الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال "توضأ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مرة مرة"(1).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم ورد عنه أنه توضأ بغسل الأعضاء مرة واحدة، وهذه سنة فعلية، ولو كان التثليث واجبًا لالتزم به عليه الصلاة والسلام (2).
• الخلاف في المسألة: نقل النووي عن بعض الشافعية حكايتهم قولًا عن بعض العلماء بوجوب التثليث، ولكنه أنكر صحته، ولم يعتبره (3).
ونقله ابن حجر أيضًا عن بعض العلماء، وأنكره أيضًا (4).
ونُقل عن ابن أبي ليلى مخالفته بقوله بوجوب التثليث (5).
واستُدل (6) لهذا القول بظاهر حديث عمرو بن شعيب عن أَبيه عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثًا ثلاثًا، ثم قال:"فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم"(7).
النتيجة:
أن الإجماع متحقق؛ لعدم وجود المخالف المعتبر في المسألة، فأما ما نقله النووي وابن حجر؛ فلم يذكروا عالمًا معينًا ولم يتابعهم عليه أحد، وأنكره أيضًا، مما يقوي شذوذه، وأما ابن أبي ليلى؛ فلم يثبت عنه، بالإضافة إلى مخالفة الأحاديث الصحيحة، واللَّه تعالى أعلم.
[21 - 98] إجزاء الغسلة الواحدة إذا عمت:
إذا غسل المتوضئ عضوه مرة واحدة، وكانت سابغة، فإنها مجزئة له، وعلى ذلك الإجماع.
• من نقل الإجماع: الترمذي (279 هـ) حيث يقول: "والعمل على هذا عند عامة أهل العلم أن الوضوء يجزئ مرة مرة، ومرتين أفضل، وأفضله ثلاث، وليس بعده
(1) البخاري كتاب الوضوء، باب الوضوء مرة مرة، (ح 156)، (1/ 70).
(2)
"نيل الأوطار"(1/ 217).
(3)
"المجموع"(1/ 461).
(4)
"فتح الباري"(1/ 234).
(5)
"المجموع"(1/ 465)، وقد بحثت عن هذا القول فلم أجده في "المصنف" لابن أبي شيبة (1/ 18)، ولا في "الأوسط"(1/ 407).
(6)
"فتح الباري"(1/ 234).
(7)
أبو داود كتاب الطهارة، باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا، (ح 135)، (1/ 33)، و"سنن البيهقي الكبرى" باب كراهية الزيادة على الثلاث، (ح 279)، (1/ 79)، وصححه النووي في "المجموع"(1/ 466)، قال ابن حجر:"إسناده جيد"، "فتح الباري"(1/ 234).
شيء" (1).
ابن جرير الطبري (310 هـ) حيث نقل عنه النووي حكايته الإجماع في المسألة (2).
نقله عنه النووي (3)، وابن قاسم (4).
ابن المنذر (318 هـ) حيث يقول: "أجمع أهل العلم لا اختلاف بينهم على أن من توضأ مرة مرة، فأسبغ الوضوء؛ أن ذلك يجزيه"(5).
ابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول: "والغسلة الواحدة إذا أوعبت تجزئ بإجماع العلماء؛ لأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد توضأ مرة مرة، ومرتين، وثلاثة، وهذا أكثر ما فعل من ذلك عليه الصلاة والسلام، وتلقت الجماعة ذلك من فعله على الإباحة والتخيير في الثنتين، والثلاث، إلا إن ثبت أن شيئًا من ذلك نسخ لغيره، فقف على إجماعهم فيه"(6).
وقال أيضًا: "وأجمع العلماء أن غسلة واحدة سابغة في الرجلين، وسائر الوضوء تجزئ"(7).
وقال أيضًا: "وأجمعت الأمة أن من توضأ مرة واحدة سابغة؛ أجزأه"(8).
ابن حزم (456 هـ) حيث يقول: "واتفقوا على أن الوضوء مرة مرة مسبغة في الوجه والذراعين والرجلين يجزئ"(9).
