الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن حفظها المودَع في ذلك البيت ولم ينقلها منه، فلا كلام) (1).
قال ابن مفلح: (. . . ويلزمه حفظها في حرز مثلها عرفًا، كسرقة، وكما يحفظ ماله، ولأنه تعالى أمر بأدائها، ولا يمكن ذلك إلا بالحفظ)(2).
قال البهوتي: (ويلزمه أي الوديع حفظها أي الوديعة بنفسه أو وكيله، أو من يحفظ ماله كزوجة وعبد، كما يحفظ الوديعة ماله في حرز مثلها عرفًا)(3).
قال المطيعي: (الإيداع يقتضي الحفظ، فإذا أطلق حمل على المتعارف، وهو حرز المثل)(4).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (آية المنافق ثلاث. . وإذا ائتمن خان)(5).
• وجه الدلالة: أن فيه تحذيرًا للمسلم، وتنبيهًا له على أن يحترز عما هو من علامات المنافق، وذلك بأن يحفظ الوديعة على الوجه الذي يحفظ به مال نفسه، فيضعها في بيته أو صندوقه لأنه وعد لصاحبها ذلك وخلف الوعد مذموم (6).
الثاني: ولأن الإيداع من جانب المالك استحفاظ، ومن جانب المودع التزام الحفظ، وهو من أهل الالتزام فيلزمه.
النتيجة:
صحة الإجماع في أنه يجب حفظ الوديعة في حرز مثلها (7).
[22 - 3] إذا حفظ المودَع الوديعة فتلفت فلا ضمان عليه
• المراد بالمسألة: أن الوديعة بيد المودع أمانة، فإذا تلفت عنده فلا
(1) البيان في مذهب الإمام الشافعي، (6/ 477).
(2)
المبدع في شرح المقنع، (5/ 234).
(3)
كشاف القناع، (4/ 142).
(4)
المجموع شرح المهذب (التكملة)، (14/ 180).
(5)
رواه: البخاري رقم (33)، ومسلم رقم (107).
(6)
المبسوط (11/ 109).
(7)
انظر المسألة في: المبسوط (11/ 109)، والإنصاف (6/ 317).
يضمنها؛ إلا بالتعدي أو التفريط؛ كسائر الأمانات، فلو ضمن كل أمين لما تصدى للأمانات أحد، ولوقع الناس في حرج وضيق، فالقاعدة أن ما كان من جنس الأمانات فلا ضمان فيه إلا بالتعدي والتفريط.
• من نقل الإجماع: ابن المنذر (318 هـ) قال: [أجمع أهل العلم على أن المودع إذا أحرز الوديعة بنفسه في صندوقه، أو حانوته، أو بيته، فتلفت أن لا ضمان عليه](1) وابن رشد (595 هـ) قال: [في أحكام الوديعة، فمنها أنهم: اتفقوا على أنها أمانة لا مضمونة، إلا ما حكي عن عمر بن الخطاب](2) والمطيعي (1354 هـ) قال: [والوديعة أمانة في يد المودع، فإن تلفت من غير تفريط لم تضمن. . وهو إجماع فقهاء الأمصار](3).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع: الحنفية (4)، والحنابلة (5)، وابن حزم من الظاهرية (6).
قال ابن حزم: (فإن تلفت من غير تعد منه ولا تضييع لها فلا ضمان عليه فيها)(7) قال السرخسي: (فإن وضعها في بيته أو صندوقه فهلكت لم
(1) الإشراف على مذاهب أهل العلم (6/ 331)، وقال أيضًا في (6/ 330):[أجمع أكثر أهل العلم على أن المودع إذا أحرز الوديعة، ثم تلفت من غير جنايته: أن لا ضمان عليه].
(2)
بداية المجتهد (2/ 310)، وقال في موضع آخر (2/ 312):[وبالجملة فعند الجميع أنه يجب عليه أن يحفظها مما جرت به عادة الناس أن تحفظ أموالهم، فما كان بينًا من ذلك أنه حفظ اتفق عليه، وما كان غير بين أنه حفظ اختلف فيه].
(3)
المجموع شرح المهذب (التكملة)(14/ 177)، وقال في موضع آخر: [اتفقوا على أن الضمان لا يجب على المودع إلا إذا تعدى).
وأيضًا (14/ 178): (أما الوديع فلا يضمن بالإجماع إلا لجناية منه على العين، وقد حكي في البحر الإجماع على ذلك]، انظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي (6/ 476).
