الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني: عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: (قضى في: بنت، وبنت ابن، وأخت: بأن للبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، وللأخت الباقي)(1).
• وجه الاستدلال: أن البنت الصلبية إن كانت واحدة، ولم يشاركها أحد من أخواتها البنات، فإن لها النصف.
النتيجة:
صحة الإجماع في أن نصيب البنت الواحدة النصف، إذا انفردت عن إخوانها وأخواتها.
[196 - 4] نصيب البنتين الصُلبيتين الثلثان
• المراد بالمسألة: مضى حكاية الإجماع أن للبنت الصُلبية الواحدة النصف، فإن كانتا اثنتين، فإنهن يشتركن في الثلثين.
مثاله: لو مات ميت عن بنتين، وعم، فإن المسألة من ثلاثة أسهم، فللبنتين الثلثان (سهمان) وللعم الباقي (سهم واحد).
• من نقل الإجماع: ابن المنذر (319 هـ) قال: [وأجمعوا على أن ما فوق البنتين من البنات كحكم البنتين](2).
ابن عبد البر (463 هـ) قال: [وما أعلم في هذا خلافًا بين علماء المسلمين إلا رواية شاذة لم تصح عن ابن عباس أنه قال: للاثنتين النصف كما للبنت الواحدة، حتى تكون البنات أكثر من اثنتين؛ فيكون لهن الثلثان](3).
ابن قدامة (620 هـ) قال: [أجمع أهل العلم على أن فرض الابنتين
(1) رواه: البخاري، كتاب الفرائض، باب ميراث ابنة ابن مع ابنة، رقم (6736).
(2)
انظر: الإجماع (ص 94) وقال في (ص 94): وقال: [وأجمعوا على أن للثنتين من البنات الثلثين].
(3)
انظر: الاستذكار (15/ 389).
الثلثان إلا رواية شاذة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن فرضهما النصف؛ لقول اللَّه سبحانه وتعالى: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} [النساء: 11] فمفهومه أن ما دون الثلاث ليس لهما الثلثان] (1).
ابن تيمية (728 هـ) قال: [فإن اللَّه لما قال في الأخوات {كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ} [النساء: 176] كان دليلًا على أن البنتين أولى بالثلثين من الأختين، وأيضًا فسنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما أعطى ابنتي سعد بن الربيع الثلثين وأمهما الثمن والعم ما بقي، وهذا إجماع لا يصح فيه خلاف عن ابن عباس رضي الله عنهما] (2).
عبد الرحمن بن قاسم (1392 هـ) قال: [وأجمع أهل العلم أن فرض البنتين الثلثان](3).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (4)، والشافعية (5)، وابن حزم من الظاهرية (6)، والشوكاني (7).
قال القدوري: (والثلثان لكل اثنين فصاعدًا ممن فرضه النصف إلا الزوج)(8). قال الماوردي: (وأما الثلثان ففرض أربعة فرض البنتين فصاعدًا. . .)(9).
قال ابن حزم: (ومن مات وترك أختين شقيقتين أو لأب أو أكثر من
(1) انظر: المغني (9/ 11).
(2)
انظر: مجموع الفتاوى (31/ 202).
(3)
حاشية الروض المربع (6/ 111).
(4)
الاختيار لتعليل المختار (5/ 92).
(5)
الحاوي الكبير (8/ 100)، والبيان في مذهب الإمام الشافعي (9/ 48).
(6)
المحلى (9/ 254) مسألة (1710).
(7)
نيل الأوطار (6/ 171 - 172).
(8)
اللباب في شرح الكتاب، ص 718.
(9)
الحاوي الكبير، 8/ 96.
أختين كذلك أيضًا ولم يترك ولدًا ولا أخًا شقيقًا ولا لأب ولا من يحطهن مما نذكر فلهما ثلثا ما ترك أو لهن على السواء، وكذلك من ترك ابنتين فصاعدًا ولم يترك ولدًا ذكرًا ولا من يحطهن فلهما أو لهن ثلثا ما ترك أيضًا) (1).
قال الجويني: (وللبنتين فصاعدًا الثلثان عندنا، وهو مذهب عامة الفقهاء وادعى بعض الفرضيين الإجماع فيه وحكوا موافقة ابن عباس)(2).
قال السرخسي: (فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان في قول عامة الصحابة رضوان اللَّه عليهم، وهو قول جمهور الفقهاء)(3).
قال القرافي: (في أن للاثنتين الثلثين)(4). قال النووي: (. . . وللبنتين فصاعدًا الثلثان. . .)(5). قال الموصلي: (وللبنتين فصاعدًا الثلثان)(6).
قال الخطيب الشربيني: (والثلثان فرض بنتين فصاعدًا)(7).
قال الدردير: (والثلثان لأربعة، أي لكل نوع من الأنواع الأربعة المشار إليها بقوله لذوات النصف إن تعددن: وهي البنت وبنت الابن. . .)(8).
