الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
أن الماء إذا تغير بالنجاسة، فتغير لونه أو ريحه أو طعمه، لم يصبح ماء، وانتقل إلى مسمى آخر بحسب ما غيره، فلم يجز أن يتوضأ به؛ لأنه أصبح متغيرًا بالنجاسة، وما غيرته النجاسة أصبح منها، واللَّه تعالى أعلم.
النتيجة:
أن الإجماع في هذه المسألة متحقق بلا شك، فقد رأينا أن عددًا كبيرًا من العلماء صرح بهذا الإجماع، ولم يذكر لهم مخالف، واللَّه تعالى أعلم.
[11 - 11] الماء الكثير الواقع فيه نجاسة ولم يتغير فهو طهور:
الماء لا يخلو حاله إذا وقعت النجاسة فيه من حالتين:
إما أن يكون قليلا فتغيره النجاسة، فيأخذ حكمها.
وإما أن يكون كثيرًا؛ فلا يخلو من حالتين:
إما أن يتغير، فيكون حكمه حكمها.
وإما أن لا يتغير، فيكون حكمه الطهارة، وقد حكى عدد من العلماء الإجماع في هذه المسألة.
أما تقدير الكثرة، فقد قدرها البعض بما إذا حرك وسطه لم يتحرك طرفاه (1)، والبعض قدرها بما زاد عن القلتين (2)، وعلى العموم فتقدير الكثرة ليست مسألتنا.
• من نقل الإجماع: ابن المنذر (318 هـ) حيث يقول: "وأجمعوا أن الماء الكثير من النيل والبحر ونحو ذلك، إذا وقعت فيه نجاسة، فلم تغير له طعمًا أو لونًا أو ريحًا، أنه بحاله ويتطهر منه"(3). ونقله عنه ابن قدامة (4)، وابن قاسم (5).
ابن حزم (456 هـ) حيث يقول: "واتفقوا أن الماء الراكد إذا كان من الكثرة، بحيث إذا حرك وسطه لم يتحرك طرفاه ولا شيء منهما، فإنه لا ينجسه شيء إلا ما غير لونه أو طعمه أو رائحته"(6).
ابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول: "وفي هذا الحديث (7) أن الماء إذا غلب على
(1)"مراتب الإجماع"(36).
(2)
"المغني"(1/ 36)، "البناية"(1/ 373).
(3)
"الإجماع"(13).
(4)
"المغني"(1/ 56).
(5)
"حاشية الروض"(1/ 75).
(6)
"مراتب الإجماع"(36).
(7)
حديث أم قيس بنت محصن في الطفل الذي بال في حجر النبي صلى الله عليه وسلم الطاهر.
النجاسات وغمرها طهرها، وكان الحكم له لا لها، ولو كان إذا اختلط بالنجاسات لحقته النجاسة ما كان طهورًا، ولا وصل به أحد إلى الطهارة، وهذا مردود بأن اللَّه عز وجل سماه طهورًا، وأجمع المسلمون على ذلك في كثيره، وإن اختلفوا في معانٍ من قليله" (1).
ابن رشد الجد (520 هـ) حيث يقول: "لا خلاف أن الماء الكثير لا ينجسه ما حل فيه من النجاسة إلا أن يغير أحد أوصافه". نقله عنه الموَّاق (2).
ابن رشد (595 هـ) حيث يقول: "واتفقوا على أن الماء الكثير المستبحر لا تضره النجاسة التي لم تغير أحد أوصافه، وأنه طاهر"(3).
ابن قدامة (620 هـ) في حديثه عن البرك التي صنعت موردًا للحاج، يشرب منها، ويجتمع فيها ماء كثير:"فتلك لا تتنجس بشيء من النجاسات ما لم تتغير، لا نعلم أحدًا خالف في هذا"(4).
ابن دقيق العيد (702 هـ) حيث يقول: "لأن الاتفاق واقع على أن الماء المستبحر الكثير لا تؤثر فيه النجاسة"(5). ونقله عنه العراقي (6)، ونقل الشوكاني عبارته دون أن ينسبها إليه (7).
العيني (855 هـ) حيث يقول: "أن هذا الحديث (8) عام، فلا بد من تخصيصه اتفاقًا بالماء المستبحر، الذي لا يتحرك أحد طرفيه بتحريك الطرف الآخر"(9).
الحطاب (954 هـ) حيث يقول شارحًا كلامًا للمؤلف: "يعني أن الماء الكثير إذا خالطه شيء نجس، ولم يغيره؛ فإنه على طهوريته، ويعلم قدر الكثير من تحديد القليل الآتي، ثم إن هذا الكثير إن اتفقت الأمة على أنه كثير؛ فلا خلاف في طهوريته، سواء خلط بنجس أو طاهر"(10).
(1)"التمهيد"(9/ 108).
(2)
"التاج والإكليل"(1/ 73).
(3)
"بداية المجتهد"(1/ 51).
(4)
"المغني"(1/ 56)، وانظر (1/ 42).
(5)
"إحكام الإحكام"(1/ 71).
(6)
"طرح التثريب"(1/ 36).
(7)
"نيل الأوطار"(1/ 50)، ولا أدري هل نقلها عن العراقي أو ابن دقيق العيد.
(8)
يعني حديث النهي عن البول في الماء الراكد.
(9)
"البناية"(1/ 373).
(10)
"مواهب الجليل"(1/ 53)، وانظر:(1/ 76).