الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأم من الثلث إلى السدس.
وأما قول الحسن فمحل نظر عند أهل العلم من وجهين:
الأول: أن الإجماع قد انعقد على خلافه.
والثاني: أن ما ذهب إليه تفسير مرجوح؛ لأن اللَّه سبحانه وتعالى إنما أراد بذلك الجنس، وإذا كان الجنس مشتملًا على الفريقين؛ غلب في اللفظ حكم التذكير (1).
[245 - 53] الاثنان من الأخوة من أي جهة يحجبون الأم من الثلث إلى السد
س
• المراد بالمسألة: أن الأخوة من أي جهة، إذا كانوا اثنين فإنهم يحجبون الأم من الثلث إلى السدس كالثلاثة من الإخوة.
• من نقل الإجماع: ابن حزم (456 هـ) قال: [واتفقوا أنه إذا كان هنالك ولد لصلب الميت، أو لبطن الميتة، أو ثلاثة إخوة كما ذكرنا أن لها السدس، واختلفوا إذا كان هنالك ولد ولدٍ، ذكر أو أنثى، أو أخوان أو أختان، أو أخ وأخت بعد اتفاقهم على أن لها السدس، أيكون ما زاد على السدس إلى تمام الثلث لها أم لسائر الورثة؟ ](2).
ابن عبد البر (463 هـ) قال: [وقد أجمعوا أيضًا على أن حجبوا الأم عن الثلث إلى السدس بثلاث أخوات، ولسن بلسان العرب بإخوة، وإنما هن أخوات فحجبها باثنين من الأخوة أولى](3). وقال: [وقد أجمعوا وابن عباس معهم في زوج وأم وأخت لأم أو إخوة لأم، أن للزوج النصف، ولكل واحد من الأخ أو الأخت السدس، وللأم السدس، فدل على أنهما قد حجبها الأم عن الثلث إلى السدس، ولم يحجبها لعالت الفريضة، وهي غير عائلة لإجماع](4).
(1) انظر: الحاوي الكبير (8/ 98).
(2)
انظر: مراتب الإجماع (ص 179).
(3)
انظر: الاستذكار (15/ 409).
(4)
انظر: المصدر السابق (15/ 409).
السرخسي (483 هـ) قال في معرض كلامه على ميراث الأم: [والسدس لها مع وجود الأخوة بقوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11] ولا خلاف أن فرضيتها السدس مع الولد ذكرًا كان أو أنثى؛ لأن اسم الولد حقيقة لهما، فأما مع الإخوة؛ فقد اختلفوا في فصول بعدما اتفقوا أن الذكور والأناث في هذا الحكم سواء عند الاختلاط، وعند الانفراد حتى أن فرضها السدس مع الأخوات المفردات كما في الذكور المنفردين، وكما مع الذكور مع الإناث عند الاختلاط] (1).
ابن رشد (595 هـ) قال: [وأجمعوا من هذا الباب على أن الأم يحجبها الإخوة من الثلث إلى السدس؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11] واختلفوا في أقل ما يحجب الأم من الثلث إلى السدس من الأخوة] (2).
ابن قدامة (620 هـ) قال: [وجملة ذلك أن للأم ثلاثة أحوال: حال ترث فيها الثلث بشرطين: أحدهما: عدم الولد، وولد الابن، من الذكور والإناث. والثاني: عدم الابنين فصاعدًا من الإخوة والأخوات من أي الجهات كانوا، ذكورًا وإناثًا، أو ذكورًا أو إناثًا، فلها في هذه الحال الثلث، بلا خلاف نعلمه بين أهل العلم](3).
القرطبي (671 هـ) قال: [وأجمع أهل العلم على أن أخوين فصاعدًا ذكرانًا كانوا أو إناثًا من أب وأم، أو من أب أو من أم يحجبون الأم عن الثلث إلى السدس](4) الشربيني (977 هـ) قال: [والمراد بالإخوة اثنان فأكثر إجماعًا قبل إظهار ابن عباس الخلاف](5).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع: ابن تيمية (6).
(1) انظر: المبسوط (29/ 144).
(2)
انظر: بداية المجتهد (2/ 342).
