الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النتيجة:
أن الإجماع متحقق بعد الاختلاف، وهم على قسمين: الوجوب، والظاهر -واللَّه أعلم- أن الخلاف شاذٌ، واندرس فيما بعد، فلم يعد يُذكر عن أيٍّ من العلماء في القرون التاليةِ لعصر من نُقل عنهم الخلاف، ولم أجد من قال به من أصحاب المذاهب، فالظاهر أن الإجماع قد استقر على عدم الوجوب، كما ذكر ذلك القاضي عياض (1)، والنووي، وابن تيمية، وقد سبق كلامهما.
أما قول النخعي، فهو قول شاذ، لا دليل عليه، ويقال فيه ما قيل في القول الآخر، واللَّه تعالى أعلم.
[45 - 154] استحباب تجديد الوضوء لكل صلاة:
إذا أراد المسلم الصلاة، وهو على وضوءٍ سبق أن صلى به صلاة أخرى، فإنه يستحب له أن يجدد وضوءه، وعلى ذلك حُكي الإجماع.
• من نقل الإجماع: القاضي عياض (544 هـ) حيث يقول: "ولكن تجديده -أي الوضوء- لكل صلاة مستحب، وعلى هذا أجمع أهل الفتوى بعد ذلك، ولم يبق بينهم فيه خلاف"(2).
أي: لم يبق بينهم من يقول بالوجوب، بل كلهم يقول بالاستحباب. نقله عنه النووي (3)، ونقله عن النوويِّ الشوكانيُّ (4).
ابن قاسم (1392 هـ) حيث يقول: "وتجديده كل صلاة مستحب إجماعًا"(5).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع الحنفية (6)، والمالكية (7)، والشافعية (8)، والحنابلة في الصحيح من المذهب عندهم (9).
• مستند الإجماع:
1 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "لولا أن أشق
(1) انظر ما نقله عنه النووي في "شرح مسلم"(3/ 103).
(2)
لم أجد عبارته، وانظر:"إكمال المعلم"(2/ 97).
(3)
"شرح مسلم"(3/ 103).
(4)
"نيل الأوطار"(1/ 257)، (1/ 264).
(5)
"حاشية الروض"(1/ 181).
(6)
"المبسوط"(1/ 5).
(7)
"التاج والإكليل"(1/ 440)، و"مواهب الجليل"(1/ 303).
(8)
"شرح مسلم"(3/ 103).
(9)
"المغني"(1/ 198)، و"الفروع"(1/ 155)، و"الإنصاف"(1/ 147).
على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء، أو مع كل وضوء سواك" (1).
• وجه الدلالة: فهذا الحديث دليل على أن التجديد مستحب، وأنه غير مأمورٍ به للوجوب، واللَّه تعالى أعلم.
2 -
حديث أنس رضي الله عنه، قال:"كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة، قيل له: كيف كنتم تصنعون؟ قال: يجزئ أحدنا الوضوء ما لم نحدث"(2).
• وجه الدلالة: حيث كان فعل الصحابة عدم الالتزام بالتجديد، والنبي صلى الله عليه وسلم موجود، والسكوت عن البيان غير جائز، والنبي عليه الصلاة والسلام منزّه عن ذلك؛ فدل على استحباب التجديد، وعدم وجوبه، واللَّه تعالى أعلم.
• الخلاف في المسألة: خالف أحمد في رواية عنه، فقال بعدم استحباب التجديد (3).
ولم يذكروا له دليلًا، وإن كان القول عنه مشهورًا في كتبهم، ولكن قد يقال بأنه أخذه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الخندق، فهو لم يجدد الوضوء، مما يعني النسخ لفعله السابق.
وخالف النخعي في قولٍ منسوب إليه بأنه لا يصلي بوضوئه أكثر من خمس صلوات (4). وليس له دليل.
وخالف أحمد رواية أخرى بأنه لا يداوم على التجديد (5)، مما يعني كراهة المداومة، وهذا ينافي الاستحباب المطلق في مسألتنا.
وخالف أحمد في قول محكيّ عنه أيضًا بأنه يكره التجديد (6).
ولم يذكروا لهاتين الروايتين دليلًا، وربما لم يثبت لهم دليل على استحباب التجديد، واللَّه تعالى أعلم.
(1) أحمد (ح 7504)، (2/ 258)، "سنن النسائي الكبرى" كتاب الصيام، السواك للصائم للغداة، (ح 3039)، (2/ 197)، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع"(ح 5318).
(2)
سبق تخريجه.
(3)
"المغني"(1/ 198)، و"الفروع"(1/ 155)، و"الإنصاف"(1/ 147).
(4)
"مراتب الإجماع"(43).
(5)
"الفروع"(1/ 155)، و"الإنصاف"(1/ 147).
(6)
"الفروع"(1/ 155)، و"الإنصاف"(1/ 147).