الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخاها إذا لم يزاحمها ذو فرض تشاركه مع مزاحمة ذي الفرض كمزاحمة الزوج، فأما استدلاله بأن فرض البنات الثلثان فهو كذلك، ونحن لم نعط بنت الابن فرضًا وإنما أعطيناها بالتعصيب (1).
النتيجة:
أن حكاية الإجماع في هذه المسألة على قسمين، إجماع صحيح، وإجماع غير صحيح.
أما الإجماع الصحيح المنعقد، فهو مقاسمة بنات الابن لإخوانهن من بني الابن فيما بقي بعد ميراث البنت {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11].
وأما الإجماع غير الصحيح، والذي خالف فيه ابن مسعود فهو إذا زاد نصيب البنات على السدس فإن المال للذكور من أولاد الابن فقط دون البنات.
[207 - 15] الأب يرث بالفرض أو بالتعصيب أو بالفرض والتعصيب
• المراد بالمسألة: أن الأب يرث في ثلاث حالات: تارة يرث بالفرض، وتارة بالتعصيب المجرد، وتارة بالفرض والتعصيب.
مثاله: لو مات ميت عن، ابن، وأب، فالمسألة من (ستة أسهم) فللأب السدس (سهم واحد) فرضًا، والباقي للإبن (خمسة أسهم). ولو مات ميت عن أم، وأب، فالمسألة من (ثلاثة أسهم) فللأم الثلث (سهم واحد) والباقي للأب (سهمان) تعصيبًا، ولو مات ميت عن أبي، وبنت، فالمسألة من (ستة أسهم) فللبنت النصف (ثلاثة أسهم) وللأب السدس (سهم واحد) فرضًا، ويرد له الباقى (سهمان) تعصيبًا.
• من نقل الإجماع: ابن المنذر (318 هـ) قال: [وأجمعوا على أن من ترك ابنًا وأبًا أن للأب السدس، وما بقي فللابن، وكذلك جعلوا حكم الجد مع الابن كحكم الأب](2).
(1) الحاوي الكبير (8/ 101).
(2)
انظر: الإجماع (ص 96).
ابن عبد البر (463 هـ) قال: [الأب عاصب وذو فرض إذا انفرد أخذ المال كله، وإن شركه ذو فرض كالابنة والزوج والزوجة أخذ ما فضل عن ذوي الفروض، فإن كان معه من ذوي الفروض من يجب لهن أكثر من خمسة أسداس المال؛ فرض له السدس، وصار ذا فرض وسهم معهم، ودخل العول على جميعهم إن ضاق المال عن سهامهم، فإن لم يترك المتوفى غير أبويه؛ فلأمه الثلث، وباقي ماله لأبيه؛ لأن اللَّه عز وجل لما جعل ورثة المتوفى أبويه، وأخبر أن للأم من ماله الثلث، عُلم أن للأب ما بقي بدليل قوله سبحانه وتعالى: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11]. وهذا كله إجماع من العلماء، واتفاق من أصحاب الفرائض والفقهاء] (1).
ابن رشد (595 هـ) قال: [وأجمع العلماء على أن الأب إذا انفرد كان له جميع المال، وأنه إذا انفرد الأبوان؛ كان للأم الثلث، وللأب الباقي؛ لقوله سبحانه وتعالى: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11].
ابن قدامة (620 هـ) في كلامه على ميراث الأب: له ثلاثة أحوال: [حال: يرث فيها بالفرض، وهي مع الابن أو ابن الابن وإن سفل، فليس له إلا السدس، والباقي للابن ومن معه، لا نعلم في هذا خلافًا. . الحال الثانية: يرث فيها بالتعصيب المجرد، وهي مع غير الولد؛ فيأخذ المال إن انفرد، وإن كان معه ذو فرض غير الولد، كزوج، أو أم، أو جدة، فلذي الفرض فرضه، وباقي المال له. . الحال الثالثة: يجتمع له الأمران: الفرض والتعصيب، وهي مع إناث الولد، أو ولد الابن، فله السدس؛ لقوله سبحانه وتعالى: {لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 11] ولهذا كان للأب السدس مع البنت بالإجماع، ثم يأخذ ما بقي بالتعصيب. . فليس فيه بحمد اللَّه اختلاف نعلمه] (2).