(3)
انظر: المغني (9/ 18).
(4)
انظر: الجامع لأحكام القرآن (5/ 63).
(5)
انظر: مغني المحتاج (3/ 10).
(6)
انظر: الاختيارات، البعلي (ص 337)، وانظر: مجموع الفتاوى (31/ 358).
قال العمراني (558 هـ): فأما الأم فلها ثلاثة فروض: . . . . الحالة الخامسة أن يكون مع الأم اثنان من الإخوة أو الأخوات أو منهما فللأم السدس، وبه قال عامة الصحابة والفقهاء أجمع إلا ابن عباس (1).
قال الموصلي (683 هـ): الأم ولها ثلاثة أحوال: السدس مع الولد وولد الابن واثنين من الإخوة والأخوات من أي جهة كانوا (2).
قال القرافي (684 هـ): وفرض الأم الثلث، ومع الولد وولد الابن أو اثنين من الإخوة أو الأخوات السدس (3).
سئل ابن تيمية (728 هـ) رحمه الله عن رجل له أولاد، وكسب جارية، وأولدها، فولدت ذكرًا فعتقها، وتزوجت، ورزقت أولادًا، فتوفي الشخص، فخص ابنه الذي من الجارية دارًا وقد توفي، فهل يخص أخوته من أمه شيء مع اخوته الذين من أبيه؟
فأجاب: للأم السدس، ولإخوته من الأم الثلث، والباقي لإخوته من أبيه للذكر مثل حظ الأنثيين، واللَّه أعلم (4).
قال عبد الرحمن بن قاسم (1392 هـ): وللأم السدس مع ولد. . . . أو اثنين فأكثر من إخوة أو أخوات أو منهما عند جمهور العلماء (5).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة منها:
الأول: أن النصوص الشرعية، أفادت أن أقل الجمع اثنان، ومنها:
أ- قال اللَّه سبحانه وتعالى: {قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (15)} [الشعراء: 15].
• وجه الاستدلال: أن خطاب الجمع الوارد في الآية المراد منه اثنان، وهما موسى وهارون.
(1) البيان في مذهب الإمام الشافعي، 9/ 39.
(2)
الاختيار لتعليل المختار، 5/ 89.
(3)
الذخيرة، 13/ 46.
(4)
مجموع الفتاوى (31/ 358).
(5)
حاشية الروض المربع، 6/ 103.
ب - وقال سبحانه وتعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22)} [ص: 21، 22].
• وجه الاستدلال: أن خطاب الجمع الوارد في الآية المراد منه: اثنان، وهما الخصمان.
ج - وقال اللَّه سبحانه وتعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78)} [الأنبياء: 78].
• وجه الاستدلال: أن خطاب الجمع الوارد في الآية في قوله سبحانه وتعالى: المراد منه اثنان، وهما داود وسليمان.
الثاني: عن الربيع بن بدر عن أبيه، عن جده عمرو بن جراد، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (اثنان فما فوقهما جماعة)(1).
• وجه الاستدلال: أن أقل الجمع اثنان، وقد جرى هذا في لغة العرب كثيرًا.
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة: ابن عباس (2)، والحسن البصري (3)، وداود الظاهري (4).
فقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (لا تحجب الأم عن الثلث إلى السدس إلا بثلاثة إخوة فصاعدًا)(5) وقال الحسن البصري: (لا أحجب الأم بالأخوات المنفردات)(6)
(1) رواه: ابن ماجه في سننه، كتاب إقامة الصلاة، باب الاثنان جماعة، رقم (972). وضعف إسناده الألباني. انظر: سنن ابن ماجة، رقم (972).
(2)
رواه: ابن جرير الطبري في تفسيره (4/ 345) وسنده ضعيف، لأنه من طريق شعبة مولى ابن عباس، وهو ضعيف. انظر: التلخيص الحبير (3/ 168).
(3)
انظر: الحاوي الكبير (8/ 98).
(4)
انظر: المصدر السابق (8/ 98).
(5)
سبق تخريجه في هامش: (5)، (ص 646).
(6)
انظر: الحاوي الكبير (8/ 98).