الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[335 - 143] القاتل المتعمد لا يرث من مال من قتله
• المراد بالمسألة: أن القتل مانع من موانع الإرث، والنصوص الواردة في منع القاتل جاءت عامة، ولذلك يحمل على القاتل المتعمد غير الصبي والمجنون، فيمنع من الميراث معاملة له بنقيض قصده لأنه استعجل الميراث قبل أوانه، فعوقب بحرمانه.
• من نقل الإجماع: مالك بن أنس (179 هـ) قال: [الأمر عندنا الذي لا اختلاف فيه: أن قاتل العمد لا يرث من دية من قتل شيئا، ولا من ماله، وأن الذي يقتل خطأ لا يرث من الدية شيئا، وقد اختلف في أن يرث من ماله](1).
الشافعي (204 هـ) قال: [ولم أسمع اختلافا في أن قاتل الرجل عمدا لا يرث من قتل من دية ولا مال شيئا، ثم افترق الناس في القاتل خطأ](2).
ابن المنذر (318 هـ) قال: [وأجمعوا أن القاتل عمدًا لا يرث من مال من قتله ولا من ديته شيئًا](3).
الماوردي (450 هـ) قال: [لا اختلاف بين الأمة أن قاتل العمد لا يرث عن مقتوله شيئًا من المال ولا من الدية](4). ابن حزم (456 هـ) قال: [واتفقوا أنه لا يرث قاتل عمدًا بالغ ظالم عالم بأنه ظالم من الدية خاصة، واختلفوا فيما عدا ذلك، وروينا عن الزهري أن القاتل عمدًا يرث من المال لا من الدية](5).
البغوي (516 هـ) قال: [القاتل لا يرث. . والعمل عليه عند عامة أهل العلم، أن من قتل مورثه لا يرث عمدًا كان القتل أو خطأ من صبي أو مجنون أو بالغ عاقل](6). ابن هبيرة (560 هـ) قال: [واتفقوا على أن القاتل
(1) انظر: الموطأ (2/ 274).
(2)
انظر: الأم (4/ 76).
(3)
انظر: الإجماع (ص 96).
(4)
الحاوي الكبير، 8/ 84.
(5)
انظر: مراتب الإجماع (ص 175).
(6)
انظر: شرح السنة (8/ 367).
عمدًا ظلمًا لا يرث من المقتول] (1).
ابن قدامة (620 هـ) قال: [أجمع أهل العلم على أن قاتل العمد لا يرث من المقتول شيئًا إلا ما حكي عن سعيد بن المسيب وابن جبير أنهما ورثاه، وهو رأي الخوارج](2)
القرطبي (671 هـ) قال: [وكذلك لم يدخل القاتل عمدًا لأبيه أو جده أو أخيه أو عمه بالسنة وإجماع الأمة، وأنه لا يرث من مال من قتله ولا من ديته شيئًا](3).
القرافي (684 هـ) قال: [واتفق العلماء أن قاتل العمد لا يرث من المال ولا من الدية، وأن قاتل الخطا لا يرث من الدية](4).
ابن تيمية (728 هـ) قال: [وأما الوارث كالأب وغيره إذا قتل مورثه عمدًا فإنه لا يرث شيئًا من ماله، ولا ديته باتفاق الأئمة، بل تكون ديته كسائر ماله يحرمها القاتل أبًا كان أو غيره، ويرثها سائر الورثة غير القاتل](5). وقال: [ولهذا لو كان الميت مسلمًا وهؤلاء كفارًا لم يرثوا باتفاق المسلمين، وكذلك لو كان كافرًا وهؤلاء مسلمين لم يرثوا حرًّا وهم عبيد، وكذلك القاتل عمدًا عند عامة المسلمين، وكذلك القاتل خطأ من الدية، وفي غيرها نزاع](6).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع: الشوكاني (7).
قال الشوكاني (1250 هـ): القاتل لا يرث سواء كان القتل عمدًا أو خطأ وإليه ذهب الشافعي وأبو حنيفة وأصحابه وأكثر أهل العلم (8).
(1) انظر: الإفصاح (2/ 75).
(2)
انظر: المغني (9/ 150).
(3)
انظر: الجامع لأحكام القرآن (6/ 100).
(4)
انظر: الذخيرة (13/ 20).
(5)
انظر: مجموع الفتاوى (34/ 153) و (31/ 365) و (34/ 161 - 162).
(6)
انظر: منهاج السنة (4/ 216).
(7)
انظر: نيل الأوطار (6/ 194).
(8)
نيل الأوطار (6/ 195).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (القاتل لا يرث)(1).
