الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول: مسائل الإجماع في باب العارية
[1 - 1] مشروعية العارية
العارية في اللغة: مأخوذة من التعاور، وهو: التداول والتناوب مع الرد.
والإعارة مصدر أعار، والاسم منه العارية، وتطلق على الفعل، وعلى الشيء المعار، والاستعارة طلب الإعارة (1).
وفي اصطلاح الفقهاء: إباحة الانتفاع بعين من أعيان المال، مع بقاء عينها (2).
• والمراد بالمسألة: أن الأصل في العارية أنها مشروعة، ومباحة، وأنها من أعمال القرب التي يؤجر عليها المسلم.
• من نقل الإجماع: العمراني (558 هـ): [وأجمع المسلمون على جواز العارية](3).
ابن هبيرة (560 هـ) قال: [واتفقوا على أن العارية. . جائزة وقربة مندوب إليها](4).
ابن قدامة (620 هـ) قال: [وأجمع المسلمون على جواز العارية واستحبابها](5).
الشربيني (977 هـ) قال: [العارية. . وحقيقتها شرعًا إباحة الانتفاع بما
(1) انظر: مقاييس اللغة (4/ 184)، والصحاح (2/ 761).
(2)
انظر: المطلع على أبواب المقنع، البعلي (ص 272)، وأنيس الفقهاء القونوي (ص 94).
(3)
البيان في مذهب الإمام الشافعي، 6/ 507.
(4)
الإفصاح عن معاني الصحاح (2/ 21).
(5)
المغني (7/ 340).
يحل الانتفاع به مع بقاء عينه، والأصل فيها قبْلُ الإجماع] (1).
الشوكاني (1250 هـ) قال: [والعارية. . وهي أَيضًا مشروعة إجماعًا](2).
عبد الرحمن ابن قاسم (1392 هـ) قال: [العارية. . بإجماع المسلمين حكاه الموفق وغيره.
وقال الوزير: اتفقوا على أنها جائزة وقربة] (3).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع: الحنفية (4)، والمالكية (5)، وابن حزم من الظاهرية (6).
قال الماوردي: (وأما العارية فهي عقد معونة وإرفاق جاء الشرع بها وندب الناس إليها)(7)
قال الجويني: (العارية من المبارّ التي استحث الشرع عليها)(8). قال المرغيناني: (العارية جائزة لأنها نوع إحسان)(9). قال النووي: (الإعارة قربة مندوب إليها)(10).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: قول اللَّه سبحانه وتعالى: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)} [الماعون: 7].
• وجه الاستدلال: قول ابن مسعود رضي الله عنه في تفسير الماعون: (القدر والميزان
(1) مغني المحتاج (2/ 263).
(2)
نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار (6/ 38).
(3)
حاشية الروض المربع (5/ 359).
(4)
انظر: شرح فتح القدير، ابن الهمام (19/ 422).
(5)
انظر: الذخيرة (6/ 197).
(6)
المحلى، ابن حزم (9/ 168).
(7)
الحاوي الكبير، (7/ 115).
(8)
نهاية المطلب، (7/ 137).
(9)
الهداية شرح بداية المبتدي، (3/ 220).
(10)
المجموع شرح المهذب، (14/ 199).
والدلو) وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما: (العواري)(1)، وعليه جمهور المفسرين.
قال الأَعشى:
بأجود منه بماعونه
…
إذا ما سماؤهم لم تغم (2)
الثاني: قول اللَّه سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77)} [الحج: 77]
• وجه الاستدلال: أن اللَّه سبحانه وتعالى أمر بفعل الخير، والعارية من أفعال البر والخير.
الثالث: عن قتادة رضي الله عنه قال سمعت أنسًا رضي الله عنه يقول: كان فزع بالمدينة فاستعار النبي صلى الله عليه وسلم فرسًا من أبي طلحة رضي الله عنه يقال له المندوب، فركب، فلما رجع قال:(ما رأينا من شيء، وإنا وجدناه لبحرًا)(3).
• وجه الاستدلال: فيه دليل على جواز استعارة الفرس من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وغير الفرس مثله في الجواز (4).
الرابع: حاجة الناس إلى الاستعارة، فليس كل أحد يملك الضروريات والحاجيات، فكانت مشروعيتها مناسبة لطبيعة البشر.
النتيجة:
صحة الإجماع في أن العارية مشروعة من حيث الأصل (5).
(1) انظر: تفسير الطبري (24/ 671، 677)، والجامع لأحكام القرآن، القرطبي (22/ 515)، والمغني، ابن قدامة (7/ 340)، وتحفة المحتاج، الهيتمي (2/ 371).
(2)
ديوان الأعشى (ص 89).
(3)
رواه: البخاري رقم (2627)، ومسلم رقم (2307).
(4)
انظر: تحفة المحتاج (2/ 371).
(5)
انظر المسألة في: الاختيار، للموصلي (2/ 55)، والهداية، المرغيناني (3/ 246)، وبداية المجتهد (8/ 157)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (5/ 142)، والشرح الصغير، للدردير (3/ 570)، ومغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، الشربيني (2/ 263)، والمغني، ابن قدامة، (7/ 340).