الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• دليلهم: يستند الخلاف إلى عدة أدلة، منها:
الأول: قوله سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1].
وقوله سبحانه وتعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33].
• وجه الاستدلال: فيه وجوب الوفاء به، والهبة من جملة العقود، ولا يحل لأحد إبطالها إلا بنص، ولا نص في إبطالها (1).
الثاني: عن ابن عباس أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (ليس لنا مثل السوء، الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه)(2).
• وجه الاستدلال: أن القيء حرام، فالمشبه به مثله، قال قتادة: ولا نعلم القيء إلا حرامًا (3).
الثالث: عن ابن عباس أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل للرجل أن يعطي عطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده)(4).
• وجه الاستدلال: فيه المنع من الرجوع في الهبة، وقيدها أهل العلم إذا لم يقصد بها الثواب.
الرابع: أنه واهب لا ولاية له في المال فلم يرجع في هبته، قياسًا على ذي الرحم المحرم (5).
النتيجة:
عدم صحة الإجماع في أنه يجوز الرجوع بالهبة التي يقصد بها الثواب، وذلك للخلاف في المسألة.
[111 - 15] يجوز الرجوع بالوعد بالهبة
• المراد بالمسألة: أن الوعد غير ملزم، فمن وعد آخر بهبة ثم رجع في
(1) المحلى، ابن حزم (9/ 127 - 128).
(2)
سبق تخريجه.
(3)
المجموع، للنووي (التكملة 15/ 382).
(4)
سبق تخريجه.
(5)
المغني (8/ 278).
وعده فلا يلزمه دفعها إليه، ولكن الواعد إذا ترك الوفاء به فقد فاته الفضل وارتكب المكروه كراهة تنزيهية شديدة ولكن لا يأثم.
• من نقل الإجماع: ابن عبد البر (642 هـ) قال: [أن العدة واجب الوفاء بها وجوب سنة وكرامة، وذلك من أخلاق أهل الإيمان. . وإنما قلنا أن ذلك ليس بواجب فرضًا، لإجماع الجميع على أن من وعد بمال ما كان يضرب به مع الغرماء، كذلك قلنا إيجاب الوفاء به حسن في المروءة، ولا يقضى به، ولا أعلم خلافًا أن ذلك مستحسن، يستحق صاحبه الحمد والشكر على الوفاء به، ويستحق على الخلف في ذلك الذم](1).
• وافق على هذا الإجماع: الحنفية (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4).
قال القرافي: (قال ابن يونس: إذا سألك أن تهب له دينارًا، فقلت: نعم، ثم بدا لك، قال مالك: لا يلزمك. . . قال سحنون: الذي يلزم من العدة: اهدم دارك وأنا أسفلك، أو اخرج إلى الحج، أو اشتر لعملعة كذا، أو تزوج امرأة وألْا أسفلك، لأنك أدخلته بوعدك في ذلك، أما مجردًا لوعد فلا يلزم، بل الوفاء به من مكارم الأخلاق)(5).
قال النووي: (الوفاء بالوعد مستحب استحبابًا متأكدًا، ويكره إخلافه كراهة شديدة)(6).
قال الخطيب الشربيني: (ويتأكد استحباب الوفاء بالعهد، كما يتأكد كراهة إخلافه)(7).
قال الرملى: (ويتأكد استحباب الوفاء بالعهد، كما يتأكد كراهة خلافه)(8).
(1) الاستذكار (14/ 349)، والتمهيد (3/ 206).
(2)
الهداية (3/ 248).
(3)
نهاية المحتاج (5/ 422).
(4)
الفروع، ابن مفلح (6/ 415).
(5)
الذخيرة، (6/ 297).
(6)
روضة الطالبين، (5/ 390).
(7)
مغني المحتاج، (2/ 405).
(8)
نهاية المحتاج، (5/ 422).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها: الأول: عن زيد بن أرقم رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا وعد الرجل وينوي أن يفي به فلم يف به فلا جناح عليه)(1).
• وجه الاستدلال: فيه دليل على عدم وجوب الوفاء بالوعد (2).
الثاني: عن صفوان بن سليم الزرقي، أن رجلًا قال لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أكذب لامرأتي؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (لا خير في الكذب) فقال: يا رسول اللَّه: أفأعدها وأقول لها؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "لا جناح عليك"(3).
• وجه الاستدلال: فيه دليل على أن إخلاف الوعد ليس قسيم الكذب، وأنه لا جناح على من أخلف وعده (4).
الثالث: ويمكن الاستدلال أيضًا بأن الوعد تبرع محض من الواعد، ولا دليل على وجوب التبرع على أحد، خاصة وأن الهبة من عقود التبرعات، وهي بطبيعتها عقود غير لازمة، يجوز فسخها قبل القبض (5).
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة: المالكية (6)، وبعض أهل الظاهر (7).
(1) رواه: وأبو داود رقم (4995)، والترمذي رقم (2633)، وقال: هذا حديث غريب وليس إسناده بالقوي، والبيهقي في السنن الكبرى رقم (21359). وضعفه الألباني في تعليقه على سنن أبي داود، رقم (4995).
(2)
الذخيرة (6/ 299).
(3)
رواه: مالك، في الموطأ مرسلًا، كتاب الكلام، باب ما جاء في الصدق والكذب، رقم (2/ 168)، وإسناده منقطع، قال ابن عبد البر، في التمهيد (16/ 247):(لا أحفظه مسندًا بوجه من الوجوه، وقد رواه ابن عيينة من صفوان عن عطاء بن يسار مرسلًا) وضعفه أيضًا في الاستذكار (27/ 348).
(4)
الذخيرة (6/ 299).
(5)
انظر: الأذكار، النووي (ص 282).
(6)
فتح العلي المالك (1/ 256)، والفروق (4/ 24) والمالكية يرون وجوب الوفاء بالوعد إذا أدخله في سبب ملزم بوعده. انظر: الذخيرة (5/ 420).
(7)
المحلى (9/ 127)، وجامع العلوم والحكم، ابن رجب (ص 404).