الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طهور المسلم، ولو إلى عشر حجج؛ ما لم يجد الماء" (1).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل جواز التيمم بما لم يجد الماء، فإذا وجده لزمه الماء، ولو كان يرفع الحدث والنجاسة؛ لما لزمه التطهير من جديد (2).
2 -
أن المتيمم لو وجد الماء؛ لزمه استعماله لرفع الحدث الذي كان قبل التيمم، إن كان جنبًا، أو محدثًا، أو امرأة حائضًا، ولو رفع الحدث؛ لاستوى الجميع فيما يلزمهم من التطهير؛ وذلك لأنهم قد تطهروا بالتيمم، مما يدل على بقاء الحدث مع إباحة العبادة (3).
3 -
أن التيمم طهارة ضرورة، فلم ترفع الحدث؛ كطهارة المستحاضة (4).
• الخلاف في المسألة: خالف أبو سلمة بن عبد الرحمن (5)، فقال: يرفع الحدث الأصغر والأكبر.
وحجته: أن التيمم طهارة مشروعة عن الحدث تبيح الصلاة، فترفع الحدث؛ كطهارة الماء، ما لم يحدث أو يجد الماء (6).
خالف الزهري، وابن المسيب، والحسن (7)، فقالوا: يرفع الحدث الأصغر.
ولم يذكروا له دليلًا.
النتيجة:
أن الإجماع متحقق بعد الخلاف؛ لعدم وجود المخالف في المسألة بعد زمن المخالفين، فلم أجد من تابعهم من أصحاب المذاهب، أو غيرهم من العلماء، مما يدل على أن هذا القول المخالف قد اندرس، واللَّه تعالى أعلم.
[10 - 297] وجوب استعمال الماء للمتيمم إذا وجده:
إذا وجد المتيمم الماء، فإنه يجب عليه أن يغتسل أو يتوضأ لما يستقبل.
وهي قريبة من المسألة الماضية (8)، إلا أن بينهما فرقًا، وهو أن السابقة في حصول النقض بوجود الماء، وفي مسألتنا هذه حصول الأمر بالطهارة -غسلًا أو وضوءًا-
(1) سبق تخريجه.
(2)
"الاستذكار"(1/ 313)، و"المجموع"(2/ 255).
(3)
"المغني"(1/ 329).
(4)
"المغني"(1/ 329).
(5)
"الاستذكار"(1/ 313)، و"المنتقى"(1/ 109).
(6)
"تبيين الحقائق"(1/ 42).
(7)
"المنتقى"(1/ 109).
(8)
مسألة التيمم لا يرفع الحدث ولا الجنابة.
بوجود الماء لما يستقبل، والتفريق بينهما ظاهر في كلام ابن المنذر (1).
• من نقل الإجماع: ابن المنذر (318 هـ) حيث يقول: "وأجمعوا على أنه إذا تيمم للمكتوبة في أول الوقت؛ فلم يصلّ، ثم صار إلى مكان فيه ماء؛ أن عليه أن يعيد الطهارة (2)؛ لأنه حين وصل إلى الماء انتقضت طهارته"(3).
ابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول: "وقد غلط بعض الناس في هذا المعنى عن ابن مسعود، فزعم أنه كان يرى الجنب إذا تيمم، ثم وجد الماء؛ لم يغتسل، ولا وضوء عليه حتى يحدث، وهذا لا يقوله أحد من علماء المسلمين، ولا روي عن أحد من السلف، ولا الخلف فيما علمت، إلا عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، ولا يعرف عنه، والمحفوظ عن ابن مسعود ما وصفنا عنه"(4).
وقال معلقًا على قول أبي سلمة: "وأما سائر العلماء، الذين هم الحجة على من خالف جميعهم؛ فقالوا في الجنب إذا تيمم، ثم وجد الماء: إنه يلزمه الغسل لما يستقبل"(5).