• وجه الاستدلال: فيه التصريح بأن القاتل مطلقًا يمنع من الميراث، وخصه بعض أهل العلم بالمتعمد، للخلاف في المخطئ (2).
الثاني: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قام يوم فتح مكة فقال: (المرأة ترث من دية زوجها وماله، وهو يرث من ديتها ومالها ما لم يقتل أحدهما صاحبه، فإذا قتل أحدهما صاحبه عمدًا؛ لم يرث من ديته وماله شيئًا، وإن قتل أحدهما صاحبه خطأ؛ ورث من ماله ولم يرث من ديته)(3).
• وجه الاستدلال: أن فيه منع القاتل المتعمد من الإرث من مال ودية المقتول شيئًا.
الثالث: وعن سعيد بن المسيب قال: (قضى النبي صلى الله عليه وسلم لا يرث قاتلٌ من قتل قريبه شيئًا من الدية عمدًا أو خطأ)(4).
• وجه الاستدلال: فيه منع القاتل المتعمد وغير المتعمد من الإرث.
• الخلاف في المسألة: ورد الخلاف في المسألة أيضًا عن: سعيد بن
(1) رواه: الترمذى رقم (2109)، وقال: لا يصح ولا يعرف إلا من هذا الوجه، وابن ماجه رقم (2645)، ورقم (2735)، والدارقطني، كتاب الفرائض (4/ 96)، والبيهقي في الكبرى (6/ 220)، وقال البيهقي: إسحاق بن عبيد اللَّه لا يحتج به، إلا أن شواهده تقويه، والبيهقي في الكبرى (6/ 219)، من حديث عمر رضي الله عنه. والحديث صححه جمع من أهل العلم. انظر: التلخيص الحبير (3/ 85)، ونصب الراية (4/ 428)، وإرواء الغليل، رقم (1670 - 1672).
(2)
انظر: الحاوي الكبير (8/ 84).
(3)
رواه: ابن ماجه رقم (2736)، وذكر الألباني بأنه موضوع، آفته محمد بن سعيد وهو المصلوب في الزندقة وهو كذاب وضاع. نظر: السلسلة الضعيفة، رقم (4674)(10/ 1/ 205).
(4)
رواه: ابن أبي شيبة رقم (31923)، وهو مرسل صحيح، انظر: إرواء الغليل (6/ 118).
المسيب، وسعيد بن جبير، وجاء أيضًا عن الزهري أنه ورث: القاتل عمدًا من المال لا من الدية (1).
• دليلهم: وحجة ما ذهبوا إليه: استصحاب حاله قبل القتل، فما دام أنه يرث قبل القتل، فيبقى وارثًا بعد القتل (2).
• والجواب عن المخالفين للإجماع بالتالي:
أولًا: عد العلماءُ خلافهم شذوذًا، قال ابن قدامة:(ولا تعويل على هذا القول؛ لشذوذه، وقيام الدليل على خلافه)(3).
ثانيًا: الرواية عن سعيد بن المسيب غير صحيحة، بل ثبت ما يدل على أنه لا يورث القاتل شيئًا، فعن ابن أبي ذئب قال: سألت ابن شهاب عن القاتل يرث شيئًا، فقال:(قال سعيد بن المسيب: مضت السنة أن القاتل لا يرث شيئًا)(4). وأما الرواية عن سعيد بن جبير، فلقد روى هو بنفسه عن ابن عباس رضي الله عنهما:(أن رجلًا قتل أخاه خطًا، فسئل عن ذلك ابن عباس؟ فلم يورثه، وقال: لا يرث قاتل شيئًا)(5).
ثالثًا: انعقد إجماع الصحابة على أن قاتل العمد لا يرث شيئًا، وهو مروي عن عمر، وعلي، وابن عباس، وغيرهم، ولم يثبت عن أحد من الصحابة أنه أنكر، فكان إجماعًا، وخلاف هؤلاء متأخر (6).
رابعًا: ولأن توريث القاتل يفضي إلى تكثير القتل؛ لأن الوارث ربما
(1) انظر مراتب الإجماع (ص 175)، والحاوي (8/ 84)، والمغني (9/ 150)، والعدة شرح العمدة (ص 306).
(2)
انظر: حاشية ابن عابدين (6/ 766)، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (4/ 486).
(3)
انظر: المغني (9/ 150).
(4)
رواه: ابن أبي شيبة، في المصنف، كتاب الفرائض، باب القاتل لا يرث (31402).
(5)
رواه: ابن أبي شيبة، في المصنف، كتاب الفرائض، باب القاتل لا يرث (31397).
(6)
انظر: المغني، ابن قدامة (9/ 151).