(4)
المبسوط (11/ 109).
(5)
حاشية الروض المربع (5/ 457).
(6)
المحلى (8/ 277).
(7)
المحلى (8/ 277).
يضمنه) (1). قال الدردير: (. . . فإن لم يأمر بشيء لم يضمن حيث وضعها بمحل يؤمن عادة، كما لا يضمن إذا تلفت بغير سرقة)(2). قال عبد الرحمن بن قاسم: (إذا تلفت الوديعة من بين ماله، ولم يتعد ولم يفرط لم يضمن)(3).
• مستند الإجماع: ويستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال، إن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من أودع وديعة فلا ضمان عليه)(4).
• وجه الدلالة: أن الوديعة من الأمانات، وأن المستودع محسن، فإذا تلفت الوديعة عنده فلا يضمن، إلا إذا تعدى أو فرط.
الثاني: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال، إن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ليس على المستودع -غير المغل- ضمان)(5).
• وجه الدلالة: أن الوديعة من الأمانات، وأن المستودع محسن، فإذا تلفت الوديعة عنده فلا يضمن، إلا إذا تعدى أو فرط، فإنه مغل.
(1) المبسوط، 11/ 109.
(2)
الشرح الصغير، 3/ 557.
(3)
حاشية الروض المربع (5/ 457).
(4)
رواه: ابن ماجه رقم (2401). وحسنه الألباني. انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة، رقم (2315).
(5)
رواه: البيهقي في السنن الكبرى، كتاب العارية، باب من قال لا يغرم، (6/ 91)، والدارقطني، في السنن، كتاب البيوع، (3/ 546)، من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا، قال:(ليس على المستوع غير المغل ضمان، ولا على المستعير غير المغل ضمان) المغل: الخائن. قال الحافظ ابن حجر: (وفي إسناده ضعيفان. قال الدارقطني: وإنما يروى هذا من قول شريح غير مرفوع. ورواه من طريق أخرى ضعيفة بلفظ: (لا ضمان على مؤتمن) ا. هـ.
انظر: الأوسط (11/ 309)، ونصب الراية (4/ 115)، والتلخيص الحبير (3/ 210)، ونيل الأوطار (5/ 296).
الثالث: ما روي عن أبي بكر (1)، وعمر (2)، وعلي (3)، وابن مسعود رضي الله عنهم (4) أنهم كانوا لا يضمنون الودائع.
الرابع: ولأنه لو وجب على المودَع الضمان من غير تفريط، لامتنع الناس من قبولها، فيؤدي ذلك إلى الضرر بالمودعين (5).
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة: الإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه (6)، فذهب إلى تضمين المودع فرط أم لم يفرط، وهو مروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
• دليلهم: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ضمنه وديعة ذهبت من بين ماله)(7).
قالوا وهو حكم أحد الخلفاء الراشدين في محضر من الصحابة، ولم ينكر فكان إجماعًا مع توفر دواعي الإنكار.
لكن أصحاب القول الأول وهم جماهير أهل العلم حملوا كلام الإمام أحمد بن حنبل المستند على قضاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه على التفريط، أو التهمة. وقد ذكر ذلك: البيهقي (8)، وابن قدامة (9)، وابن مفلح (10).
(1) رواه: ابن المنذر، في الأوسط (11/ 308)، والبيهقى، فى السنن الكبرى (6/ 289).
(2)
رواه: ابن أبي شيبة في المصنف، رقم (20932).
(3)
رواه: ابن المنذر، في الأوسط (11/ 308).
(4)
المحلى (8/ 277).
(5)
انظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي (6/ 476)، ونتائج الأفكار (8/ 485)، وحاشية الروض المربع (5/ 457)، والبناية في شرح الهداية (9/ 131)، والمجموع شرح المهذب (التكملة)(14/ 177).
(6)
الإنصاف (6/ 317).
(7)
رواه: البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الوديعة: باب لا ضمان على مؤتمن، رقم (6/
289)، وعبد الرزاق، كتاب البيوع، باب الوديعة، رقم (14799). وصححه ابن حزم في المحلى (8/ 277) والألباني في إرواء الغليل (5/ 386 - 387).
(8)
السنن الكبري (6/ 290).
(9)
المغني (9/ 257).
(10)
المبدع (5/ 234).