الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن جابر بن عبد اللَّه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل معروف صدقة)(1).
• وجه الاستدلال: فيه أن الشريعة حثت على بذل المعروف والبر، وعدَته من القرب، والهبة من هذا النوع.
الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو أُهدي إليَّ ذراع لقبلت، ولو دُعيت إلى كراع لأجبت)(2).
• وجه الاستدلال: أن من مقاصد الشريعة التوادد والتحابب، والهبة أحد وسائل تحقيق هذا المقصد.
النتيجة:
صحة الإجماع في مشروعة الهبة بالجملة (3).
[98 - 2] الهبة التامة لا تصح إلا بالقبض مع الإيجاب
• المراد بالمسألة: أن الهبة هي من جملة العقود، ومن شرط صحتها قبض الموهوب له للهبة حتى تكون نافذة، لأن القبض لثبوت الملك، فإذا لم يقبضها جاز للواهب الرجوع والتصرف فيها.
• من نقل الإجماع: ابن المنذر (318 هـ) قال: [وأجمع أهل العلم على أن الرجل إذا وهب لرجل دارًا، أو أرضًا، أو عبدًا، على غير عوض، بطيب من نفس المعطي، وقبل الموهوب له ذلك، وقبضه، بدفع من الواهب ذلك إليه، وحازه: أن الهبة تامة](4).
ابن هبيرة (560 هـ) قال: [واتفقوا على أن الهبة تصح بالإيجاب والقبول والقبض](5).
(1) رواه: البخاري رقم (6021)، ومسلم رقم (52)، من حديث حذيفة رضي الله عنه.
(2)
رواه: البخاري، كتاب الهبة، باب القليل من الهبة، رقم (2568).
(3)
انظر المسألة في: أعلام الموقعين (2/ 28).
(4)
الإجماع (ص 154)، والإشراف على مذاهب العلماء (7/ 73 - 74).
(5)
الإفصاح عن معاني الصحاح (2/ 21).
الكاساني (587 هـ) قال: [القبض. . ولنا إجماع الصحابة وهو ما روينا أن سيدنا أبا بكر وسيدنا عمر اعتبرا القسمة والقبض لجواز النُّحلى بحضرة الصحابة ولم ينقل أنه أنكر عليهما منكر فيكون إجماعًا](1).
ابن قدامة (620 هـ) قال: [فإن المكيل والموزون لا تلزم فيه الصدقة والهبة إلا بالقبض. . ولنا إجماع الصحابة](2).
• الموافقون على الإجماع: الشافعية (3)، وابن حزم من الظاهرية (4)، والشوكاني (5).
قال السرخسي: (. . . ثم الملك لا يثبت في الهبة بالعقد قبل القبض عندنا)(6).
قال السمرقندي: (وأما ركن الهبة فهو الإيجاب والقبول. . . وأما شرائط الصحة: فمنها القبض حتى لا يثبت الملك للموهوب له قبل القبض)(7).
قال الموصلي: (وتصح بالإيجاب والقبول والقبض، أما الإيجاب والقبول فلأنه عقد تمليك ولا بد فيه منهما، وأما القبض فلأن الملك لو ثبت بدونه للزم المتبرع شيء لم يلتزمه وهو التسليم)(8).
قال القرافي: (لا تلزم الصدقة والهبة بالقبول وله الرجوع، ولا يقضى عليه، بل إنما يحصل الملك ويتعلق الحق بالقبض، والفرق بين الهبة فلا
(1) بدائع الصنائع (6/ 133).
(2)
المغني (8/ 255)، وهي إحدى الروايتين عن أحمد في المكيل والموزون، والثانية مطلقًا.
(3)
شرح المحلي على المنهاج (4/ 287).
(4)
مراتب الإجماع (ص 172).
(5)
الدرر المضية (2/ 144 - 145).
(6)
المبسوط، (12/ 48).
(7)
تحفة الفقهاء، (3/ 254 - 256).
(8)
الاختيار لتعليل المختار، (3/ 48).
تملك إلا بالقبض، ويكفي في الصدقة القبول لأنها للَّه تعالى) (1).
