الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شيئًا.
الخامس: ولا يستحق أخذ الجعل بردها، لأن الرد واجب عليه من غير عوض، فلم يجز أخذ العوض عن الواجب كسائر الواجبات (1).
النتيجة:
صحة الإجماع في أنَّ رد اللقطة بغير عوض لا يستحق صاحبه شيء.
[54 - 17] يجوز الانتفاع بيسير اللقطة
• المراد بالمسألة: أن يسير اللقطة، وهي التي لا تتبعها همة أوساط الناس يجوز الانتفاع بها، ولو من دون تعريف.
• من ذكر الإجماع: ابن قدامة (620 هـ) قال: [لا نعلم خلافًا بين أهل العلم في إباحة أخذ اليسير والانتفاع به، (2).
القرطبي (671 هـ) قال: [أجمع العلماء على أن اللقطة ما لم تكن تافهًا يسيرًا أو شيئًا لا بقاء لها فإنها تعرف حولًا كاملًا](3).
النووي (676 هـ) قال: [أن التمرة ونحوها من محقرات الأموال. . لأنه صلى الله عليه وسلم إنما تركها خشية أن تكون من الصدقة لا لكونها لقطة، وهذا الحكم متفق عليه](4).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع: الحنفية (5)، وابن المنذر (6).
قال ابن المنذر: (اختلف أهل العلم في اللقطة اليسيرة يجدها المرء،
(1) المصدر السابق (8/ 332).
(2)
المغني (8/ 296).
(3)
الجامع لأحكام القرآن (11/ 268).
(4)
صحيح مسلم بشرح النووي (4/ 35).
(5)
شرح فتح القدير (6/ 122)، والمبسوط (11/ 2)، والبناية (6/ 773).
(6)
الإشراف على مذاهب العلماء (6/ 369).
فرخصت طائفة فيها إذا كانت يسيرة أن ينتفع بها، ويدع تعريفها) (1).
قال السرخسي: (ثم ما يجده نوعان، أحدهما: ما يعلم أن مالكه لا يطلبه كقشور الرمان والنوى، والثاني: ما يعلم أن مالكه يطلبه، فالنوع الأول له أن يأخذه وينتفع به)(2) قال العمراني: (فإن كانت يسيرة بحيث يُعلَم أن صاحبها لو علم أنها ضاعت منه لم يطلبها، كزبيبة أو تمرة وما أشبهها، لم يجب تعريفها، وله أن ينتفع بها في الحال)(3).
قال ابن رشد: (. . . أن يكون يسيرًا لا بال له، ولا قدر لقيمته، ويعلم أن صاحبه لا يطلبه لتفاهته، فهذا لا يعرّف عنده، وهو لمن وجده)(4).
قال ابن الهمام: (وإن كانت اللقطة شيئًا يعلم أن صاحبها لا يطلبها كالنواة وقشور الرمان يكون إلقاؤه إباحة حتى جاز الانتفاع به من غير تعريف)(5).
قال الموصلي: (وإن كانت حقيرة كالنوى وقشور الرمان ينتفع به من غير تعريف)(6).
قال القرافي: (وقال (أي الإمام مالك): لا أحب أخذ اللقطة إلا أن يكون لها قدر) (7). قال عبد الرحمن بن قاسم: (فأما الرغيف والسوط. . . ونحوهما كشسع النعل، فيملك بالالتقاط بلا تعريف، ويباح الانتفاع به)(8).
• مستند الإجماع: يستند هذا الإجماع على عدة أدلة، منها:
الأول: عن جابر رضي الله عنه قال: (رخص لنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في العصا
(1) الأوسط من السنن والإجماع والاختلاف، (11/ 378).
(2)
المبسوط، (11/ 2).
(3)
البيان في مذهب الإمام الشافعي، (7/ 514).
(4)
بداية المجتهد، (2/ 308).
(5)
شرح فتح القدير، (6/ 122).
(6)
الاختيار لتعليل المختار، (3/ 33).
(7)
الذخيرة، (9/ 89).
(8)
حاشية الروض المربع، (5/ 503 - 504).
والسوط والحبل وأشباهه يلتقطه الرجل ينتفع به) (1).
• وجه الاستدلال: فيه دليل على الإذن بالانتفاع باليسير مما يلتقطه الإنسان.
الثاني: عن أنس رضي الله عنه قال: مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بتمرة في الطريق فقال: (لولا أني أخاف أن تكون من تمر الصدقة لأكلتها)(2).
• وجه الاستدلال: فيه دليل على جواز التقاط الشيء اليسير من دون تعريف، كالتمرة ونحوها.
الثالث: ما ورد عن جملة من الصحابة أنهم تمتعوا بيسير اللقطة من دون تعريف وهم:
1 -
ابن عمر رضي الله عنه أنه رأى تمرة مطروحة في السكة فأخذها فأكلها (3).
2 -
وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: التقط حب رمان فأكله (4).
3 -
وعن ميمونة أم المؤمنين أنها وجدت تمرة فأكلتها وقالت: (لا يحب اللَّه الفساد)(5).
4 -
وعن سلمى بنت كعب قالت: وجدت خاتمًا من ذهب في طريق مكة،
(1) رواه: أبو داود رقم (1717)، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب اللقطة، باب ما جاء في قليل اللقطة، رقم (6/ 195)، وفي سنده المغيرة بن زياد قال في التقريب: صدوق له أوهام. انظر: لسان الميزان (1/ 372). والحديث ضعفه ابن حجر، فتح الباري (5/ 85) والألباني، سنن أبي داود، رقم (1717)، وعبد القادر الأرناؤوط، جامع الأصول، رقم (8376).
