الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكافر، وقد كان حربيًا، والهبة بمعنى الهدية.
الثالث: أن المنهي عنه هو التولي، وأما البر والصلة فجائزة.
النتيجة:
صحة الإجماع في جواز هبة المسلم للحربي، بشرط أن لا يكون فيه شيء يؤذي المسلمين كالسلاح ونحوه.
[115 - 19] يكره تفضيل الأولاد (الذكور) أو (الإناث) بالهبة
• المراد بالمسألة: أن من كان له أولادُه ذكور فقط، أو إناثٌ فقط فأعطاهم بالسوية أن ذلك جائز، وأما إذا فاضل بينهم وهم من جنس واحد، كأن يكونوا ذكورًا فقط، أو إناثًا فقط فإنه مكروه، واختلفوا في الكراهة هل هي تحريمية أم تنزيهية؟ (1).
• من نقل الاتفاق: ابن هبيرة (560 هـ) قال: [واتفقوا على أن تفضيل بعضهم على بعض (يعني بالهبة) مكروه](2).
ابن حزم (456 هـ) قال: [واتفقوا أن من كان له بنون ذكورًا لا إناث فيهم، أو إناثًا لا ذكور فيهم فأعطاهم كلهم أو أعطاهنَّ كلهنَّ عطاء ساوى فيه ولم يفضل أحدًا أن ذلك جائز نافذ](3).
ابن قدامة (620 هـ) قال: [ولا خلاف بين أهل العلم في استحباب التسوية، وكراهة التفضيل](4).
(1) فذهب: الحنفية، والمالكية، والشافعية: إلى أن عدم التسوية بينهم مكروه كراهة تنزيهية، وذهب الحنابلة، وأبو يوسف من الحنفية، وهو قول ابن المبارك، وطاووس، وهو رواية عن الإمام مالك، وهو قول البخاري، وإسحاق، والثوري إلى أن الكراهة تحريمية.
انظر: حاشية ابن عابدين (3/ 422)، والقوانين الفقهية (ص 372)، ومغني المحتاج (2/ 401)، والإنصاف (7/ 136)، وسبل السلام (3/ 90).
(2)
الإفصاح عن معاني الصحاح (2/ 57).
(3)
مراتب الإجماع (ص 173).
(4)
المغني (8/ 259).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (1)، والمالكية (2)، والشافعية (3)، وابن حزم من الظاهرية (4).
قال ابن حزم: (وأما النفقات الواجبات فقوله عليه الصلاة والسلام: اعدلوا بين أولادكم. ايجاب لأن ينفق على كل واحد ما لا قوام له إلا به، ومن تعدى هذا فلم يعدل بينهم، وكذلك هذا القول منه عليه الصلاة والسلام إيجاب للتسوية بين الذكر والأنثى، وليس هذا من المواريث في شيء)(5).
قال السرخسي: (أنه ينبغي للوالد أن يسوي بين الأولاد في العطية عند محمد على سبيل الإرث للذكر مثل حظ الأنثيين، وعند أبي يوسف يسوي بين الذكور والإناث)(6).
قال السمرقندي: (. . . ينبغي أن يسوي بين أولاده في الهبة)(7).
قال ابن رشد: (واختلفوا في تفضيل الرجل بعض ولده على بعض في الهبة، أو في هبة جميع ماله لبعضهم دون بعض، فقال جمهور فقهاء الأمصار بكراهية ذلك له، ولكن إذا وقع عندهم جاز)(8).
قال النووي: (ينبغي للوالد أن يعدل بين أولاده في العطية)(9). قال الخطيب الشربيني: (ويسن للوالد العدل في عطية أولاده بأن يسوي بين الذكر والأنثى)(10).
قال عبد الرحمن بن قاسم: (فإن فضل بعضهم بأن أعطاه فوق إرثه أو خصّه سوى وجوبًا برجوع حيث أمكن أو زيادة لمفضول ليساوي الفاضل كما
(1) بدائع الصنائع (8/ 113 - 114)، ومجمع الأنهر (3/ 579).
(2)
الاستذكار (22/ 295).
(3)
أسنى المطالب (5/ 579).
(4)
المحلى (9/ 148).
(5)
المحلى، (9/ 149).
(6)
المبسوط، (12/ 56).
(7)
تحفة الفقهاء، (3/ 274).
(8)
بداية المجتهد، (2/ 327 - 328).
(9)
روضة الطالبين، (5/ 378).
(10)
مغني المحتاج، (2/ 401).
لو أعطى أحد ابنيه عشرة والآخر خمسة، زاده خمسة ليتساويا في الهبة) (1).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: قوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)} [النحل: 90].
• وجه الاستدلال: أن فيها الأمر بالعدل في كل شيء، ومنه العدل بين الأولاد في الهبات والعطايا.
الثاني: عن النعمان بن بشير قال: (إن أبي بشير وهب لي هبة فقالت أمي: أشهد عليها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيدي فانطلق حتى أتينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه، إن أم هذا الغلام سألتني أن أهب له هبة فوهبتها له فقالت: أشهد عليها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأتيتك لأشهدك. فقال: (رويدك، ألك ولد غيره؟ ) قال: نعم. قال: أكلهم أعطيتهم كلما أعطيته؟ ) قال: لا. قال: (فلا تشهدني على جور، إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم)(2).
• وجه الاستدلال: أنه صريح في عدم جواز التفضيل بين الأولاد، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم:(أشهد على هذا غيري) وهذا ليس إذنًا بل هو تهديد لتسميته إياه جورًا.
الثالث: أن هذا يفضي إلى العقوق، وقطيعة الرحم، ويوقع العداوة والبغضاء بين الأولاد، وهذا مما تنهى عنه الشريعة، ولأن في التسوية تأليف القلوب، والتفضيل يورث الوحشة بينهم، فكانت التسوية أولى (3).
النتيجة:
صحة الإجماع في أنه يكره تفضيل الأولاد الذكور أو الإناث بالهبة.
(1) حاشية الروض المربع، (6/ 16).
(2)
رواه: البخاري رقم (2650)، ومسلم رقم (1623).
(3)
بدائع الصنائع (8/ 115).