الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني: لم يذكر البينة في شيء من الحديث ولو كانت شرطًا للدفع لم يجز الإخلال به ولا الأمر بالدفع بدون. ولأن إقامة البينة على اللقطة تتعذر، لأنها إنما تسقط حال الغفلة والسهو، فتوقف دفعها عليها منع لوصولها إلى صاحبها أبدًا، وهذا يفوت مقصود الالتقاط، ويفضي إلى تضييع أموال الناس، وما هذا سبيله يسقط اعتبار البينة فيه (1).
النتيجة:
صحة الإجماع على أن اللقطة لا تدفع إلى مدعيها إذا لم يعرف العفاص ولا الوكاء، وذلك لعدم المخالف (2).
[52 - 15] جواز رد اللقطة بعوض
• المراد بالمسألة: أن صاحب اللقطة إن جَعل (3) لمن وجدها شيئًا معلومًا، فللملتقط أخذ الجعل إن كان التقطه بعد أن بلغه الجعل.
• من نقل الإجماع: ابن قدامة (620 هـ) قال: [الجعالة في رد الضالة والآبق وغيرهما جائزة، وهذا قول أبي حنيفة ومالك والشافعي، ولا نعلم فيه مخالفًا](4).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع: الحنفية (5) والشافعية (6)، والمالكية (7).
قال السرخسي: (وإن عوضه صاحبه شيئًا فهو حسن، لأنه يحسن إليه
(1) الواضح في شرح مختصر الخرقي (2/ 380).
(2)
انظر المسألة في: تبيين الحقائق (3/ 306)، والذخيرة (9/ 117)، والحاوي الكبير (8/ 23)، والمغني (8/ 312)، وحاشية الروض المربع (5/ 514).
(3)
الجعالة: بفتح الجيم، وكسرها، وضمها، هي: ما يعطاه الإنسان على الأمر يفعله. انظر: المطلع على أبواب المقنع (ص 281).
(4)
المغني (8/ 323).
(5)
المبسوط (11/ 10).
(6)
الأم (5/ 144)، ومغني المحتاج (2/ 429).
(7)
الشرح الصغير (4/ 85)، وحاشية الدسوقي (5/ 436).
في إحياء ملكه، ورده عليه، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان) (1).
قال النووي: (الجعالة: هي أن يقول: من رد عبدي الآبق، أو دابتي الضالة، ونحو ذلك فله كذا، وهي عقد صحيح للحاجة)(2).
قال الشربيني: (فلو رده من علم بإذنه قبل رده استحق الجعل الملتزم سواء أعلمه بواسطة أم بدونها)(3).
قال الدردير: (ولمن لم يسمع قول الجاعل: من أتاني بعبدي أو بعيري أو نحو ذلك، فله كذا، وهو صادق بصورتين: أن يقع من الجاعل قول بذلك، ولم يسمعه هذا الذي أتى به من القائل ولا بالواسطة، وبما إذا لم يقع منه قول أصلًا، ففي الصورتين جعل مثله إن اعتاده. . . فالمعنى: أن من اعتاد جلب ما ضل إذا أتى بشيء منها، فله جعل مثله إذا لم يسمع ربها، فإن سمعه فله ما سمى)(4).
قال عبد الرحمن بن قاسم: (والجماعة إذا فعلت المجاعل عليه يقتسمون الجعل بينهم بالسوية، إذا شرعوا في العمل بعد القول، ما لم يكن الجعل لمعين، فله وحده)(5).
• مستند الإجماع: يستند هذا الإجماع على عدة أدلة، منها:
الأول: قال سبحانه وتعالى: {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72)} [يوسف: 72].
• وجه الاستدلال: أن حمل البعير مجهول فيصح أن يكون جعلًا لأنه يؤول إلى العلم، والزعيم الكفيل والغارم (6).
(1) المبسوط (11/ 10).
(2)
روضة الطالبين، (5/ 268).
(3)
مغني المحتاج، (2/ 429).
(4)
الشرح الصغير، (4/ 82 - 83).
(5)
حاشية الروض المربع، (5/ 497).
(6)
انظر: شرح الزركشي على مختصر الخرقي (3/ 309).