الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرابع: أن بيع الوقف وتمليكه مناف لمقصوده الذي هو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة (1).
النتيجة:
صحة الإجماع في أنه لا يجوز بيع الوقف (2).
[68 - 10] يجوز استبدال الوقف إذا تعطلت منافعه
• المراد بالمسألة: إذا تعطلت منافع الوقف، فإنه يجوز التصرف فيه بما فيه مصلحة راجحة، إما بيعه وجعل ثمنه في مثله، أو استبداله بآخر، ولو لم يكن شرط من الواقف بذلك.
• من نقل الإجماع:
1 -
ابن قدامة (620 هـ) قال: [ولنا ما روي أن عمر رضي الله عنه كتب إلى سعد، لما بلغه أنه قد نقب بيت المال الذي بالكوفة، أن انقل المسجد الذي بالتمارين، واجعل بيت المال في قبلة المسجد، فإنه لن يزال في المسجد مصل، وكان هذا بمشهد من الصحابة، ولم يظهر خلافه، فكان إجماعًا](3).
2 -
ابن الهمام (861 هـ) قال: [وفي زيادات أبي بكر بن حامد: أجمع العلماء على جواز بيع بناء الوقف وحصيره إذا استغنوا عنه](4).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع: ابن تيمية (5).
قال الدردير: (ورجع الوقف في التحبيس على كقنطرة ومسجد ومدرسة خربت ولم يرج عودها في مثلها، حقيقة إن أمكن، فيصرف في قنطرة أخرى
(1) البحر الرائق (5/ 221).
(2)
انظر المسألة في: كفاية الطالب الرباني (2/ 349)، والتاج والإكليل (7/ 631)، والمهذب (1/ 578)، والحاوي الكبير (9/ 368)، وروضة الطالبين (4/ 474)، والشرح الكبير (6/ 243)، والإنصاف (7/ 101).
(3)
المغني، ابن قدامة (8/ 221 - 222).
(4)
شرح فتح القدير (6/ 221).
(5)
مجموع الفتاوى (31/ 92 - 93).
أو مسجد آخر أو مدرسة أخرى، فإن لم يمكن ففي مثلها نوعًا، أي في قربة، ومن ذلك مدارس مصر ومساجدها التي كانت بالقرافة) (1).
قال الخطيب الشربيني: (والأصح جواز بيع حصر المسجد الموقوفة إذا بليت وجذوعه إذا انكسرت أو أشرفت على ذلك ولم تصلح إلا للإحراق لئلا تضيع ويضيق المكان بها من غير فائدة، فتحصيل نذر يسير من ثمنها يعود إلى الوقف أولى من ضياعها، ولا تدخل بذلك تحت بيع الوقف، لأنها صارت في حكم المعدومة، وعلى هذا يصرف ثمنها في مصالح المسجد. . . ولو انهدم مسجد وتعذرت إعادته لم يبع بحال)(2).
قال ابن تيمية: (وإذا خرب مكان موقوف فتعطل نفعه بيع وصرف ثمنه في نظيره، أو نقلت إلى نظيره، وكذلك إذا خرب بعض الأماكن الموقوف عليها -كمسجد ونحوه- على وجه يتعذر عمارته، فإنه يصرف ريع الوقف عليه إلى غيره، وما فضل من ريع وقف عن مصلحته صرف في نظيره، أو مصلحة المسلمين من أهل ناحيته، ولم يحبس المال دائمًا بلا فائدة، وقد كان عمر بن الخطاب كل عام يقسم كسوة الكعبة بين الحجيج، ونظير كسوة الكعبة المسجد المستغنى عنه من الحصر ونحوها، وأمر بتحويل مسجد الكوفة من مكان إلى مكان حتى صار موضع الأول سوقًا)(3).
• مستند الإجماع: يستند هذا الإجماع على عدة أدلة، منها:
الأول: لأنه لا يجوز وقف ما لا نفع فيه ابتداء؛ فلا يجوز استدامة وقفه، والقاعدة أن ما كان شرطا لابتداء الوقف كان شرطًا لاستدامته؛ كالمالية (4).
الثاني: أن ما لا يرجى نفعه يكون بيعه أولى من تركه (5)
(1) الشرح الصغير، (4/ 124).
(2)
مغني المحتاج، (2/ 392).
(3)
مجموع الفتاوى (31/ 92 - 93).
(4)
الكافي (ص 519).
(5)
المهذب (1/ 581).
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة: الحنفية في الأصح عندهم (1)، والمالكية (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4)، فذهبوا إلى منع بيعها.
• ودليلهم: واحتجوا لما ذهبوا إليه بما يلي:
الأول: عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا يباع أصلها ولا تبتاع ولا توهب ولا تورث)(5)
• وجه الاستدلال: نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الوقف من غير تفريق بين تعطله من عدمه.
الثاني: بقاء أحباس السلف دائرة ولم تبع، فلو كان بيعها جائزا ما أغفله من مضى (6).
الثالث: لأنه يمكن الانتفاع به وإن خرب، كصلاة واعتكاف في أرض المسجد، وطبخ جص وآجر له بحصره وجذوعه (7).
النتيجة:
عدم صحة الإجماع في جواز بيع الوقف إذا خرب وتعطلت منافعه وجعل ثمنه في مثله أو استبداله بآخر، وذلك لوجود الخلاف القوي (8).
(1) البحر الرائق (5/ 223)، وحاشية ابن عابدين (4/ 412). وعندهم قول في المذهب في غير المسجد فإنه لا يباع وإن خرب. ومقابل الأصح أنه يجوز (في أثاث المسجد) وهو قول في المذهب، فعند أبي حنيفة وأبي يوسف:(يجوز بيع المسجد إذا تعطلت منافعه، ويكون ذلك بإذن القاضي، فيذا بيع فيصرف ثمنه إلى أحد المساجد، أو يكون الثمن مصروفًا إلى مسجد قريب من المسجد الذي بيع).
(2)
المدونة (4/ 418).
(3)
مغني المحتاج (2/ 392).
(4)
في رواية: اختارها من الحنابلة: الشريف أبو جعفر، وأبو الخطاب، وابن عقيل. انظر: المغني (8/ 222)، والفروع (4/ 622).
(5)
سبق تخريجه.
(6)
المدونة (4/ 418)، وحاشية الدسوقي (5/ 480).
(7)
فتح الوهاب (1/ 309)، ونهاية المحتاج (5/ 395).
(8)
انظر المسألة في: الدر المختار (6/ 585 - 587)، وحاشية ابن عابدين (6/ 573) =