الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع: مسائل الإجماع في باب ميراث الحمل
[291 - 99] الحمل إذا خرج حيا فاستهل وَرِث وَوُرِث
الحمل في اللغة: يطلق على الولد في البطن، وعلى ثمرة الشجرة عليها (1).
والحمل في علم الفرائض: ولد المرأة المتوفى عنه في بطنها، وهو يرث، أو يحجب في جميع التقادير، أو بعضها (2)، كما سأبينه فيما يأتي من مسائل.
• والمراد بالمسألة: أن الجنين تجرى عليه أحكام الأحياء إذا نزل حيًا بشرط أن يستهل صارخًا، لأن الصراخ أصدق العلامات على الحياة، بخلاف الحركة فقد يتحرك الميت.
• من نقل الإجماع: ابن المنذر (318 هـ) قال: [وأجمعوا على أن الرجل إذا مات وزوجته حُبلى أن الولد الذي في بطنها يرث ويورث؛ إذا خرج حيًّا فاستهل](3).
قال الماوردي (450 هـ): فمتى استهل المولود صارخًا فلا خلاف بين الفقهاء أنه يرث ويورث (4) قال الجويني (478 هـ): إذا مات الإنسان، وكان في بطن الأم جنين، لو كان منفصلًا حالة موته لورث، فإذا كان حملًا يوم الموت فتوريثه ثابت، وليس بين العلماء في هذا الأصل خلاف (5).
(1) انظر: لسان العرب (11/ 176)، قواعد الفقه، البركتي (ص 258).
(2)
انظر: المطلع على أبواب المقنع (304).
(3)
انظر: الإجماع (ص 97).
(4)
الحاوي الكبير، 8/ 172.
(5)
نهاية المطلب، 9/ 327.
قال العمراني (558 هـ): وإن مات رجل وخلّف حملًا وارثًا، نظرت: فإن انفصل واستهل صارخًا فإنه يرث، سواء كان فيه روح حال موت مورثه أو كان يومئذ نطفة، لما روى أبو الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا استهل الصبي ورث وصلي عليه" (1). قال الشيخ أبو حامد: ولا خلاف في هذا (2).
ابن قدامة (620 هـ) قال: [والثاني: أن تضعه حيًّا، فإن وضعته ميتًا؛ لم يرث في قولهم جميعًا، واختلف فيما يثبت به الميراث من الحياة، واتفقوا على أنه إذا استهل صارخًا ورث ووُرِث](3).
القرطبي (671 هـ) قال: [وأجمع أهل العلم على أن الرجل إذا مات وزوجته حبلى أن الولد الذي في بطنها يرث ويورث إذا خرج حيًّا واستهل](4).
ابن حجر العسقلاني (852 هـ) في كلامه على ميراث الطفل قال: [وقد اتفقوا على أن الميراث يجب له ولو كان ابن ساعة؛ فلا فائدة في تخصيصه بالبالغ دون الصغير](5).
الشوكاني (1255 هـ) قال: [والحديثان يدلان على أن المولود إذا وقع منه الاستهلال أو ما يقوم مقامه ثم مات ورثه فرابته وورث هو منهم وذلك مما لا خلاف فيه](6).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع: الحنفية (7).
قال السرخسي (483 هـ): أعلم بأن الحمل من جملة الورثة إذا علم بأنه
(1) الترمذي 1032 بنحوه، وابن ماجه في الجنائز 2750 في الفرائض، والحاكم في المستدرك 1/ 363، و 4/ 348 - 349 وصححه، والبيهقي في السنن الكبرى 4/ 8 - 9 في الجنائز.
(2)
البيان في مذهب الإمام الشافعي (9/ 79).
(3)
انظر: المغني (9/ 180).
(4)
انظر: الجامع لأحكام القرآن (6/ 109).
(5)
انظر: الفتح (5/ 13).
(6)
انظر: نيل الأوطار (6/ 185).
(7)
انظر: المبسوط (30/ 50).
كان موجودًا في البطن عند موت المورث، وانفصل حيًا، وإنما يعلم وجوده في البطن إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر منذ مات المورث لأن أدنى مدة الحمل ستة أشهر، وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر فلا ميراث له إذا كان النكاح قائمًا بين الزوجين، وإن كانت معتدة فحينئذ إذا جاءت به لأقل من سنتين منذ وقعت الفرقة بموت أو طلاق فهو من جملة الورثة وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر منذ مات المورث فإنما يرث إذا انفصل حيًا وطريق معرفة ذلك أن يستهل صارخًا أو يسمع منه عطاس أو يتحرك بعض أعضائه بعد الانفصال (1).
قال البهوتي (1051 هـ): ويرث الحمل ويورث بشرطين: أحدهما: أن يعلم أنه كان موجودًا حال موت مورثه. . . الثاني: أن تضعه حيًا. . . وتعلم حياته إذا استهل بعد وضع كله صارخًا (2).
قال عبد الرحمن بن قاسم (1392 هـ): ويرث المولود ويورث إن استهل صارخًا (3).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (إذا استهل المولود ورث)(4).
• وجه الاستدلال: أن استهلال المولود نازلًا علامة الحياة، ولذلك يرث (5).
الثاني: عن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنهما والمسور ابن مخرمة رضي الله عنه قالا: (قضى
(1) المبسوط (30/ 50).
(2)
كشاف القناع، 4/ 390.
(3)
حاشية الروض المربع، 6/ 165.
(4)
رواه: أبو داود، كتاب الفرائض، باب في المولود يستهل ثم يموت (2920)، وهو حديث صحيح صححه الألباني. انظر: سنن أبي داود، رقم (2920).
(5)
انظر: الحاوي الكبير (8/ 172).