الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس: مسائل الإجماع في ميراث الغرقى والمفقودين
[295 - 103] يرث المتأخر من الغرقى والهدمى إذا عُلِم تأخره عن صاحبه المتأخر
• المراد بالمسألة: الغرقى: جمع غريق هم: من ماتوا غرقًا في الماء، والهدمى هم: من ماتوا تحت البنيان (1)، وبجري هذا على كل موت جماعي فيه أقارب يتوارثون، كانقلاب السيارات، وغرق السفن، وسقوط الطائرات، وكوارث الزلازل وغيرها.
والمراد أنه إذا تيقن سبق موت أحد الغرقى أو الهدمى أو من في حكمهم من يتوارث، فإن المتأخر موتًا يرث المتقدم، أما إذا جهل، أو علم ثم نسي فالمسألة خلافية.
• من نقل الإجماع: ابن حزم (456 هـ) قال: [واتفقوا أن من مات إثر مورثه بطرفة عين أن حقه في ميراث الأول موروثًا قد ثبت، وأنه يرثه ورثة الميت الثاني](2).
ابن قدامة (620 هـ) قال: [في معرض كلامه على المتوارثين إذا ماتوا فجهل أولهم موتًا: ولأن توريث كل واحد منهما خطأ يقينًا؛ لأنه لا يخلو من أن يكون موتهما سبق أحدهما به، وتوريث السابق بالموت والميت معه خطأ يقينًا مخالف للإجماع فكيف يعمل به](3).
المطيعي (1354 هـ) قال: [إذا مات متوارثان كالرجل وابنه أو كالزوجين
(1) انظر: المطلع على أبواب المقنع (309)، قواعد الفقه، البركتي (551)، كشاف القناع (4/ 399).
(2)
انظر: مراتب الإجماع (ص 179).
(3)
انظر: المغني (9/ 172).
بالغرق أو الهدم، فإن علم أن أحدهما مات أولًا وعرف عينه ورث الثاني من الأول، وإن علم أن أحدهما مات أولًا وعرف عينه ثم نسي، وقف الأمر إلى أن يتذكر من الأول منهما فيرث منه الثاني، لأن الظاهر ممن علم ثم نسي أنه يتذكر، وهذا لا خلاف فيه] (1) عبد الرحمن ابن قاسم (1392 هـ) قال:[. . وإن علم ولو بلحظة ورث المتأخر إجماعًا](2).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع: الحنفية (3)، والمالكية (4).
قال السرخسي (483 هـ): اتفق أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وزيد ابن ثابت رضي الله عنهم في الغرقى والحرقى إذا لم يعلم أيهم مات أولًا أنه لا يرث بعضهم من بعض، وإنما يجعل ميراث كل واحد منهم لورثته الأحياء به قضى زيد في قتلى اليمامة حين بعثه أبو بكر لقسمة ميراثهم، وبه قضى زيد في قتلى الحرة، وهكذا نقل عن علي رضي الله عنه في قتلى الجمل وصفين، وهو قول عمر بن عبد العزيز وبه أخذ جمهور الفقهاء (5).
قال العمراني (558 هـ): وإذا مات متوارثان -كالرجل وابنه، أو كالزوجين- بالغرق أو الهدم، فإن عُلم أن أحدهما مات أولًا وعُرف عينه، ورث الثاني من الأول (6).
قال الدسوقي (1230 هـ): ولا يرث من جهل تأخر موته عن مورثه بأن ماتا تحت هدم مثلًا أو بطاعون ونحوه بمكان ولم نعلم المتأخر منهما فيقدر أن كل واحد لم يخلف صاحبه وإنما خلف الأحياء من ورثته (7).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
(1) انظر: المجموع شرح المهذب (التكملة الثانية)(16/ 67).
(2)
انظر: حاشية الروض المربع (6/ 176).
(3)
انظر: المبسوط (30/ 27).
(4)
انظر: حاشية الدسوقي (6/ 589).
(5)
المبسوط (30/ 27).
(6)
البيان في مذهب الإمام الشافعي، 9/ 33.
(7)
حاشية الدسوقي (6/ 589).
الأول: عن إياس المزني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن قوم وقع عليهم بيت؟ فقال: (يرث بعضهم بعضًا)(1).
• وجه الاستدلال: أنه نص ظاهر على توريث الهدمى بعضهم من بعض.
الثاني: عن عمر رضي الله عنه عندما كتب له في طاعون عمواس أنه قال: (ورثوا بعضهم من بعض)(2).
• وجه الاستدلال: أن فيه دليل على توريث المتأخر من المتقدم (3).
الثالث: أن حياة كل من الغرقى أو الهدمى كانت ثابتة بيقين، والأصل بقاؤها إلى ما بعد موت الآخر (4).
النتيجة:
صحة الإجماع في أنه إذا تيقن موت المتقدم من المتأخر من الغرقى والهدمى الذين يتوارثون، فإن المتأخر يرث المتقدم.
(1) رواه: البيهقي بدون إسناد موقوفا فقال (6/ 223): (قال الإمام أحمد رحمه الله: وروى عن إياس بن عبد اللَّه المزني أنه قال: يورث بعضهم من بعض). وقد وصله سعيد بن منصور في "سننه"(3/ 1/ 64/ 234) والدارقطني (ص 456) من طريق عمرو بن دينار عن أبي المنهال عن إياس بن عبد: أنه سئل عن بيت سقط على ناس فماتوا، فقال:(يورث بعضهم من بعض).
قال صاحب التكميل لما فات تخريجه من إرواء الغليل، الشيخ صالح آل الشيخ (6/ 154): وإسناده صحيح، وأبو المنهال اسمه عبد الرحمن بن مطعم.
(2)
رواه: سعيد بن منصور، باب الغرقى والحرقى، رقم (232) من طريق ابن أبي ليلى عن الشعبي بلفظ:(أن بيتًا في الشام وقع على قوم، فورث عمر بعضهم من بعض)، وضعفه الألباني، وتعقبه صاحب التكميل فقال: (اللفظ الذي ساقه المخرج هو لفظ الدارمي في "سننه"، وأما لفظ سعيد في "سننه" فهو اللفظ الذي ساقه المصنف، وقد جعل المخرج لفظ سعيد هو لفظ الدارمي، وليس كذلك. فالمخرج وقف على سنده إلى
الشعبي باللفظ نفسه عند سعيد).
انظر: إرواء الغليل (6/ 153)، التكميل لما فات تخريجه من إرواء الغليل، الشيخ صالح آل الشيخ (ص 80).
(3)
انظر: الحاوي الكبير (8/ 87).
(4)
انظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي (9/ 33).