الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال البهوتي (1051 هـ): ومتى أطلق العاصب فالمراد العاصب بنفسه، وله ثلاثة أحكام: إن انفرد أخذ المال كله تعصيبًا. . . (1).
قال عبد الرحمن بن قاسم (1392 هـ): العصبات: . . . وهم كل من لو انفرد لأخذ المال بجهة واحدة كالأب والابن والعم ونحوهم (2).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: قول اللَّه سبحانه وتعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَك} [النساء: 176].
• وجه الاستدلال: في قوله سبحانه وتعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176] فقد ثبت فيها نصيب الأخ العاصب لجميع المال إن انفرد، وغير الأخ كالأخ (3).
الثاني: عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقى فهو لأولى رجل ذكر)(4).
• وجه الاستدلال: أن العاصب بالنفس قد يحوز المال كله إذا لم يرث معه أحد، وهذا ثبت من قوله صلى الله عليه وسلم:(فما بقي فلأولى رجل ذكر).
النتيجة:
صحة الإجماع في أن العاصب بالنفس إذا انفرد أخذ المال كله.
[269 - 77] ترتيب العصبات ومن يحجب ومن يحجب
• المراد بالمسألة: تقدم فيما سبق من مسائل أن من انفرد من العصبة حاز جميع المال، أو ما أبقت أصحاب الفروض، فإن كان بعضهم أقرب إلى الميت من بعض حجب الأقرب الأبعد، فليس للأبعد حظ من الميراث والإرث للأقرب.
(1) كشاف القناع، 4/ 357.
(2)
حاشية الروض المربع، 6/ 120.
(3)
انظر: كشاف القناع، البهوتي (4/ 357).
(4)
سبق تخريجه.
مثاله: الابن يحجب ابن الابن، وكل ابن ابن يحجب من تحته من بني الابن لقربه، والأب يحجب كل جد، وكل جد يحجب من فوقه من الأجداد، والأخ يحجب ابن الأخ، والعم يحجب ابن العم، وكل ابن أخ وابن عم يحجب من تحته، فإن تساوى عاصبان فأكثرُ في القرب بأن اتحدت درجتهما في جهة واحدة؛ فينظر فإن كان أحدهما يدلي إلى الميت بأم وأب، والآخر يدلي إليه بأب فقط، فالمدلي بالأبوين أولى بالإرث من المدلي بالأب، ويكون الإرث للشقيق وحده، وإنما يكون ذلك في الإخوة وبنيهم والأعمام وبنيهم، ولو تساووا مثلًا في الإدلاء إلى الميت بأن كانوا كلهم أشقاء أو كانوا لأب؛ فليس بعضهم أولى من بعض؛ بل يشتركون في الإرث بينهم بالسوية.
• من نقل الإجماع: ابن حزم (456 هـ) قال: [ولا خلاف في أن من ذكرنا لا يرث، ولا يرث مع الأب جد، ولا ترث مع الأم جدة، ولا يرث أخ ولا أخت مع ابن ذكر ولا مع أب، ولا يرث ابن أخ مع أخ شقيق أو لأب، ولا يرث أخ لأم مع أب ولا مع ابن ولا مع ابنة، ولا مع جد، ولا يرث عم مع أب ولا مع جد، ولا مع أخ شقيق أو لأب، ولا مع ابن أخ شقيق أو لأب؛ وإن سفل. . وكل من ذكرنا أيضًا، فلا اختلاف فيه أصلًا](1) وقال: [ومن مات وترك أخًا لأب وابن أخ شقيق؛ فالأخ للأب أحق بالميراث بلا خلاف؛ لأنه أولى رجل ذكر، وابن الأخ الشقيق أولى بالميراث من ابن الأخ للأب؛ لأنه أولى رجل ذكر بلا خلاف](2). وقال: [واتفقوا أن العم أخا الأب لأبيه أو شقيقه يرث إذا لم يكن هناك ولد ذكر يرجع نسبه إليه، ولا أب ولا جد لأب وإن علا، وأخ شقيق أو لأب ممن يرجع نسبه إلى أبي الميت واتفقوا أن العم الذي ذكرنا لا يرث مع أحد ممن ذكرنا شيئًا](3).
