(5)
"تحفة المحتاج"(1/ 207)، وانظر نحوها:"مغني المحتاج"(1/ 174)، و"نهاية المحتاج"(1/ 171).
(6)
سيأتي في المستند.
(7)
"مغني المحتاج"(1/ 174)، وانظر:(1/ 175).
(8)
"نيل الأوطار"(1/ 180).
(9)
"الأوسط"(1/ 390).
(10)
"المبسوط"(1/ 6)، و"بدائع الصنائع"(1/ 4).
(11)
"المنتقى شرح الموطأ"(1/ 36)، و"مواهب الجليل"(1/ 191).
(12)
"الفروع"(1/ 147)، و"الإنصاف"(1/ 157).
فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6].
• وجه الدلالة: قوله: {إِلَى الْمَرَافِقِ} ، و"إلى" هنا تحتمل معنيين: إما أنها بمعنى مع، وهي بهذا تدل بالمطابقة على المسألة، وإما أنها بمعنى الغاية، فالغاية تدخل إذا كان التحديد شاملًا للحد والمحدود؛ كقولك: قطعت أصابعه من الخنصر إلى المسبحة، أو بعتك هذه الأشجار من هذه إلى هذه، فإن الأصبعين والشجرتين داخلان في القطع والبيع بلا شك؛ لشمول اللفظ (1).
2 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه، "أنه توضأ فغسل وجهه فأسبغ الوضوء، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد، ثم غسل يده اليسرى حتى أشرع في العضد. . .، ثم قال: هكذا رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يتوضأ"(2).
• وجه الدلالة: أن أبا هريرة رضي الله عنه غسل اليد حتى شرع في العضد، مما يعني أنه غسل المرفقين وزيادة، وقد قال:"هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ"، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم له يدل على السنة المأمور بفعلها في الوضوء (3)، واللَّه تعالى أعلم.
• الخلاف في المسألة: خالف زفرُ من الحنفية في هذه المسألة (4)، وهي رواية عن مالك أنكر صحتها بعض المالكية (5)، ورواية عن أحمد (6)، وهو قول أبي بكر بن داود الظاهري (7)، فقالوا بأن المرفقين لا يدخلان في غسل اليدين.
ونقد ابن تيمية هذا الإجماع بخلاف زفر، وبعض المالكية، وداود (8).
واستدلوا بأنه غاية في كتاب اللَّه تعالى، والغاية حد، فلا يدخل تحت المحدود، واستدلالًا بقوله تعالى:{ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187](9)، فإن الليل لا
(1) انظر: "المجموع"(1/ 420)، وفي الاستدلال بالآية كلام طويل، آثرت عدم الخوض فيه خشية الإطالة.
(2)
مسلم كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء، (ح 246)، (1/ 216).
(3)
"مغني المحتاج"(1/ 174)، وانظر:(1/ 175).
(4)
"المبسوط"(1/ 6)، و"بدائع الصنائع"(1/ 4).
(5)
ولديهم قول آخر غير مشهور، ولكنه في معنى السابق، وهو أنه يدخل احتياطًا، "المنتقى شرح الموطأ"(1/ 36)، و"مواهب الجليل"(1/ 191).
(6)
"الفروع"(1/ 147)، و"الإنصاف"(1/ 157).
(7)
"المجموع"(1/ 419)، و"نيل الأوطار"(1/ 180).
(8)
"نقد مراتب الإجماع"(288).
(9)
"المبسوط"(1/ 6)، و"بدائع الصنائع"(1/ 4).