الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[297 - 105] لا يرثُ المفقود إلا الأحياء من ورثته يوم قسم ماله لا من مات قبل ذلك
• المراد بالمسألة: المفقود، هو: من انقطع خبره، فلم تعلم له حياة، ولا موت (1).
والمفقود في حكم الأحياء حتى يعلم موته يقينًا، أو تمضي عليه مدة يغلب على الظن أنه لا يعيش مثلها، وفي هذه الحالة لا تتزوج امرأته، ولا يقسم ماله، ومن مات حال الانتظار الشرعي وقبل الحكم بوفاته من قبل القاضي فإنه لا يرث، لأنه يغلب جانب حياة المفقود، فكأنه موجود.
• من نقل الاتفاق: ابن قدامة (620 هـ) قال: [واتفق الفقهاء على أنه لا يرث المفقود إلا الأحياء من ورثته يوم قسم ماله لا من مات قبل ذلك ولو بيوم](2).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (3)، والمالكية (4)، والشافعية (5).
قال الماوردي (450 هـ): فإذا مضت عليه مدة لا يجوز أن يعيش إليها قسم ماله حينئذ بين من كان حيًا من ورثته، ولو مات للمفقود ميت يرثه المفقود وجب أن يوقف من تركته ميراث المفقود حتى يتبين أمره، فإن بان حيًا كان له وارثًا، وإن بان موته من قبل رُدّ على الباقين من الورثة، وكذلك لو أشكل حال موته (6).
قال السرخسي (483 هـ): فإذا مضت مدة يعلم أنه لا يعيش إلى تلك المدة فإنه يحكم بموته، ويقسم ميراثه بين ورثته، وإنما يعتبر من ورثته من يكون باقيًا في هذه الحالة، ولا يرثه أحد ممن مات قبل هذا شيئًا، لأنه إنما يحكم بموته في هذه الحالة، وشرط التوريث بقاء الوارث حيًا بعد موت
(1) انظر: التعريفات (ص 297)، وقواعد الفقه، البركتي (ص 399)، حاشية الروض المربع (6/ 171).
(2)
انظر: المغني (9/ 188).
(3)
انظر: المبسوط (30/ 54 - 55).
(4)
انظر: الشرح الصغير (4/ 718).
(5)
انظر: مغني المحتاج (3/ 27).
(6)
الحاوي الكبير، 8/ 89.
المورث فلهذا لا يرثه إلا من كان باقيًا من ورثته حين حكم بموته (1).
قال الموصلي (683 هـ): من مات في حال فقده ممن يرثه المفقود يوقف نصيب المفقود إلى أن يتبين حالة لاحتمال بقائه، فإذا مضت المدة. . . ولم يعلم حاله وحكمنا بموته قسمت أمواله بين الموجودين من ورثته (2).
قال البهوتي (1051 هـ): ولا يرثه أي المفقود إلا الأحياء من ورثته وقت قسم ماله (3).
قال الدردير (1201 هـ): فإذا ثبتت حياته أو موته فالأمر واضح، وإن لم يثبت ذلك -بأن مضت مدة التعمير السابقة- فيرثه أحياء ورثته غير المفقود (4).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: قضاء عمر وعثمان في ميراث المفقود أن يقسم من يوم تمضي الأربع سنوات على امرأته، وتستقبل عدتها أربعة أشهر وعشرًا (5).
الثاني: عمل الصحابة فيمن قتل يوم الجمل، وصفين، والحرة، وقديد (6)، فلم يورثوا أحدًا من صاحبه شيئًا إلا من علم أنه قتل قبل
(1) المبسوط (30/ 54 - 55).
(2)
الاختيار لتعليل المختار، 5/ 114.
(3)
كشاف القناع، 4/ 392.
(4)
الشرح الصغير (4/ 718).
(5)
رواه: عبد الرزاق، في المصنف، باب التي لا تعلم مهلك زوجها (12317). انظر: شرح الزرقاني، على الموطأ (3/ 159).
(6)
قديد، بضم أوله، قرية جامعة كثيرة الماء والبساتين، وسميت لتقدد السيول بها، وكانت فيها وقعت الخارجي الذي يقال له: طالب الحق مع أهل المدينة، وقتل خلقًا كثيرًا من أفاضل أهل المدينة، وقد رثت إحدى المدنيات قتلى قديد، فقالت:
يا وَيلتا ويلًا لِيَه. . . أفنت قُديد رجاليَه
وهناك مات القاسم بن. . . محمد حتفَ أنفيَه
انظر: معجم ما استعجم (ص 1054)، معجم البلدان (4/ 313).
صاحبه (1).
الثالث: يمكن أن يستدل أَيضًا بالقاعدة المتفق عليها (اليقين لا يزول بالشك)(2)، فالأصل بقاء حياة المفقود، والموت مشكوك فيه، فإذا حكم الحاكم بموت المفقود، ورثوه لكون التركة من حقهم، ومن مات قبل الحكم عليه فإنه مات في فترة حياته الشرعية.
النتيجة:
صحة الإجماع في أن المفقود لا يقسم ماله، ومن مات حال الانتظار الشرعي وقبل الحكم بوفاته من قبل القاضي فإنه لا يرث.
* * *
(1) رواه: مالك، في الموطأ، باب من جهل أمره بالقتل أو غير ذلك (3/ 745) قال مالك رحمه الله:(وذلك الأمر الذي لا اختلاف فيه ولا شك عند أحد من أهل العلم ببلدنا وكذلك العمل في كل متوارثين هلكا بغرق أو قتل أو غير ذلك من الموت إذا لم يعلم أيهما مات قبل صاحبه لم يرث أحد منهما من صاحبه شيئا وكان ميراثهما لمن بقي من ورثتهما يرث كل واحد منهما ورثته من الأحياء).
(2)
انظر: القواعد الفقهية، علي الندوي (316)، وقاعدة اليقين لا يزول بالشك، د. يعقوب أبا حسين (77).