(2)
رواه: البخاري رقم (2431)، ومسلم رقم (1071).
(3)
رواه: ابن حزم في المحلى (8/ 266).
(4)
المصدر السابق (8/ 266).
(5)
رواه: ابن أبي شيبة، في المصنف، كتاب البيوع والأقضية، باب ما رخص فيه من اللقطة (22073)، وضعفه الألباني واستغرب من سكوت الحافظ عن تضعيفه مع أن الراوي عن أم المؤمنين مجهول. انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (13/ 1053).
فسألت عائشة عنه، فقالت:(تمتعي به)(1).
• الخلاف في المسألة: خالف في هذا المسألة: الحنفية (2)، والشافعية (3)، والشوكاني (4)، فذهبوا إلى تعريف يسير اللقطة وكثيرها.
قال ابن المنذر: (وأوجبت طائفة تعريف قليل اللقطة وكثيرها)(5).
وقال النووي: (وعندنا أن القليل إذا كان يطلب في العادة وجب التعريف به كالكثير مدة التعريف المنصوص عليها وهي سنة)(6).
• دليلهم: احتج المخالفون بما يلي:
1 -
عموم الأحاديث الواردة في التعريف، ولا فرق بين ما له قيمة، وما لا قيمة له (7).
2 -
قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من التقط لقطة يسيرة حبلًا أو درهمًا أو شبه ذلك فليعرفها ثلاثة أيام، فإن كان فوق ذلك فليعرفه ستة أيام) وفي رواية: (فإن جاء صاحبها وإلا فليتصدق بها)(8).
(1) رواه: ابن أبي شيبة في المصنف، كتاب البيوع والأقضية، باب ما رخص فيه من اللقطة، رقم (22080)، قلت وفيه: شريك بن عبد اللَّه القاضي. معروف فيه لين. والحديث حسن، وذلك لمتابعة أبو عوانة، عند ابن حبان في الثقات (4/ 351) قال: حدثنا الحميدى قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال حدثنا: أبو عوانة عن زهير بن أبي ثابت عن سلمى بنت كعب فذكر نحوه، وفيه:(فوجدت خاتما من ذهب).
(2)
اللباب شرح الكتاب، القدوري (1/ 357).
(3)
روضة الطالبين (4/ 470)، والمجموع (13/ 123).
(4)
نيل الأوطار (6/ 88).
(5)
الإشراف على مذاهب العلماء (6/ 370).
(6)
المجموع (15/ 262).
(7)
المصدر السابق (15/ 262).
(8)
رواه: أحمد (17566)، والبيهقي، كتاب، باب ما جاء في يسير اللقطة، رقم (6/ 195) وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (13/ 756)، وقد حاول الشوكاني في: نيل الأوطار (6/ 88) تحسينه، قال: (وفي إسناده عمر بن عبد اللَّه بن يعلى وقد صرح =
• وجه الاستدلال: أنه نص على تعريف القليل والكثير من دون فرق (1).
3 -
عن أبي سعيد رضي الله عنه أن عليًا رضي الله عنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بدينار وجده في السوق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(عرّفه ثلاثًا، فلم يجد أحدًا يعرفه، فقال: كله)(2).
• وجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أولًا بتعريف الدينار فدل على عدم جواز الاتفاع بيسير اللقطة.
4 -
عن ابن عباس: (من وجد لقطة من سقط المتاع سوطًا أو نعلين أو عصا أو يسيرًا من المتاع فليستمتع به ولينشده، فإن كان ودكًا فليأتدم به ولينشده، فإن جاء صاحبه فليغرم له)(3).
• وجه الاستدلال: أنها فتوى صحابي في وجوب تعريف اليسير والكثير، وأن من استمتع باليسير ثم ظهر صاحبه غرمه.
قال الشوكاني: (وينبغي أيضًا أن يقيد مطلق الانتفاع المذكور في حديث الباب بالتعريف بالثلاث المذكور فلا يجوز للملتقط أن ينتفع بالحقير إلا بعد التعريف به ثلاثًا حملًا للمطلق على المقيد، وهذا إذا لم يكن ذلك الشيء
= جماعة بضعفه، ولكنه فد أخرج له ابن خزيمة متابعة، وروى عنه جماعات، وزعم ابن حزم انه مجهول، وزعم هو وابن القطان أن يعلى وحكيمة التي روت هذا الحديث عن يعلى مجهولان، قال الحافظ: وهو عجب منهما لأن يعلى صحابي معروف الصحبة، قال ابن رسلان: ينبغي أن يكون هذا الحديث معمولًا به لأن رجال إسناده ثقات، وليس فيه معارضة للأحاديث الصحيحة بتعريف سنة، لأن التعريف سنة هو الأصل المحكوم به عزيمة، وتعريف الثلاث رخصة تيسيرًا للملتقط، لأن الملتقط اليسير والرخصة لا تعارض العزيمة بل لا تكون إلا مع بقاء حكم الأصل كما هو مقرر في الأصول).
(1)
المجموع (15/ 262).
(2)
رواه عبد الرزاق في مصنفه، كتاب اللقطة، باب أحلت اللقطة، رقم (18636)، قلت وهو عند أبي داود، كتاب اللقطة، باب التعريف باللقطة، رقم (1714) و (1715) و (1716)، وليس فيه لفظة التعريف.
(3)
رواه: ابن حزم في المحلى (8/ 266).