(1) انظر: المحلى (8/ 264).
(2)
انظر: المصدر السابق (8/ 330).
(3)
انظر: مراتب الإجماع (ص 176).
وقال: [واتفقوا أن ابن الأخ الشقيق أو للأب يرث وبنوه الذكور وبنوهم وإن بعُدوا إذا كانوا راجعين بأنسابهم إلى الأخ كما ذكرنا، وإن لم يكن هنالك ابن ولا ابن ابن كما قدمنا، وإن بعُدوا ولا أب ولا أخ شقيق ولا جد لأب وإن علا](1). وقال: [واتفقوا أن العم الشقيق يحجب العم للأب، وأن ابن العم الشقيق يحجب ابن العم للأب](2). وقال: [واتفقوا أن بني العم إذا عرفوا أنسابهم ولم يكن دونهم من يحجبهم واجتمعوا في جدٍّ مسلم أنهم يتوارثون](3).
ابن عبد البر (463 هـ) قال: [الأخ للأب والأم يحجب الأخ للأب، والأخ للأب يحجب ابن الأخ للأب والأم، وابن الأخ للأب والأم يحجب ابن الأخ لأب، وابن الأخ للأب يحجب ابن ابن الأخ للأب والأم، وهكذا سبيل العصبات من الإخوة وبينهم، وكذلك الأعمام وبنوهم الأقرب يحجب الأبعد، فإذا استووا؛ حجب الشقيق من كان لأب خاصة؛ لأنه قد أدلى بأم زاد بها قربى في القرابة، وهذا إجماع من علماء المسلمين لا خلاف بينهم في ذلك](4). وقال: [والأب حجب من فوقه من الأجداد بإجماع كما يحجب الأب الأعمام وبنيهم بإجماع؛ لأنهم به يدلون إلى الميت، ويحجب الإخوة للأم ذكورهم وإناثهم بإجماع، ويحجب بني الإخوة للأب والأم، وبني الإخوة للأب، وبني الإخوة للأم بإجماع](5).
ابن رشد (595 هـ) قال: [وأجمع العلماء على أن الأخ الشقيق يحجب الأخ للأب، وأن الأخ للأب يحجب بني الأخ الشقيق، وأن بني الأخ الشقيق يحجبون أبناء الأخ للأب، وبنو الأخ للأب أولى من بني ابن الأخ للأب والأم، وبنو الأخ للأب أولى من العم أخي الأب، وابن العم أخي
(1) انظر: المصدر السابق (ص 176).
(2)
انظر: المصدر السابق (ص 182).
(3)
انظر: المصدر السابق (ص 181).
(4)
انظر: الاستذكار (15/ 476).
(5)
انظر: المصدر السابق (15/ 478).
الأب الشقيق أولى من ابن العم أخي الأب للأب، وكل واحد من هؤلاء يحجبون بنيهم، ومن يحجب منهم صنفًا؛ فهو يحجب من يحجبه ذلك الصنف، وبالجملة أما الإخوة؛ فالأقرب منهم يحجب الأبعد، فإذا استووا حجب منهم من أدلى بسببين أم وأب من أدلى بسبب واحد وهو الأب فقط، وكذلك الأعمام الأقرب منه يحجب الأبعد، فإن استووا حجب منهم من يدلي منهم إلى الميت بسببين من يدلي بسبب واحد، أعني أنه يحجب العم أخو الأب لأب، وابن العم الذي هو أخو الأب لأب فقط، وأجمعوا على أن الإخوة الشقائق والإخوة للأب يحجبون الأعمام؛ لأن الإخوة بنو أبي المتوفى، والأعمام بنو جده، والأبناء يحجبون بنيهم، والآباء أجدادهم، والبنون وبنوهم يحجبون الإخوة، والجد يحجب من فوقه من الأجداد بإجماع، والأب يحجب الإخوة، ويحجب من تحجبه الإخوة، والجد يحجب الأعمام بإجماع والإخوة للأم، ويحجب بنو الإخوة الشقائق بني الإخوة للأب، والبنات وبنات البنين يحجبن الإخوة للأم] (1).
