الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال البهوتي: (. . . إلا أن يفعله لحاجة، كما لو خاف عليها من سيل أو حريق، لأنه لا يعد مفرطًا، والأولى إن نقلها إلى الأعلى لم يضمن لأنه زاده خيرًا)(1). قال الدردير: (إن زاد قفلًا على قفل أمره به فلا يضمن)(2). قال المطيعي: (إذا قال له لا تنقلها وإن خفت عليها الهلاك، فخاف عليها الهلاك ونقلها لم يضمن بالمخالفة لأنه زاده خيرًا، أما إذا لم ينقلها فتلفت ففيه وجهان. . . لا يضمن لأن نهيه مع خوف الهلاك أبرأه من الضمان)(3).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى:
أن نقل الوديعة فى هذه الحال تعيّن حفظًا لها، وهو مأمور بحفظها، فلا يضمن (4).
النتيجة:
صحة الإجماع على أن الوديع إذا خاف على الوديعة الهلاك فأخرجها من المكان المُعين إلى حرزها، فتلفت فلا ضمان عليه (5).
[25 - 6] إذا خلط الوديعة بغيرها ثم تلفت فلا ضمان عليه
• المراد بالمسألة: هو جواز خلط الوديعُ الوديعة مع جنسها أو غير جنسها، كدراهم متميزة، وذلك لإمكان فصلها عما خلطت به، وردها بعينها إلى مالكها عند طلبه بيسر، فأشبه ما لو تركها فى صندوق فيه أكياس له، وكل ما ترتب عليها من الفساد فهو هدر، لأن ما يجري عليها يجري على مال الوديع (6).
• من نقل الإجماع: ابن المنذر (318 هـ) قال: [أجمع كل من نحفظ عنه
(1) المبدع في شرح المقنع، (5/ 235).
(2)
الشرح الصغير، (3/ 557).
(3)
المجموع شرح المهذب (التكملة)، (14/ 182).
(4)
المغني (9/ 263).
(5)
انظر المسألة في: بدائع الصنائع (6/ 210)، والشرح الصغير (4/ 557)، والمجموع شرح المهذب (التكملة)(14/ 182)، والواضح في شرح مختصر الخرقي (2/ 507).
(6)
قال السرخسي في المبسوط (11/ 110): (الخلط أنواع ثلاثة: خلط يتعذر التمييز بعده، كخلط الشيء بجنسه. فهذا موجب للضمان، لأنه يتعذر به على المالك الوصول إلى =
من أهل العلم على أن الوديعة إذا كانت دراهم، فاختلطت بغيرها، أو خلطها غير المودَع، ثم تلفت، أن لا ضمان على المودَع] (1).
وابن قدامة (620 هـ) قال: [يعني بالغلة إذا خلطها بصحاح من ماله، أو خلط الصحاح بالمكسرة لم يضمنها، لأنها تتميز منها فلا يعجز بذلك عن ردها على صاحبها، فلم يضمنها، كما لو تركها في صندوق فيه أكياس له، وبهذا قال الشافعي ومالك، ولا نعلم فيه اختلافًا](2).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع: الحنفية (3)، والمالكية (4)، والشافعية (5).
قال السرخسي: (الخلط ثلاثة أنواع: خلط يتعذر التمييز بعده كخلط الشيء بجنسه، فهذا موجب للضمان، لأنه يتعذر به على المالك الوصول إلى عين ملكه، وخلط يتيسر معه التمييز كخلط السود بالبيض والدراهم بالدنانيير، فهذا لا يكون موجبًا للضمان لتمكن المالك من الوصول إلى عين ملكه فهذه مجاورة ليس بخلط، وخلط يتعسر معه التمييز كخلط الحنطة بالشعير، فهو موجب للضمان، لأنه يتعذر على المالك الوصول إلى عين ملكه إلا بحرج)(6).
= عين ملكه، وخلط يتيسر معه التمييز، كخلط الدراهم السود بالبيض، والدراهم بالدنانير. فهذا لا يكون موجبا للضمان، لتمكن المالك من الوصول إلى عين ملكه، فهذه مجاورة، وليست بخلط، وخلط يتعسر معه التمييز، كخلط الحنطة بالشعير، فهذا موجب للضمان، لأنه يتعذر على المالك الوصول إلى عين ملكه إلا بحرج، والمتعسر كالمتعذر).
انظر: القوانين الفقهية (ص 379)، ومغني المحتاج (3/ 89)، والإنصاف (6/ 331).
(1)
الإشراف على مذاهب أهل العلم (6/ 332).
(2)
المغني (9/ 262)، قال ابن قدامة:(وقد حكي عن أحمد، في من خلط دراهم بيضا بسود: يضمنها. ولعله قال ذلك لكونها تكتسب منها سوادا، أو يتغير لونها، فتنقص قيمتها، فإن لم يكن فيها ضرر، فلا ضمان عليه، واللَّه تعالى أعلم).
(3)
المبسوط (11/ 110).
(4)
المدونة الكبرى (7/ 208).
(5)
روضة الطالبين، النووي (6/ 336).
(6)
المبسوط (11/ 110).
قال النووي: (إذا خلط الوديعة بمال نفسه، وفقد التمييز ضمن، وإن خلطها بمال آخر للمالك ضمن أيضًا على الأصح لأنه خيانة، ولو أودعه دراهم فأنفق منها درهمًا ثم رد مثله إلى موضعه، لا يبرأ من ضمانه، ولا يملكه المالك إلا بالدفع إليه، ثم إن كان المردود غير متميز عن الباقي، صار الجميع مضمونًا، لخلطه الوديعة بمال نفسه، فإن تميز فالباقي غير مضمون)(1).
قال القرافي: (إذا خلط الدراهم فضاع الجميع لم يضمن، أو ضاع بعضه فما ضاع ضمنه، وما بقي بينكما، لأن دراهمك لا تعرف من دراهمه ولو عرفت لكانت مصيبتها دراهم كل واحد منه، وكذلك الحنطة إذا خلطها بمثلها للاحتراز والفرق، أو بحنطة مخالفة لها، أو بشعير، ثم ضاع الجميع ضمن)(2).
قال الخطيب الشربيني (. . . وإن تميز عنها فالباقي غير مضمون عليه، وإن تميز عن بعضها لمخالفته له بصفة كسواد وبياض وسكة ضمن ما لا يتميز خاصة، وإن رده بعينه إليها لم يضمن غيره من بقية الدراهم، وإن تلفت كلها أو لم يتميز هو عنها لاختلاطه بها، لأن هذا الخلط كان حاصلًا قبل الأخذ)(3).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى أن خلط الوديعة في مثل هذه الصورة يكون مما تتميز عن غيرها، فلا يعجز بذلك عن ردها إلى صاحبها، فلم يضمنها، كما لو تركها في صندوق وفيه أكياس له (4).
• الخلاف في المسألة: وقد خالف في هذه المسألة: الإمام أحمد في إحدى الروايتين، فقد حكي عنه:(تضمين من خلط دراهم بيضًا بسود)(5).
وقد وجه ابن قدامة كلام الإمام أحمد بقوله: (ولعله قال ذلك لكونها
(1) روضة الطالبين، النووي (6/ 336).
(2)
الذخيرة، (9/ 167).
(3)
مغني المحتاج، (3/ 89).
(4)
المبدع في شرح المقنع (5/ 240).
(5)
المغني (9/ 262).