ويقول في سياق استدلال له: "بدليل الإجماع على أن الجنب إذا صلى بالتيمم، ثم وجد الماء؛ لزمه الغسل، وأن المتيمم غير الجنب، يلزمه الوضوء إذا وجد الماء"(6). ونقله عنه القرافي (7).
النووي (676 هـ) حيث يقول: "وإذا صلى الجنب بالتيمم، ثم وجد الماء، وجب عليه الاغتسال بإجماع العلماء، إلا ما حكي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن الإمام التابعي أنه قال: لا يلزمه، وهو مذهب متروك بإجماع من قبله، ومن بعده، وبالأحاديث الصحيحة المشهورة، في أمره عليه الصلاة والسلام للجنب بغسل بدنه إذا وجد الماء"(8).
ابن تيمية (728 هـ) حيث يقول: "فإنه قد ثبت بالنص والإجماع، أنه إذا قدر على
(1)"الإجماع"(14).
(2)
في طبعتي (التيمم)، وهو تصحيف، انظر:"أحكام الإجماع والتطبيقات عليها"(229).
(3)
"الإجماع"(14).
(4)
"الاستذكار"(1/ 304)، وانظر:"التمهيد"(19/ 291).
(5)
"الاستذكار"(1/ 313).
(6)
"الاستذكار"(1/ 318).
(7)
"الذخيرة"(1/ 365).
(8)
"شرح مسلم"(4/ 57)، وانظر:"المجموع"(2/ 241).
استعمال الماء استعمله، وإن لم يتجدد بعد الجنابة الأولى جنابةٌ ثانية، بخلاف الماء" (1).
ابن الملقن (804 هـ) حيث نقل نحو عبارة النووي دون إشارة كما هي عادة المتقدمين (2).
ابن نجيم (970 هـ) حيث يقول: "فصار الأصل أنه متى قدر على الاغتسال بوجه من الوجوه لا يباح له التيمم إجماعًا"(3). ونقله عنه ابن عابدين (4).
الشوكاني (1250 هـ) حيث يقول: "وإذا صلى الجنب بالتيمم، ثم وجد الماء، وجب عليه الاغتسال بإجماع العلماء، إلا ما يُحكى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن الإمام التابعي أنه قال: لا يلزمه، وهو مذهب متروك بإجماع من بعده ومن قبله، وبالأحاديث الصحيحة المشهورة في أمره صلى الله عليه وسلم للجنب بغسل بدنه إذا وجد الماء"(5).
ابن قاسم (1392 هـ) حيث يقول عن الماء: "لكن إذا وجده الجنب وجب عليه الاغتسال إجماعًا"(6).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع الحنفية (7)، وابن حزم (8).
• مستند الإجماع:
1 -
حديث عمران بن الحصين رضي الله عنه، قال: كنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في سفر. . . "، وفيه: "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلى بالناس، فلما انفتل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من صلاته؛ إذ هو برجل معتزل لم يصل مع القوم، فقال:"ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم؟ ". قال: أصابتني جنابة ولا ماء، قال:"عليك بالصعيد؛ فإنه يكفيك"، ثم قال: وكان آخر ذلك أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناء من ماء، وقال:"اذهب فأفرغه عليك"(9).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى المتيمم ماءً ليتوضأ؛ بعد أن تيمم، ولو كانت الطهارة بالماء بعد التيمم غيرَ واجبة؛ لما فعل ذلك عليه الصلاة والسلام (10).
(1)"مجموع الفتاوى"(21/ 359).
(2)
"الإعلام"(2/ 138).
(3)
"البحر الرائق"(1/ 149).
(4)
"حاشية ابن عابدين"(1/ 234).
(5)
"نيل الأوطار"(1/ 320)، وظاهر من عبارته أنه استقاها من عبارة النووي.
(6)
"حاشية الروض"(1/ 301).
(7)
"بدائع الصنائع"(1/ 57).
(8)
"المحلى"(1/ 351).
(9)
البخاري كتاب التيمم، باب الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه من الماء، (ح 337)، (1/ 131).
(10)
"المحلى"(1/ 351).