الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني: لأن الجمعة والجماعات تقام في المساجد بصفة مستمرة، وهي لا تقام في المملوكات (1).
الثالث: أن المسجد لو خرب لا يعود لمالكه.
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة: المالكية في قول، وهو ظاهر مختصر خليل، وحكاه الدسوقي عن صاحب النوادر.
وقال: (والملك للواقف لا الغلة، فله ولوارثه منع من يريد إصلاحه) وكذا حكاه صاحب منح الجليل، ونقل نص صاحب النوادر:(والمساجد والأحباس لم يخرجها مالكها إلى ملك أحد، وهي باقية على ملكه وأوجب تسبيل منافعها إلى من حبست عليه) ورجح هذا القول في الفواكه الدواني (2).
• دليلهم: واستدل المالكية لخلافهم بأن لواقف المسجد منع الغير من التصرف فيه، ومنع التصرف ثمرة الملك. وأيضًا إنه وإن كانت الجماعات تقام فيها وهي لا تقام في المملوكات فإن المملوك الذي لا تصح فيه الجمع غير الموقوف مسجدًا، أما هو فتصح فيه (3).
النتيجة:
صحة الإجماع في كون المسجد ملكًا للَّه سبحانه وتعالى، وليس ملكًا لأحد، وأما الخلاف الوارد فهو ضعيفٌ مصادم للإجماع الصريح والقوي (4).
[67 - 9] لا يجوز بيع الوقف
• المراد بالمسألة: أن من وقف شيئًا وزال ملكه عنه سواء بنفس الوقف -
(1) انظر: الذخيرة، القرافي (6/ 328)، ومنح الجليل، عليش (8/ 110).
(2)
ينظر: حاشية الدسوقي مع تقريرات عليش (5/ 486)، ومنح الجليل (8/ 110)، والفواكه الدواني (2/ 272).
(3)
منح الجليل (8/ 110)، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير (5/ 486).
(4)
انظر المسألة في: مجمع الأنهر (1/ 731)، والهداية للمرغيناني (3/ 16 و 22)، وفتح القدير (6/ 189 و 192)، ومنح الجليل (8/ 110)، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير (5/ 486).
كما عند الجمهور- أو بالقبض -عند محمد بن الحسن والمالكية- أو بحكم حاكم -عند أبي حنيفة- والوقف غير خرب ولا غيره أفضل منه، وليس هناك مصلحة راجحة في بيعه؛ فإنه لا يجوز للواقف ولا لورثته ولا للموقوف عليه ولا للناظر التصرف فيه ببيع ولا هبة ونحوهما (1).
• من نقل الإجماع:
1 -
ابن الهمام (861 هـ) قال: [وإذا صح الوقف. . . لم يجز بيعه ولا تمليكه. . . باجماع الفقهاء](2).
2 -
ابن نجيم (970 هـ) قال: [ولا يملك الوقف بإجماع الفقهاء](3).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع: المالكية (4)، والشافعية (5)، والحنابلة (6)، وابن حزم من الظاهرية (7).
قال الدردير: (لا يباع عقار حبس أي لا يجوز بيعه ولا يصح وإن خرب وصار لا ينتفع به وسواء كان دارًا أو حوانيت أو غيرها ولو بغيره من جنسه كاستبداله بمثله غير خرب فلا يجوز، ولا يجوز بيع نقضه من أحجار أو أخشاب، فإن تعذر عودها فيما حبست فيه جاز نقلها في مثله، هذا في الوقف الصحيح، وأما الباطل كالمساجد والمدارس التي بناها الملوك والأمراء بقرافة مصر ونبشوا مقابر المسلمين وضيقوا عليهم فهذه يجب هدمها قطعًا ونُقضها محله بيت المال يصرف في مصالح المسلمين)(8).
قال الجويني: (من وقف دارًا فأشرفت على الخراب، وعرفنا أنها لو
(1) انظر المسألة في: فتح القدير (6/ 220)، والمدونة (4/ 342)، وتحفة المحتاج (6/ 283)، والفروع (4/ 623).
(2)
فتح القدير (6/ 220).
(3)
البحر الرائق (5/ 221).
(4)
مواهب الجليل (7/ 627).
(5)
الأم (8/ 141).
(6)
المغني، ابن قدامة (8/ 192).
(7)
المحلى (9/ 179)، ويرى ابن حزم صحة الوقف وبطلان الشرط.
(8)
الشرح الصغير، (4/ 126 - 127).
انهدمت، عسر ردها وإقامتها، فهل نحكم والحالة هذه بجواز بيعها؟ اختلف الأئمة فيه: فذهب الأكثرون إلى منع البيع، وجوز المجوزون البيع، فإن منعنا البيع، أدمنا الوقف وانتظرنا ما يكون، وإن جوزنا البيع، فالأصح صرف الثمن إلى جهة وقف) (1).
قال ابن قدامة: (وإن لم تتعطل منفعة الوقف بالكلية لكن قلّت، وكان غيره أنفع منه وأكثر رد على أهل الوقف، لم يجز بيعه، لأن الأصل تحريم البيع، وإنما أبيح للضرورة صيانة لمقصود الوقف عن الضياع، مع إمكان تحصيله، ومع الانتفاع، وإن قل ما يضيع المقصود، اللهم إلا أن يبلغ في قلة النفع إلى حد لا يعد نفعًا، فيكون وجود ذلك كالعدم)(2).
قال ابن حزم: (ومن حبس وشرط أن يباع ان احتيج صح الحبس لما ذكرنا من خروجه بهذا اللفظ إلى اللَّه تعالى، وبطل الشرط لأنه شرط ليس في كتاب اللَّه تعالى)(3).
• مستند الإجماع: يستند هذا الإجماع على عدة أدلة، منها:
الأول: قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه: (تصدق بأصلها، لا يباع ولا يوهب ولا يورث)(4).
• وجه الاستدلال: أن الأصل في الوقف أنه لا يباع ولا يملك (5).
الثاني: أن الأصل هو تحريم بيع الوقف، وإنما أبيح للضرورة صيانة لمقصود الوقف من الضياع (6).
الثالث: أنه باللزوم خرج عن ملك الواقف وبلا ملك لا يتمكن من البيع ولا التمليك بوجه آخر (7).
(1) نهاية المطلب، (8/ 395 - 396).
(2)
المغني، ابن قدامة (8/ 223).
(3)
المحلى، (9/ 183).
(4)
سبق تخريجه.
(5)
المغني، ابن قدامة (8/ 192).
(6)
المجموع شرح المهذب (15/ 362).
(7)
فتح القدير (6/ 188)، وحاشية ابن عابدين (6/ 539).