قال الشوكاني: (فيه دليل على أن للبنتين الثلثين وإليه ذهب الأكثر)(9).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: قال سبحانه وتعالى: (فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف).
• وجه الاستدلال: من وجوه:
الوجه الأول: أن في فحوى الآية بيان فرض الاثنتين، وذلك أن اللَّه قد
(1) المحلى، 9/ 254.
(2)
نهاية المطلب، 9/ 42.
(3)
المبسوط، 29/ 139.
(4)
الذخيرة، 13/ 31.
(5)
روضة الطالبين، 6/ 13.
(6)
الاختيار لتعليل المختار، 5/ 87.
(7)
مغني المحتاج، 4/ 16.
(8)
الشرح الصغير، 4/ 622.
(9)
نيل الأوطار (6/ 171 - 172).
جعل نصيب الابن في صدر الآية ضعف نصيب البنت {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11]، والصورة التي تتحقق فيها هذه القاعدة تحققًا تامًا هي أن ينحصر ميراث الميت في ابن وبنت، فالابن يأخذ الثلثين، والبنت تأخذ الثلث، وهذان الثلثان اللذان أخذهما الابن يأخذهما البنتان إن لم يكن هو معهما (1).
الوجه الثاني: أن المتقرر أن البنت تأخذ الثلث مع الابن الذي يفوقها عصبة بنفسه، فلأن تأخذ الثلث مع بنت أخرى مساوية لها أولى.
الوجه الثالث: أن البنات كالأخوات في أن كل فريق منهما تأخذ الواحدة منه عند الانفراد نصف التركة، ويأخذ الثلاث فصاعدًا ثلثي التركة، ويرثن بالعصوبة بالغير إذا اجتمع مع كل فريق أخ له، وقد جعل اللَّه حكم الأختين كحكم الأخوات الثلاث بالنص، فجعل لهما ثلثي التركة قال سبحانه وتعالى:{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)} [النساء: 176] فكأنه سبحانه قد ترك حكم البنتين ليقاسا على الأختين للعلم بأن حالهما واحدة، وترك حكم الأخوات الزائدات على الثنتين ليُقسن على البنات لذلك، وهو من قياس الأولى، لأنهما أقرب إلى الميت.
الوجه الرابع: أن كلمة (فوق) الواردة في قوله سبحانه وتعالى: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: 11] صلة، مثل قوله سبحانه وتعالى:{فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ} [الأنفَال: 12] أي: اضربوا الأعناق (2).
(1) انظر: الجامع لأحكام القرآن (6/ 106)، ولباب التأويل، الخازن (1/ 349).
(2)
انظر: الجامع لأحكام القرآن (6/ 106)، ولباب التأويل، الخازن (1/ 349).
الثاني: عن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنهما قال: جاءت امرأة سعد بن الربيع رضي الله عنه إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بابنتيها من سعد، فقالت: يا رسول اللَّه، هاتان ابنتا سعد ابن الربيع قتل أبوهما معك في أحد شهيدًا، وإن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالًا، ولا ينكحان إلا ولهما مال، قال: فقال صلى الله عليه وسلم: (يقضي اللَّه في ذلك) قال: فنزلت آية الميراث، فأرسل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى عمهما فقال:(أعط ابنتي سعد الثلثين وأمهما الثمن، وما بقي فهو لك)(1).
• وجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى ابنتي سعد وكانتا اثنتين الثلثان، فدل على أن حكم الثنتين فما فوق إذا اجتمعن واحد، وهو الاشتراك في الثلثين.
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة: ابن عباس رضي الله عنهما (2)، وابن حزم من الظاهرية (3).
فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (إن للبنتين النصف) وقد ذكر هذا القرطبي حينما رد حكاية الإجماع، عند تفسير قوله سبحانه وتعالى:{فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء: 11] وقال: (فرض اللَّه تعالى للواحدة النصف، وفرض لما فوق الثنتين الثلثين، ولم يفرض للثنتين فرضًا منصوصًا في كتابه، فتكلم العلماء في الدليل الذي يوجب لهما الثلثين ما هو؟ فقيل: الإجماع، وهو مردود؛ لأن الصحيح عن ابن عباس أنه أعطى البنتين النصف)(4). وقال ابن حزم: (وأجمعوا أن للأبنتين المنفردتين
(1) رواه: أبو داود، رقم (2892)، والترمذي، رقم (2092)، وابن ماجه، رقم (2720)، والحاكم في المستدرك، كتاب الفرائض (4/ 333 - 234). وصحح إسناده الألباني، انظر: سنن أبي داود، رقم (2892).
(2)
انظر: الاستذكار، ابن عبد البر (15/ 389)، والمغني، ابن قدامة (9/ 11)، والجامع لأحكام القرآن، القرطبي (6/ 105).
(3)
انظر: مراتب الإجماع (ص 179).
(4)
انظر: الجامع لأحكام القرآن (6/ 105).