الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأول: عن عبد اللَّه بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)(1).
• وجه الدلالة: ما قاله مالك (فلو كان الموصي لا يقدر على تغيير وصيته، كان كل موص قد حبس ماله الذي أوصى فيه)(2).
الثاني: عن عمر رضي الله عنه قال: (يغير الرجل ما شاء من وصيته)(3).
• وجه الدلالة: أن هذا قول صحابي لا يعرف له مخالف، فكان إجماعًا.
الثالث: أنها عطية تنجز بالموت، ولم تنزل الملك، فجاز له الرجوع عنها قبل تنجيزها، قياسًا على هبة ما يفتقر إلى القبض قبل قبضه (4).
الرابع: أن عقد الوصية غير لازم بل هو من العقود الجائزة إجماعًا، وما كان من العقود هذه صفته فلصاحبه الرجوع فيه (5).
الخامس: أن القبول في الوصية إنما يعتبر بعد الموت، وكل عقد لم يقترن بإيجابه القبول فللموجب الرجوع فيه (6).
النتيجة:
صحة الإجماع في جواز رجوع الموصي في وصيته (7).
[148 - 7] الوصية الصحيحة تكون من الحر البالغ العاقل
• المراد بالمسألة: أنه لابد أن يكون الموصي ببعض ماله جائز التصرف
(1) سبق تخريجه.
(2)
الموطأ (2/ 761) تحت رقم (1453)، والاستذكار (23/ 21).
(3)
رواه: البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الوصايا، باب الرجوع في الوصية وتغييرها، رقم (13029). وصحح الأثر الألباني. انظر: إرواء الغليل، رقم (1658).
(4)
انظر: الحاوي الكبير (8/ 305)، والهداية (4/ 586) والكافي (ص 542)، والمغني (8/ 468)، وأسنى المطالب (6/ 149).
(5)
انظر: بدائع الصنائع (10/ 566)، والشرح الكبير للدردير المالكي (6/ 486).
(6)
انظر: أسنى المطالب (6/ 149 - 150).
(7)
انظر المسألة في: التمهيد (14/ 309).
حتى تنفذ وصيته، وجائز التصرف هو: الحر، البالغ، العاقل.
• من نقل الإجماع: مالك بن أنس (179 هـ) قال: [الأمر المجتمع عليه عندنا أن الأحمق والسفيه والمصاب الذي يفيق أحيانًا أن وصاياهم تجوز إذا كان معهم من عقولهم ما يعرفون به الوصية](1).
ابن المنذر (319 هـ) قال: [أجمع أهل العلم على أن وصية الحر والحرة البالغين جائزي الأمر جائزة](2).
ابن حزم (456 هـ) قال: [واتفقوا أن وصية العاقل البالغ الحر المسلم المصلح لماله نافذة](3).
ابن قدامة (620 هـ) قال: [فأما الطفل وهو من له دون سبع، والمجنون المبرسم، فلا وصية لهم وهذا قول أكثر أهل العلم. . ولا تعلم أحدًا خالفهم](4).
الشربيني (977 هـ) قال: [تصح وصية كل مكلف حر مختار بالإجماع](5).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (6).
قال الماوردي: (الموصي: فمن شرطه أن يكون مميزًا حرًا، فإذا اجتمع فيه هذان الشرطان صحت وصيته في ماله مسلمًا كان أو كافرًا)(7).
قال النووي: (الموصي، وهو كل مكلف حر)(8). قال الموصلي: (ولا تصح إلا ممن يصح تبرعه)(9).
(1) المدونة (4/ 345).
(2)
الإشراف (4/ 449) مسألة (2509).
(3)
مراتب الإجماع (ص 194).
(4)
المغني (8/ 510).
(5)
مغني المحتاج (4/ 67).
(6)
البحر الرائق (8/ 460).
(7)
الحاوي الكبير، 8/ 189.
(8)
روضة الطالبين، 6/ 97.
(9)
الاختيار لتعليل المختار، 5/ 64.
القرافي: (الوصي وفي الجواهر: شروطه أربعة: الشرط الأول: التكليف. . .، الشرط الثاني: الإسلام. . . الشرط الثالث: العدالة)(1).
قال الدردير: (موسى: وهو الحر. . . المالك للموصَى به ملكًا تامًا. . . المميز لا مجنون وسكران وصبي لا تمييز عندهم حال الإيصاء)(2).
قال البهوتي: (وتصح الوصية من البالغ الرشيد سواء كان عدلًا أو فاسقًا رجلًا أو امرأة مسلمًا أو كافرًا لأن هبتهم صحيحة فالوصية أولى)(3).
قال عبد الرحمن بن قاسم: (وتصح الوصية من البالغ الرشيد سواء كان عدلًا أو فاسقًا، رجلًا أو امرأة، مسلمًا أو كافرًا، ما لم يغرغر)(4).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى: أن المتقرر في الهبة الصحيحة، هي التي تكون من الحر البالغ العاقل، والوصية أولى، لكونها أوسع (5).
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة: إياس بن معاوية، فذهب إلى أنَّ الصبي والمجنون: إذا وافقت وصيتهم الحق جازت (6).
وقد رد ابن قدامة هذا القول فقال: (وليس بصحيح، فإنه لا حكم لكلامهما، ولا تصح عبادتهما، ولا شيء من تصرفاتهما، فكذا الوصية، بل أولى، فإنه إذا لم يصح إسلامه وصلاته التي هي محض نفع لا ضرر فيها، فلأن لا يصح بذله المال يتضرر به وارثه أولى، ولأنها تصرف يفتقر إلى إيجاب وقبول، فلا يصح منهما، كالبيع والهبة)(7).
النتيجة:
صحة الإجماع في أن الوصية الصحيحة تكون من الحر البابغ العاقل.
(1) الذخيرة، 7/ 158 - 159.
(2)
الشرح الصغير، 4/ 580.
(3)
كشاف القناع، 4/ 282.
(4)
حاشية الروض المربع، 6/ 41.
(5)
الذخيرة (7/ 10)، والشرح الكبير (6/ 484).
(6)
المغني (8/ 510).
(7)
المصدر السابق (8/ 510).