الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما ابن حزم فإنه على قاعدته: يرى أنه نافذ من رأس المال وقد سبقت أدلته فيما تقدم في المسألة الأولى (1).
وقد أجاب ابن حزم عن استدلال الجمهور بحديث عمران بن حصين رضي الله عنه من وجوه:
الوجه الأول: أنه ليس في خبر عمران بن حصين رضي الله عنه حجة، لأنه ليس في شيء من هذا الخبر أن الرجل كان مريضًا وإنما فيه (عند موته) وقد يفجأ الموت الصحيح فيوقن به، فلا يحل أن يقحم في الخبر ما ليس فيه من ذكر المرض فبطل التعلق به.
الثاني: أنه قد بين في هذا الخبر أنه لم يكن له مال غيرهم، ونحن نقول بهذا حقًا، فلا يجوز لأحد عتق في عبد أو عبيد لا مال له غيره، ينفذ هذا العتق ما وقع فيمن به عنه غنى، ويبطل في مقدار ما لا غنى عنه به (2).
الثالث: أن الصحيح أن ذلك العتق كان وصية، ولا خلاف في أنها من الصحيح والمريض سواء، لا تجوز إلا من الثلث، والدليل على هذا حديث عمران بن حصين رضي الله عنه: أن رجلًا أوصى عند موته فأعتق ستة مملوكين لم يكن له مال غيرهم. . الحديث (3).
النتيجة:
عدم صحة الإجماع في أنه لا ينفذ من عتق عبيده في مرض موته إلا الثلث منهم، ويرد الباقي للورثة وذلك للخلاف الوجيه.
[136 - 9] الوقف في مرض الموت كالوصية
• المراد بالمسألة: أن المريض مرضًا مخوفًا إذا وقف في مرضه فإن
(1) انظر: (ص 309 وما بعدها).
(2)
مراد ابن حزم بهذا: أن رد النبي صلى الله عليه وسلم للثلثين ليس لأن المريض لا يجوز له عطاء أو عتق إلا في الثلث، وإنما رد ما يحصل به غناه وأسبق ما لا يضره.
(3)
المحلى (8/ 305).
الوقف جائز ونافذ، ويخرج من الثلث، إلا أن يجيز الورثة الزيادة، لأنه كالوصية.
• من نقل الإجماع: ابن قدامة (620 هـ) قال: [الوقف في مرض الموت بمنزلة الوصية، في اعتباره ثلث المال. . وإذا خرج من الثلث، جاز من غير رضا الورثة ولزم، وما زاد على الثلث لزم الوقف منه في قدر الثلث، ووقف الزائد على إجازة الورثة، لا نعلم في هذا خلافًا عند القائلين لزوم الوقف](1).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والشوكاني (5).
قال الموصلي: (والوقف في المرض وصية لأنه تبرع فصار كسائر التبرعات)(6).
قال البهوتي: (. . . وأقرب ما يقال: ما يكثر حصول الموت منه فعطاياه ولو كانت عتقًا ووقفًا ومحاباة كوصية في أنها لا تصح لوارث بشيء غير الوقف للثلث فأقل ولا لأجنبي بزيادة على الثلث إلا بإجازة الورثة فيهما)(7).
قال الدسوقي: (وإن أسنده للمرض فهو تبرع يخرج من الثلث بلا إشكال)(8).
قال الشوكاني: (إن اللَّه سبحانه لم يأذن للمريض بالتصرف إلا في الثلث، فإذا تصرف في أكثر منه كان مخالفًا لحكم اللَّه تعالى)(9).
(1) المغني (8/ 215 - 216).
(2)
شرح معاني الآثار (4/ 97).
(3)
الشرح الكبير (5/ 466).
(4)
أسنى المطالب (6/ 85).
(5)
نيل الأوطار (6/ 155).
(6)
الاختيار لتعليل المختار، (3/ 45).
(7)
كشاف القناع، (4/ 272).
(8)
حاشية الدسوقي، (6/ 466).
(9)
نيل الأوطار، (6/ 154 - 155).