الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني: حديث اللديغ الوارد في قصة أبي سعيد رضي الله عنه قال: (. . فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلًا، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه ويقرأ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} [الفاتحة: 2] فكأنما نشط من عقال. . فقدموا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فذكروا له، فقال:(وما يدريك أنها رقية؟ ). ثم قال: (قد أصبتم، اقسموا، واضربوا لي معكم سهما)(1).
• وجه الاستدلال: إقرار النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة على أخذ الجعل دليل على جوازه.
الثالث: لأن الحاجة تدعوا إلى ذلك فإن العمل قد يكون مجهولًا كرد الآبق والضالة ونحو ذلك، ولا تنعقد الإجارة فيه، والحاجة داعية إلى ردهما، وقد لا يجد من يتبرع به، فدعت الحاجة إلى إباحة بذل الجعل فيه مع جهالة العمل، لأنها غير لازمة بخلاف الإجارة (2).
الرابع: أن العمل الذي يستحق به الجعل هو عمل مقيد بمدة، إن أتى به فيها استحق، ولا يلزمه شيء آخر، وإن لم يف به، فلا شيء عليه، إذا ثبت هذا، فإنما يستحق الجعل من عمل العمل بعد أن بلغه ذلك، لأنه عوض يستحق بعمل، فلا يستحقه من لم يعمل كالأجر في الإجارة (3).
النتيجة:
صحة الإجماع في جواز رد اللقطة بعوض.
[53 - 16] رد اللقطة بغير عوض لا يستحق صاحبه شيء
• المراد بالمسألة: أن من وجد لقطة أو ضالة فقام بردها إلى صاحبها، ثم طلب منه عوضًا، وصاحبها لم يذكر جعلًا لمن يأتيه بها، أو أن الملتقط لم
(1) رواه: البخاري، رقم (2276)، ومسلم، رقم (2201).
(2)
انظر: المغني، ابن قدامة (8/ 323)، ومغني المحتاج، الشربيني (2/ 429).
(3)
المغني (8/ 325).
يعلم بالجعل إلا بعد ردها، فإن الملتقط فلا يستحق عوضًا.
• من نقل الإجماع: ابن قدامة (620 هـ) قال: [ومن ردّ لقطة أو ضالة، أو عمل لغيره عملًا غير رد الآبق بغير جعل لم يستحق عوضًا لا نعلم في هذا خلافًا](1).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع: الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4) وابن المنذر (5).
قال ابن المنذر: (إذا وجد الرجل ضالة فجاء بها إلى صاحبها، وطلب جعلًا، فلا جعل له، كان ممن يعرف بطلب الضوال أو لا يعرف، وهذا على مذهب الشافعي وأصحاب الرأي)(6).
قال الماوردي: (وليس يخلو من رد آبقًا أو ضالة من أحد أمرين: إما يردها بأمر مالكها أو بغير أمره، فإن رد ذلك بغير أمر المالك فقد كان ضامنًا باليد، وسقط عنه الضمان بالرد، ولا أجرة له سواء كان معروفًا بطلب الضوال ومن لا يعرف)(7).
قال ابن رشد: (ملتقط اللقطة متطوع بحفظها فلا يرجع بشيء من ذلك
(1) المغني (8/ 328).
(2)
انظر: الإشراف على مذاهب العلماء (6/ 384).
(3)
المصدر السابق (6/ 384).
(4)
الأم (5/ 144)، والحاوي الكبير (8/ 29).
(5)
الإشراف على مذاهب العلماء (6/ 384). قال ابن المنذر: (إذا وجد الرجل ضالة فجاء بها إلى صاحبها، وطلب جعلًا، فلا جعل له، كان ممن يعرف بطلب الضوال أو لا يعرف، وهذا على مذهب الشافعي وأصحاب الرأي).
(6)
الإشراف على مذاهب العلماء (6/ 384). قال ابن المنذر: (إذا وجد الرجل ضالة فجاء بها إلى صاحبها، وطلب جعلًا، فلا جعل له، كان ممن يعرف بطلب الضوال أو لا يعرف، وهذا على مذهب الشافعي وأصحاب الرأي).
(7)
الحاوي الكبير (8/ 29).
على صاحب اللقطة) (1).
قال الموصلي: (وليس في رد اللقطة والضالة والصبي الحر شيء واجبا لأنه متبرع في الرد، فإن أعطاه المالك شيئًا فحسن)(2).
قال عبد الرحمن بن قاسم: (ومن رد لقطة أو ضالة، أو عمل لغيره عملًا بغير جعل ولا إذن لم يستحق عوضًا)(3).
• مستند الإجماع: يستند هذا الإجماع على عدة أدلة، منها:
الأول: عن عمرو بن يثربي الضمري رضي الله عنه قال: شهدت خطبة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بمنى، فكان فيما خطب به أن قال:(لا يحل مال امريء مسلم إلا بطيب نفس منه)(4).
• وجه الاستدلال: أن عمله من قبيل التبرع، وطلبه الجعل من أكل المال بالباطل.
الثانى: ولأن المنافع كالأعيان بل أضعف، فلما كان لو استهلك أعيانًا في رد ضالة من طعام أو علف لم يستحق به عوضًا؛ فإذا استهلك منافع نفسه فالأولى أن لا يستحق بها عوضًا (5).
الثالث: لأنه عمل يستحق به العوض مع المعاوضة، فلا يستحق مع عدمها كالعمل في الإجارة (6).
الرابع: ولأنه عمل لغيره عملًا من غير أن يشرط له عوضًا فلم يستحق
(1) بداية المجتهد، 2/ 309.
(2)
الاختيار لتعليل المختار، 3/ 34.
(3)
حاشية الروض المربع، 5/ 499.
(4)
أحمد، رقم (20695)، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الغصب، باب من غصب لوحًا فأدخله في سفينة أو بنى عليه جدارًا، رقم (11877)، وفي: شعب الإيمان، رقم (5492). وصححه الألباني، انظر: إرواء الغليل، رقم (1459).
(5)
الحاوي الكبير (8/ 29).
(6)
المغني (8/ 328).