(1) انظر: الاستذكار (15/ 405).
(2)
انظر: المغني (9/ 19 - 20).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (1).
قال الجويني: (الأب يستغرق التركة إذا انفرد، ويأخذ بالتعصيب المحض إذا لم يكن في الفريضة ولد أو ولد ابن، فإن كان فيها ولد أو ولد ابن، وإن سفل، فإن كان ذكرًا، فللأب السدس لا غير، وإن كان أنثى فلها فرضها، وللأب السدس بالفرض، والباقي بالتعصيب، . . . والأب يجمع له بين الفرض والتعصيب بسبب واحد، وهو الأبوة)(2).
قال العمراني: (وأما الأب فله ثلاث حالات: حالة يرث فيها بالفرض لا غير، وحالة يرث فيها بالتعصيب لا غير، وحالة يرث فيها بالفرض والتعصيب، فأما الحالة التي يرث فيها بالفرض لا غير فهي: إذا كان الأب مع الابن أو ابن الابن. . فإن فرض الأب السدس. . .، وأما الحالة التي يرث فيها بالتعصيب لا غير فتنقسم إلى قسمين:
أحدهما: ينفرد بجميع المال: وهو: إذا لم يكن معه من له فرض، بأن كان وحده.
والثاني: يأخذ بعض المال بالتعصيب وهو: إذا كان معه من له فرض غير الابنة مثل: أن كان معه أم، أو أم أم، أو زوج، أو زوجة، فإنه يأخذ ما بقي عن فرض هؤلاء بالتعصيب. . . وأما الحالة الثالثة التي يرث فيها بالفرض والتعصيب فهي: إذا كان هناك أب وابنة، أو ابنة ابن. . . فإن للأب السدس بالفرض، وللابنة أو لابنة الابن النصف، والباقي للأب بالتعصيب) (3).
قال النووي: (وللأب ثلاثة أحوال، حال يرث بمحض الفرض، وهو إذا كان معه ابن، أو ابن ابن، فله السدس، والباقي للابن، أو ابن الابن،
(1) انظر: الاختيار لتعليل المختار (5/ 87).
(2)
نهاية المطلب، 9/ 69.
(3)
البيان في مذهب الإمام الشافعي، 9/ 55 - 56.
وحال يرث بمحض العصوبة، وهو إذا لم يكن ولد ولا ولد ابن، وحال يرث بهما، وهو إذا كان معه بنت، أو بنت ابن، أو بنات، فله السدس فرضًا، ولهن فرضهن والباقي له بالتعصيب) (1).
قال الموصلي: (الأب وله ثلاثة أحوال: الفرض المحض وهو السدس مع الابن وابن الابن وإن سفل، قال تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} والتعصيب المحض وذلك عند عدم الولد وولد الابن قال تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} فعلمنا أن الباقي للأب وهو آية العصوبة والتعصيب والفرض، وذلك مع البنت وبنت الابن فله السدس بالفرض، والنصف للبنت، أو الثلثان للبنتين فصاعدًا والباقي له بالتعصيب لقوله عليه الصلاة والسلام: "فما أبقت فلأولى عصبة ذكر")(2).
قال القرافي: (والأب إذا انفرد حاز المال بالتعصيب، وإن كان معه ذو فرض سواء إناث ولد الصلب وولد الابن أخذ ذو الفرض فرضه وأخذ هو الباقي بالتعصيب، ويفرض له مع ولد الصلب أو ولد الابن ذكورهم وإناثهم السدس، فان فضل عن إناثهم فضل أخذه بالتعصيب)(3).
قال الخطيب الشربيني: (الأب يرث بفرض إذا كان معه ابن أو ابن ابن، وبتعصيب إذا لم يكن ولد ولا ولد ابن، وبهما إذا كان بنت أو بنت ابن له السدس فرضًا والباقي بعد فرضهما بالعصوبة)(4).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: قال اللَّه سبحانه وتعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11].
(1) روضة الطالبين، 6/ 12.
(2)
الاختيار لتعليل المختار (5/ 87).
(3)
الذخيرة، 13/ 46.
(4)
مغني المحتاج، 3/ 14 - 15.