الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حتى لو هلك شيء من التركة قبل القسمة يهلك على الموصى له والورثة جميعًا) (1).
قال القرافي: (ولا يضر الوارث لكثرة المال، ويظن فيها من الثواب أكثر من ثواب الترك للوارث. . . وتنقسم بوجه آخر إن كان الموصى له موسرًا فهي مباحة، أو معسرًا فمستحبة)(2).
قال المرداوي: (والوصية مستحبة لمن ترك خيرًا وهو المال الكثير يعني في عرف الناس)(3). قال البهوتي: (. . . لأن الوصية تصح مع عدم المال كالفقير إذا أوصى ولا شيء من المال له، ثم استغنى صحت وصيته)(4).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث سعد رضي الله عنه: (الثلث والثلث كثير)(5).
• وجه الاستدلال: أن هذا الحديث عام في كل مال يوصي فيه المرء، ولم يأت نص يخصص الوصية بالمال الكثير (6).
النتيجة:
صحة الإجماع في أن قلة المال وكثرته لا تؤثر في تحديد مقدار الوصية (7).
[170 - 29] صحة الوصية بالمجهول
• المراد بالمسألة: أنه تصح الوصية بشيء مجهول؛ كما لو قال وصيت بعبد من عبيدي أو شاة من غنمي، أو قال لوصيه: من ادعى حقًا بعد موتي فأعطه ما ادعى.
(1) بدائع الصنائع، 7/ 335.
(2)
الذخيرة، 7/ 9.
(3)
الإنصاف، 7/ 189.
(4)
كشاف القناع، 4/ 283.
(5)
سبق تخريجه.
(6)
المهذب (1/ 4499)، ومغني المحتاج (3/ 39).
(7)
تنبيه: هذا لا خلاف فيه، وإنما الخلاف في استحباب الوصية بما دون الثلث إذا قل المال وكثر العيال، انظر: المغني (8/ 392 - 393).
• من نقل الإجماع: ابن تيمية (728 هـ) قال: [ولو وصى لمعين إذا فعل فعلًا أو وصى لمطلق موصوف: فكل من الوصيتين جائز باتفاق الأئمة؛ فإنهم لا ينازعون في جواز الوصية بالمجهول](1). المرداوي (885 هـ) قال: [(وتصح الوصية بالمجهول) بلا نزاع](2).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (3)، والمالكية (4)، والشافعية (5).
قال العمراني: (وتصح الوصية بالمجهول، كالوصية بالحمل في البطن، واللبن في الضرع، وتصح إذا كانت غير معينة كعبد من عبيد)(6).
قال الموصلي: (ولو أوصى بغلة عبده، وغلة داره في المساكين جاز)(7).
قال الدسوقي: (وإن أوصى بشاة من غنمه أو بعبد من عبيده أو أوصى بعدد من ماله غنمًا أو غيرها كأعطوه عشرة من غنمي أو من عبيدي أو من إبلي شارك الموصى له ورثة الميت بالجزء أي بنسبة الجزء الذي أوصى به إلى الموصى فيه من غنم أو غيرها)(8).
قال عبد الرحمن بن قاسم: (وتصح الوصية بحمل هذه الأمة، أو هذه الدابة، إذا تحقق وجود الحمل قبل الوصية، إذا كان معينًا، وأما إذا لم يعين فإنها تصح بالمعدوم والمجهول، كبما يحمل حيوانه أو شجرته)(9).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: أن اللَّه سبحانه وتعالى أعطى عبده ثلث ماله في آخر عمره، وقد لا يعرف
(1) مجموع الفتاوى (16/ 183).
(2)
الإنصاف (7/ 255)، والكافي (528).
(3)
الهداية (4/ 589).
(4)
الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (6/ 523).
(5)
أسنى المطالب (6/ 82)، ومغني المحتاج (4/ 75).
(6)
البيان في مذهب الإمام الشافعي، 8/ 169.
(7)
الاختيار لتعليل المختار، 5/ 71.
(8)
حاشية الدسوقي، 6/ 512.
(9)
حاشية الروض المربع، 6/ 58.
حينئذ ثلث ماله لكثرته أو غيبته أو غيرهما فدعت الحاجة إلى تجويز الوصية بالمجهول (1).
الثاني: القياس على الوارث: فإن الموصى له يخلف الميت في ثلثه كما يخلفه الوارث في ثلثيه، فلما جاز أن يخلف الوارث الميت في هذه الأشياء جاز أن يخلفه الموصى له (2).
النتيجة:
صحة الإجماع في صحة الوصية بالمجهول.
* * *
(1) انظر المراجع السابقة.
(2)
انظر: الكافي، ابن قدامة (ص 528)، وحاشية الرملي الكبير على أسنى المطالب (6/ 82).