الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثامن: مسائل الإجماع في القاتل والمبغض والولاء
[323 - 131] يصح إقرار الورثة بوارث يشاركهم في الميراث
• المراد بالمسألة: دعوى النسب هذه تصح بأربعة شروط:
الأول: أن يكون المقر به مجهول النسب.
الثاني: أن يصدقه الحس: بأن يكون المقر به محتمل الثبوت من نسب المقر، بأن يكون ممن يولد مثل المقر به لمثل المقر، وذلك في سن تسمح بأن يكون ابنًا للمقر.
الثالث: أن يصدقه المقر له في إقراره إن كان أهلًا للتصديق، بأن يكون بالغًا عاقلًا عند الجمهور، ومميزًا عند الحنفية.
الرابع: ألا يكون فيه حمل النسب على الغير: سواء كذبه المقر له أو صدقه؛ لأن إقرار الإنسان حجة قاصرة على نفسه، لا على غيره؛ لأنه على غيره شهادة أو دعوى، وشهادة الفرد فيما لا يطلع عليه الرجال غير مقبولة، والدعوى المفردة ليست بحجة، فإذا ثبت جرت عليه جميع أحكام البنوة النسبية، ومنها التوارث بينهما (1).
• من نقل الإجماع: ابن المنذر (318 هـ) قال: [وأجمعوا على أن الرجل إذا قال: هذا الطفل ابني وليس للطفل نسب معروف ينسب إليه؛ أن نسبه يثبت بإقراره](2). وقال: [وأجمعوا على أنه لو أن رجلًا بالغًا من الرجال قال لرجل بالغ آخر: هذا ابني وأقر له البالغ، ولا نسب للمقر به معروف أنه
(1) انظر: المبسوط (17/ 107 - 154)، طرح التثريب، العراقي (7/ 128).
(2)
انظر: الإجماع (ص 97).
ابنه، إذا جاز أن يولد لمثله مثله] (1).
الكاساني (587 هـ): [وأما الإقرار بوارث فالكلام فيه في موضعين أحدهما في حق ثبات النسب، والثاني في حق الميراث، أما الأول فالأمر فيه لا يخلو من أحد وجهين إما أن كان الوارث واحدًا وإما أن كان أكثر من واحد، بأن مات رجل وترك إبنًا فأقر بأخ هل يثبت نسبه من الميت اختلف فيه، قال أبو حنيفة ومحمد لا يثبت النسب بإقرار وارث واحد، وقال أبو يوسف يثبت، وبه أخذ الكرخي رحمه الله وإن كان أكثر من واحد بأن كانا رجلين أو رجلًا وامرأتين فصاعدًا يثبت النسب بإقرارهم بالإجماع. . . وأما في حق الميراث فإقرار الوارث الواحد بوارث يصح ويصدق في حق الميراث بأن أقر الابن المعروف بأخ وحكمه أنه يشاركه فيما في يده من الميراث لأن الإقرار بالأخوة إقرار بشيئين النسب واستحقاق المال والإقرار بالنسب إقرار على غيره، وذلك غير مقبول لأنه دعوى في الحقيقة أو شهادة، والإقرار باستحقاق المال إقرار على نفسه وأنه مقبول ومثل هذا جائز أن يكون الإقرار الواحد مقبولًا بجهة غير مقبول بجهة أخرى كمن اشترى عبدًا ثم أقر أن البائع كان أعتقه قبل البيع يقبل إقراره في حق العتق ولا يقبل في حق ولاية الرجوع بالثمن على البائع فعلى ذلك ها هنا جاز أن يقبل الإقرار بوارث في حق الميراث ولا يقبل في حق ثبات النسب](2).
ابن قدامة (620 هـ) قال: [وإن أقر جميع الورثة بوارث، أو أقر به الميت ليثبت نسبه منه، ثبت نسبه، سواء كان الورثة واحدًا، أو جماعة، وبهذا قال النخعي، والشافعي، وقال أبو حنيفة، ومالك، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح: لا يثبت نسبه. والمشهور عن أبي يوسف، أنه لا يثبت النسب إلا بإقرار ابنين ذكرين كانا أو أنثيين، عدلين أو غير عدلين. ونحوه عن مالك، وروى ابن اللبان، قال أشعث بن سوار، عن رجل من أهل
(1) انظر: المصدر السابق (ص 97).
(2)
انظر: بدائع الصنائع (6/ 299).
المدينة، قال: جاء رجل وأخته إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومعهما صبي، فقالا: هذا أخبرنا. فقال عمر: لا ألحق بابيكما من لم يقر به. ولنا، أن عبد اللَّه بن زمعة ادعى نسب ولد وليدة أَبيه، وقال: هذا أخي، ولد على فراش أبي. فقبل النبي صلى الله عليه وسلم قوله، وأثبت النسب به، ولأن الوارث يقوم مقام موروثه، بدليل أنه يثبت باعترافه ما يثبت باعتراف الموروث على نفسه من الدين، وغيره، كذا النسب، ولأن الوارث يخلف الموروث في حقوقه، وهذا منها. ولا خلاف بينهم في وجوب دفع ميراثه إليه، إلا أن يكون المقر به يسقط المقر، كأخ يقر بابن، أو ابن ابن، أو أخ من أب يقر بأخ من أبوين، فإن الشافعي في ظاهر مذهبه أثبت النسب، ولم يورثه؛ لئلا يكون إقرارا من غير وارث، فثبوت ميراثه يفضي إلى سقوط نسبه وميراثه] (1).
المطيعي (1354 هـ) قال: [. . أحدهما: أن يدعيه واحد ينفرد بدعواه فينظر، فإن كان المدعى رجلًا مسلمًا حرًا لحق نسبه به بغير خلاف بين أهل العلم إذا أمكن ان يكون منه](2).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع: المالكية (3).
قال الدردير (1201 هـ): واللعان المذكور مانع من سبب الميراث الذي هو الزوجية، فعدم الإرث فيه لانتفاء السبب لا لوجود المانع، إذ المانع بجامع السبب ولا سبب هنا، وأما بين الزوج وولده فمانع للحكم لأنه لو استلحقه ورث (4).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى: أن ثبوت النسب حق للأب، وليس فيه تهمة، ولذلك يلحقه، وأيضًا لأنَّ الإقرار محض نفع للطفل
(1) انظر: المغني (9/ 137).
(2)
انظر: المجموع شرح المهذب (15/ 301).
(3)
انظر: الشرح الصغير (4/ 716)،
(4)
الشرح الصغير (4/ 716).