ابن قدامة (620 هـ) قال: [هذا في ميراث العصبة وهم الذكور من ولد الميت وآبائه وأولادهم، وليس ميراثهم مقدارًا بل يأخذون المال كله إذا لم يكن معهم ذو فرض، فإن كان معهم ذو فرض لا يسقط بهم؛ أخذوا الفاضل عن ميراثه كله، وأولادهم بالميراث أقربهم، ويسقط به من بعُد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي؛ فهو لأولى رجل ذكر)(2) وأقربهم البنون ثم بنوهم وإن سفلوا يسقط قريبهم ببعيدهم، ثم الأب ثم آباؤه وإن علَوا الأقرب منهم فالأقرب، ثم بنو الأب وهم الإخوة للأبوين أو للأب، ثم بنوهم وإن سفلوا الأقرب منهم فالأقرب، ويسقط البعيد بالقريب سواءٌ كان القريب من ولد الأبوين أو من ولد الأب وحده، فإن اجتمعوا في درجة واحدة فولد الأبوين أولى لقوة قرابته بالأم، فلهذا قال: ابن الأخ للأب
(1) انظر: بداية المجتهد (2/ 351 - 352).
(2)
سبق تخريجه.
والأم أولى من ابن الأخ للأب؛ لأنهما في درجة واحدة، وابن الأخ للأب أولى من ابن ابن الأخ للأب والأم؛ لأن ابن الأخ للأب أعلى درجة من ابن ابن الأخ للأب والأم، وعلى هذا أبدًا. ومهما بقي من بني الأخ أحد وإن سفل؛ فهو أولى من العم؛ لأنه من ولد الأب، والعم من ولد الجد، فإذا انقرض الإخوة وبنوهم؛ فالميراث للأعمام، ثم بنيهم على هذا النسق، إن استوت درجتهم؛ قدم من هو لأبوين، فإن اختلفت؛ قدم الأعلى وإن كان لأب، ومهما بقي منهم من أحد وإن سفل، فهو أولى من عم الأب؛ لأن الأعمام من ولد الجد، وأعمام الأب من ولد أب الجد، فإذا انقرضوا؛ فالميراث لأعمام الأب على هذا النسق، ثم لأعمام الجد ثم بنيهم وعلى هذا أبدًا، لا يرث بنو أب أعلى مع بني أب أقرب منه، وإن نزلت درجتهم لما مر في الحديث، وهذا كله مجمع عليه بحمد اللَّه ومنِّه] (1).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع: الحنفية (2).
قال الموصلي (683 هـ): العصبات وهم نوعان: عصبة بالنسب، وعصبة بالسبب، أما النسبية فثلاثة أنواع، عصبة بنفسه، وهو كل ذكر لا يدخل في نسبته إلى الميت أنثى وأقربهم جزء الميت وهم بنوه ثم بنوهم وإن سفلوا، ثم أصله وهو الأب، ثم الجد، ثم جزء أبيه ثم بنوهم، ثم جزء جده، ثم بنوهم، ثم أعمام الأب ثم بنوهم، ثم أعمام الجد ثم بنوهم وهكذا لأنهم في القرب والدرجة على هذا الترتيب فيكونون في الميراث كذلك كما في ولاية الإنكاح، وإذا اجتمعت العصبات فإنه يورث الأقرب فالأقرب لقوله عليه الصلاة والسلام "فللأولى عصبة ذكر" ولأن علة الاستحقاق القرب والعلية في الأقرب أكثر فتقدم كما في النكاح (3).
(1) انظر: المغني (9/ 22 - 23).
(2)
انظر: الاختيار لتعليل المختار (5/ 93)، وحاشية رد المحتار (6/ 774 - 775).
(3)
الاختيار لتعليل المختار (5/ 92 - 93).