الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وجه الاستدلال: فيه حرمة الإضرار، وتأجير الوقف لمن يضر به محرم.
الثاني: ويمكن أن يستدل للجمهور بما هو ظاهر، من كون المحافظة على الوقف واجبة، وأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ومن هذا عدم جواز تأجيره على من يضر به، لما يؤدي إليه من تلف الوقف، وقد اتفق الفقهاء على تضمين الناظر إذا أجر الوقف بأقل من أجرة المثل، فعدم جواز تأجيره بمن يضر به أولى (1).
النتيجة:
صحة الإجماع في عدم جواز تأجير الوقف لمن يضر به، وذلك لعدم المخالف (2).
[66 - 8] المسجد الموقوف ليس ملكًا لمعين
• المراد بالمسألة: وقع الخلاف في الوقف هل هو حبس الرقبة على ملك اللَّه سبحانه وتعالى؟ أم على ملك الموقوف وإن كان ملكًا ضعيفًا؟ أما وقفُ المسجد فإنه ليس ملكًا لواقفه ولا لأحد من الناس، بل هو ملك للَّه سبحانه وتعالى، ولذلك لا يجوز بيعه ولا التصرف فيه؛ إلا إذا تعطل، فقد اختلف الفقهاء في جواز بيعه أو التصرف فيه للأصلح.
• من نقل الاتفاق: القرافي (684 هـ) قال: [واتفق العلماء في المساجد أن وقفها إسقاط ملك؛ كالعتق فلا ملك لمخلوق فيها](3).
(1) انظر المسألة في: الدر المختار (3/ 401)، وحاشية العدوي على الخرشي (7/ 99)، ومغني المحتاج (2/ 385)، ومطالب أولي النهى (4/ 340).
ومذهب الشافعية والحنابلة أنهم يفرقون بين أن يؤجر المتولي العين الموقوفة على غيره، والعين الموقوفة عليه. ففي الحالة الأولى: لا يجوزون له أن يؤجرها بأقل من أجرة المثل.
وأما في الحالة الثانية: فإن ذلك له، قياسا أولويًا على صحة الإعارة منه، كما هو عند الشافعية، وباعتبار انتقال ملكية المنافع للموقوت عليه عند الشافعية والحنابلة.
(2)
انظر المسألة في: كشاف القناع (4/ 260)، وشرح منتهى الإرادات (2/ 501).
(3)
الفروق (2/ 209)، (الفرق التاسع والسبعون)، وقال في الذخيرة (6/ 328):(حكي الإجتماع في المساجد أن وقفها إسقاط، كالعتق).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (1)، الشافعية (2)، والحنابلة (3)، وابن حزم من الظاهرية (4).
قال السرخسي: (وقد وجدنا لهذا الطريق أصلًا في الشرع وهو الكعبة فتلك البقعة للَّه تعالى خالصة متحرزة عن ملك العباد فألحقنا سائر المساجد بها)(5).
قال الشيرازي: (وإن وقف مسجدًا فخرب المكان وانقطعت الصلاة فيه لم يعد إلى الملك، ولم يجز له التصرف فيه، لأن ما زال الملك فيه لحق اللَّه تعالى لا يعود إلى الملك بالاختلال)(6).
قال البهوتي: (وينتقل الملك فيها إلى اللَّه تعالى إن كان الوقف على مسجد ونحوه، كمدرسة ورباط وقنطرة وخانكاه وفقراء وغزاة وما أشبه ذلك، وكذا بقاع المساجد والمدارس والقناطر والسقايات وما أشبهها، قال الحارثي: بلا خلاف)(7).
قال ابن حزم: (الحبس ليس إخراجًا إلى غير مالك، بل إلى أجل المالكين وهو اللَّه تعالى كعتق العبد)(8).
• مستند الإجماع: يستند هذا الإجماع على عدة أدلة، منها:
الأول: قوله سبحانه وتعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18)} [الجن: 18].
• وجه الاستدلال: أن كل شيء للَّه، فكان فائدة هذه الإضافة اختصاصه به وانقطاع حق كل من سواه عنه (9).
(1) تحفة الفقهاء (3/ 375).
(2)
المهذب (1/ 581).
(3)
كشاف القناع (4/ 249).
(4)
المحلى (9/ 178).
(5)
المبسوط، (12/ 30).
(6)
المهذب (1/ 581).
(7)
كشاف القناع، 4/ 215.
(8)
المحلى (9/ 178).
(9)
فتح القدير، لابن الهمام (6/ 218) بتصرف يسير.