الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• الخلاف في المسألة: خالف ابن حزم هذا الإجماع، ونقده في "المحلى"، مع أنه أحد ناقليه في كتابه "المراتب" كما سبق، حيث قال:"وليس كما قالوا، أما دعوى الإجماع فباطل، وما وجدنا في هذا عن أحد من الصحابة كلمة، ولا عن أحد التابعين، إلا عن ثلاثة نفر: إبراهيم النخعي -على أن الطريق إليه واهية- وحماد والحسن فقط، عن اثنين منهم الوضوء، وعن الثالث إيجاب الغسل"(1).
فدليله عدم الدليل الموجب.
وفي كلام محمد بن داود ما يوافق كلامه، حيث استثنى من ذهب عقله من ذهاب العقل بالنوم، وجعل النوم ناقضًا (2)، مما يدل على أنهم يقولون - الظاهرية - بنقض النوم دون زوال العقل، بناء على منع القياس عندهم.
وقد نسب ابن رشد مسألة الباب إلى جمهور العلماء (3)، فهذا يوحي أنه يعلم في المسألة خلافًا، لكنه لم يذكر شيئًا، واللَّه تعالى أعلم.
وقال المرداوي عبارة مناقضة للإجماع، حيث يقول:"زوال العقل بغير النوم لا ينقض إجماعًا، وينقض بالنوم في الجملة"(4).
وراجعت الطبعة المحققة (5)؛ فوجدت نفس العبارة، ولعل كلمة (لا) زائدة، فهو يقصد أنه ناقض، بدليل سياق الكلام بعده، واللَّه تعالى أعلم.
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق؛ لوجود المخالف في المسألة، وهم الظاهرية، إلا على قول من لم يعتبرهم من الفقهاء (6)، واللَّه تعالى أعلم.
[11 - 201] ذهاب العقل بالسكر ينقض الوضوء:
إذا شرب المتوضئ الخمر، وزال عقله، فإن وضوءه ينتقض، وحكي الإجماع على ذلك.
وقد فصلت هذه المسألة عن سابقتها؛ لأن ذهاب العقل بالسكر من فعل الإنسان، وتلك ليست من فعله، فكان الفصل أنسب.
(1)"المحلى"(1/ 211).
(2)
"الإقناع" لابن القطان (1/ 140) نقله عنه.
(3)
"بداية المجتهد"(1/ 71).
(4)
"الإنصاف"(1/ 119).
(5)
"الإنصاف"(2/ 20).
(6)
انظر مناقشة المسألة في "التمهيد".
• من نقل الإجماع: ابن حزم (456 هـ) حيث يقول: "واتفقوا على. .، وكذلك ذهاب العقل بسكر أو إغماء أو جنون"(1).
ابن قدامة (620 هـ) حيث يقول: "زوال العقل على ضربين؛ نوم وغيره، فأما غير النوم، وهو الجنون والإغماء والسكر وما أشبهه من الأدوية المزيلة للعقل؛ فينقض الوضوء؛ يسيره وكثيره إجماعًا"(2).
النووي (676 هـ) حيث يقول: "واتفقوا على أن زوال العقل بالجنون والإغماء والسكر بالخمر أو النبيذ أو البنج أو الدواء ينقض الوضوء، سواء قل أو كثر، وسواء كان ممكّن المقْعدة أو غير ممكنها"(3). ونقله عنه الشوكاني (4).
ابن حجر الهيتمي (974 هـ) حيث يقول معددًا النواقض: "الثاني: زوال العقل؛ أي التمييز بجنون؛ أو إغماء؛ أو نحو سكر، ولو ممكنا مقعده إجماعًا"(5).
الصنعاني (1182 هـ) حيث يقول: "هذا وقد ألحق بالنوم الإغماء والجنون والسكر بأي مسكر، بجامع زوال العقل، وذكر في "الشرح" (6) أنهم اتفقوا على أن هذه الأمور ناقضة، فإن صح؛ كان الدليل الإجماع"(7).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع الحنفية (8)، والمالكية (9).
• مستند الإجماع: يُستند هنا بأدلة نقض الوضوء بزوال العقل، فالسكر يزول معه العقل، وهو مظنة الحدث مع زوال العقل، سواء كان الزوال بإرادة الإنسان أو لا؛ لأن العلة موجودة في الحالتين وهي زوال العقل، واللَّه تعالى أعلم.
• الخلاف في المسألة: خالف الخراسانيون من الشافعية في السكران، نقله النووي عنهم، وقال:"ولا خلاف في شيء من هذا؛ إلا وجهًا للخراسانيين أنه لا ينتقض وضوء السكران؛ إذا قلنا: له حكم الصاحي في أقواله وأفعاله"(10).
(1)"مراتب الإجماع" لابن حزم (40).
(2)
"المغني"(1/ 234)، وانظر:"الشرح الكبير"(2/ 20).
(3)
"شرح مسلم"(4/ 74).
(4)
"نيل الأوطار"(1/ 242).
(5)
"تحفة المحتاج"(1/ 135).
(6)
يقصد "البدر التمام شرح بلوغ المرام".
(7)
"سبل السلام"(1/ 90)
(8)
"فتح القدير"(1/ 50)، و"البحر الرائق"(1/ 41، 42).
(9)
"مواهب الجليل"(1/ 294)، و"الفواكه الدواني"(1/ 114).
(10)
"المجموع"(2/ 25).