قال الخطيب الشربيني: (وشرط الهبة إيجاب وقبول لفظًا من الناطق مع التواصل المعتاد كالبيع)(2).
قال البهوتي: (وتنعقد الهبة بإيجاب وقبول بأي لفظ دل عليهما، وبمعاطاة بفعل يقترن بما يدل عليها أي الهبة)(3).
قال الشوكاني: (وإلى اعتبار القبول في الهبة ذهب الشافعي ومالك والناصر والهادوية. . . وذهب الجمهور إلى أن الهدية لا تنتقل إلى المهدي إليه إلا بأن يقبضها هو أو وكيله)(4).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن جابر بن عبد اللَّه قال: أقبلنا من مكة إلى المدينة مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأعيا جملي قال: فنزل منزلًا دون المدينة، قال: قلت: يا رسول اللَّه إني حديث عهد بعرس. . وذكر بعض الحديث، قال ثم قال لي:(بعني جملك هذا) قال: فقلت لا، هو لك، قال:(لا، بعنيه) قال: قلت لا، بل هو لك، قال:(لا، بل بعنيه) قلت: فإن لرجل علي أوقية ذهب فهو لك بها. قال: (قد أخذته)(5).
• وجه الاستدلال: أن فيه التصريح بأن الهبة لا تتم إلا بقبول الموهوب له من الواهب، حيث ردها النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني: ما رُوي من قصة أبي بكر الصديق رضي الله عنه في حديث هبته لعائشة حيث قال لها عند موته: (. . وإني كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقًا من مالي بالعالية، وإنك لم تكوني قبضتيه ولا حزتيه، وإنما هو مال
(1) الذخيرة، (6/ 230).
(2)
مغني المحتاج، (2/ 397).
(3)
كشاف القناع، (4/ 251).
(4)
نيل الأوطار، (6/ 102).
(5)
رواه: مسلم، كتاب المساقاة، باب بيع البعير واستثناء ركوبه، رقم (715).
الورثة. .) (1).
• وجه الاستدلال: أن أبا بكر رضي الله عنه استرد ما نحله لعائشة لكونها لم تقبضه، فدل على شرط القبض في صحة الهبة.
الثاني: عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: (إني قد أهديت إلى النجاشي حلة وأواقي من مسك، ولا أرى النجاشي إلا قد مات، ولا أرى هديتي إلا مردودة علي، فإن ردت علي فهي لك. وكان كما قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم)(2)
• وجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم علق رجوع هبته للنجاشي على عدم قبضها لها، وذلك بسبب موته، فدل على اشتراط القبض.
الثالث: ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: (ما بال رجالٍ ينحلون أبناءهم نحلًا ثم يمسكونها، فإن مات ابن أحدهم قال: مالي بيدي لم أعطه أحدًا، وإن مات قال هو لابني قد كنت أعطيته إياه، فمن نحل نحلة فلم يحزها الذي نحلها للمنحول له وأبقاها عنده حتى تكون إن مات لورثته فهي باطلة)(3)
(1) رواه: مالك، في الموطأ، كتاب الأقضية، باب ما لا يجوز من النحل، رقم (2/ 483)، والطحاوي، في شرح معني الآثار (4/ 380)، وشرح السنة، البغوي (8/ 302). وصححه الألباني. انظر: إرواء الغليل، رقم (1619).
(2)
رواه: أحمد، رقم (27276)، وابن حبان، كتاب الهبة رقم (5114)، وصحح الحاكم إسناده في المستدرك (2/ 188) وتعقبه الذهبي، وقال: منكر فيه مسلم الزنجي ضعيف، انظر: لسان الميزان (9/ 422)، وضعفه الألباني أيضًا في إرواء، الغليل، رقم (1620).
(3)
رواه: مالك في الموطأ، كتاب الأقضية، باب ما لا يجوز في النحل، رقم (2/ 483)، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الهبات، باب شرط القبض في الهبة، رقم (6/ 169)، وابن حزم في المحلى:(9/ 122)، وعبد الرزاق، كتاب الوصايا، باب النحل، رقم (16509).