الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهي لك) (1).
النتيجة:
عدم صحة الإجماع في ضمان الملتقط اللقطة بعد تملكهما، وهو مرور الحول، وذلك لوجود خلاف في المسألة.
[58 - 21] لا يجوز إعطاء اللقطة لغني
• المراد بالمسألة: أن الملتقط لا يعطي اللقطة بعد تملكها غنيًا غيره، فإن اللقطة إذا أراد أن يتملكها الملتقط فيشترط أن لا يكون غنيًا، وإذا أراد أن يتصدق بها فلا يتصدق على غني، وذلك للنص.
• من نقل الإجماع: ابن حزم (456 هـ) قال: [قول بعضهم: قد صح الإجماع على أنه لا يعطيها غنيًا غيره](2).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع: الحنفية (3).
قال الكاساني: (. . . ولو أراد أن ينتفع بها، فإن كان غنيًا لا يجوز أن ينتفع بها عندنا)(4). قال ابن الهمام: (وإن كان الملتقط غنيًا لم يجز له أن ينتفع بها)(5).
قال الموصلي: (ولا يتصدق بها على غني)(6).
(1) المحلى (8/ 257).
(2)
المحلى (6/ 547)، وابن حزم يقصد بذلك بعض علماء الحنفية، ولم أقف على نسبة من حكى الإجماع فيما بين يدي من مصادر الحنفية. لكن قال العيني في البناية في شرح الهداية (6/ 787):(ولا يصدق باللقطة على غني لأن المأمور هو التصدق بقوله عليه السلام (فإن لم يأت) يعني صاحبها (فليصدق به). . والصدقة لا تكون على غني فأشبه الصدقة المفروضة حيث لا يصح على غني).
(3)
بدائع الصنائع (6/ 202)، وشرح فتح القدير (6/ 131).
(4)
بدائع الصنائع (6/ 202).
(5)
شرح فتح القدير (6/ 131).
(6)
الاختيار لتعليل المختار، 3/ 33.
• مستند الإجماع: يستند هذا الإجماع على عدة أدلة، منها:
الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحل اللقطة فمن التقط شيئًا فليعرفه سنة، فإن جاءه صاحبها فليردها عليه، وإن لم يأت فليتصدق)(1).
• ووجه الاستدلال بهذا الحديث من وجهين:
أحدهما: أنه نفي الحل مطلقًا، وحالة الفقر غير مراده بالإجماع، فتعين حالة الغني.
ثانيهما: أنه أمر بالتصدق، ومصرف الصدقة هو الفقير دون الغني، وأن الانتفاع بمال المسلم بغير إذنه لا يجوز إلا لضرورة، ولا ضرورة إذا كان غنيًا (2).
الثاني: أنه مال الغير فلا يباح الانتفاع به إلا برضاه؛ لإطلاق النصوص والإباحة للفقير (3).
الثالث: النصوص المطلقة مثل: قوله سبحانه وتعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188]. وقوله سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 8]. كلها تفيد حرمة أكل المال بالباطل، والغني في هذه الصورة إنما يأكل المال بالباطل (4).
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة: الشافعية (5)،
(1) رواه: ابن حزم، في المحلى (8/ 266)، وفيه يوسف بن خالد السمتي وأبوه، وهما مجهولان، انظر: لسان الميزان (3/ 350)، والدراية، ابن حجر (2/ 140)، ونصب الراية، الزيلعي (3/ 468).
(2)
وبدائع الصنائع (6/ 202).
(3)
شرح فتح القدير (6/ 131).
(4)
شرح فتح القدير (6/ 132).
(5)
الأم (5/ 139)، والحاوي الكبير (8/ 9)، والبيان في مذهب الإمام الشافعي (7/ 531)، ومغني المحتاج (2/ 415)، والمجموع (15/ 263)، ومعرفة السنن والآثار (5/ 25).
والمالكية (1)، والحنابلة (2)، وابن عبد البر (3).
قال الماوردي: (يجوز لواجد اللقطة بعد تعريفها حولًا أن يتملكها ويأكلها غنيًا كان أو فقيرًا)(4).
قال العمراني: (وإذا عرّف الملتقط اللقطة لسنة، فقد ذكرنا أن له أن يحفظها على صاحبها، وله أن يختار تملكها سواء كان الواجد غنيًا أو فقيرًا)(5).
قال ابن رشد: (واختلفوا في الغني هل له أن يأكلها أو ينفقها بعد الحول؟ فقال مالك والشافعي: له ذلك)(6).
قال القرافي: (وإذا قلنا بالتملك مطلقًا في سائر البقاع، فهل يسوى بين الملتقطين؟ المذهب: التسوية)(7). قال ابن مفلح: (ولا فرق بين كون الملتقط غنيًا أو فقيرًا)(8).
قال المرداوي (885 هـ): (ولا فرق بين كون الملتقط غنيًا أو فقيرًا، مسلمًا كان أو كافرًا، عدلًا أو فاسقًا، يأمن نفسه عليها)(9).
قال الخطيب الشربيني: (ولا فرق عندنا في جواز تملك اللقطة بين الهاشمي وغيره، ولا بين الفقير وغيره)(10). قال البهوتي: (ولا فرق. . . بين كون الملتقط غنيًا أو فقيرًا)(11).
(1) بداية المجتهد (2/ 306)، والذخيرة (9/ 115).
(2)
الواضح في شرح مختصر الخرقي (2/ 373)، والمبدع في شرح المقنع (5/ 289)، وكشاف القناع (4/ 189)، والإنصاف (6/ 424).
(3)
الاستذكار (22/ 337 - 338).
(4)
الحاوي الكبير (8/ 9).
(5)
البيان في مذهب الإمام الشافعي (7/ 531).
(6)
بداية المجتهد (2/ 306).
(7)
الذخيرة (9/ 115).
(8)
المبدع في شرح المقنع (5/ 289).
(9)
الإنصاف (6/ 424).
(10)
مغني المحتاج (2/ 415).
(11)
كشاف القناع (4/ 189).
• دليلهم: يستند الخلاف على عدة أدلة، منها:
الأول: أمرُ النبي صلى الله عليه وسلم أبيَ بن كعب رضي الله عنه وهو أيسر أهل المدينة، أو كأيسرهم، وقد وجد صرة فيها ثمانون دينارًا أن يأكلها (1).
• وجه الاستدلال: فإذا جاز للملتقط أكلها فالتصدق بها على غيره ولو كان فقيرًا جائز.
الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم في حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه: (فشأنك بها) ولم يفصل بين الغني والفقير (2).
فيه دليل على أنه: يقتضي التسوية بين الغني والفقير (3).
النتيجة:
عدم صحة الإجماع في أن الملتقط الغني لا يستنفق اللقطة، ولا يعطيها لغني آخر، وذلك للخلاف القوي في المسألة.
* * *
(1) سبق تخريجه، وقد أجاب الحنفية عن حديث أبيّ فقالوا:(وأما انتفاع أبي بن كعب رضي الله عنه فكان بإذن الإمام، وهو جائز بإذن الإمام).
(2)
الذخيرة (9/ 117).
(3)
الحاوي الكبير (8/ 9).