الكاساني (587 هـ) حيث يقول: "ولا خلاف في أن النجاسة الحكمية، وهي الحدث والجناية تزول بالغسل مرة واحدة، ولا يشترط فيها العدد"(10).
ابن تيمية (728 هـ) حيث يقول: "ومسح الرأس مرة مرة يكفي بالاتفاق، كما يكفي تطهير سائر الأعضاء مرة"(11).
الحطاب (954 هـ) حيث يقول: "لأنا لا نعلم أن أحدًا يقول بحرمة الاقتصار عليها"(12)، أي: الواحدة.
(1)"سنن الترمذي"(1/ 54) مع "العارضة".
(2)
بحثت عنه فلم أجده.
(3)
"المجموع"(1/ 465).
(4)
"حاشية الروض"(1/ 176).
(5)
"الأوسط"(1/ 407).
(6)
"الاستذكار"(1/ 124)، ونحو هذه العبارة في "التمهيد"(20/ 117).
(7)
"التمهيد"(20/ 129).
(8)
"التمهيد"(20/ 260).
(9)
"مراتب الإجماع"(38).
(10)
"بدائع الصنائع"(1/ 87).
(11)
"مجموع الفتاوى"(21/ 125).
(12)
"مواهب الجليل"(1/ 262).
الشوكاني (1250 هـ) حيث يقول: "وقد أجمع العلماء على أن الواجب غسل الأعضاء مرة واحدة"(1).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع الشافعية (2).
• مستند الإجماع:
1 -
حديث ابن عباس رضي الله عنهما "توضأ النبي صلى الله عليه وسلم مرة مرة"(3).
2 -
حديث عبد اللَّه بن زيد رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم "توضأ مرتين مرتين"(4).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ بغسلة واحدة للعضو، ومرتين، وهذه سنة فعلية يجب الأخذ بها، على أنها دليل على جواز الاقتصار على غسلة واحدة، وأنها مجزئة، وأن الثلاث غير ملزمة، ولكن بشرط الإنقاء، واللَّه تعالى أعلم.
• الخلاف في المسألة: نُقل عن ابن أبي ليلى أنه لا يجزئ ما دون الثلاث، نقله النووي، ثم قال:"وهذا مذهب باطل، لا يصح عن أحد من العلماء، ولو صح؛ لكان مردودًا بإجماع من قبله"(5).
ولكن عن مالك قول بوجوب اثنتين فما فوق (6).
وهنا كلام مشكل للحطاب، حيث قال:"أن المقتصر على الواحدة تارك للفضل، وتارك الفضل مقصر، ولا يجوز الاقتصار على الواحدة بإجماع، كما لا تجوز الزيادة على الثلاث، إذا عم بها بإجماع"(7).
قال هذا الكلام بعد أن نقل كلامًا للقرافي، ثم قال بعده:(انتهى)، والظاهر أنه يقصد أنه كلام القرافي.
وقد راجعت كلام القرافي، فوجدت الكلام السابق، ولم أجد اللاحق (8)، فالظاهر أن هناك تصحيفًا، أو وهمًا في دعوى الإجماع، ويحمل كلام الحطاب على الكراهة، وقال بعدها:"لأنا لا نعلم أن أحدًا يقول بحرمة الاقتصار عليها -أي: على الواحدة"(9)، واللَّه تعالى أعلم.
(1)"نيل الأوطار"(1/ 180).
(2)
"المجموع"(1/ 465).
(3)
سبق تخريجه.
(4)
البخاري كتاب الوضوء، باب الوضوء مرتين مرتين، (ح 157)، (1/ 70)، مسلم كتاب الطهارة، باب في وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، (ح 235)، (1/ 210).
(5)
"المجموع"(1/ 465).
(6)
"مواهب الجليل"(1/ 261).
(7)
"مواهب الجليل"(1/ 262).
(8)
"الذخيرة"(1/ 286).
(9)
"مواهب الجليل"(1/ 262).