الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة: 180].
• وجه الاستدلال: أن الخير يطلق على قليل المال وكثيرة، بدلالة قول اللَّه سبحانه وتعالى:{وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273)} [البقرة: 273].
وقد فسر جمع من السلف (الخير) في هذه الآية: بالمال، وهذا مروي: عن ابن عباس، والربيع، وعطاء (1).
النتيجة:
عدم صحة الإجماع في أنه لا تستحب الوصية ممن يملك مالًا يسيرًا يضر بورثته الوصية فيه، وذلك لوجود الخلاف.
قال الحافظ ابن حجر بعد أن نقل حكاية الإجماع عن ابن عبد البر، قال:(وفي حكاية الإجماع نظر)(2).
[165 - 24] جواز الوصية بالمنفعة
• المراد بالمسألة: أن الوصية بمنفعة العين صحيحة وجائزة، إذا كان مما يصلح أن ينتفع بها مع بقاء عينها، كالوصية بأجرة السكنى، وخدمة العبد، وأجرة السيارة، ونحو ذلك، وتكون من الثلث.
• من نقل الإجماع: الكاساني (587 هـ): [وأما الذي يرجع إلى الموصى به فأنواع منها: أن يكون مالًا، سواء كان المال عينًا أو منفعة عند عامة العلماء](3).
• الموافقون على الإجماع: المالكية (4)، والشافعية (5)، والحنابلة (6).
قال ابن قدامة: (وإن أوصى بثمرة شجرة أو بستان أو غلة دار أو خدمة عبد صحّ، سواء وصّى بذلك في مدة معلومة أو بجميع الثمرة والمنفعة في
(1) تفسير القرآن العظيم، ابن كثير (2/ 50).
(2)
فتح الباري (5/ 356).
(3)
بدائع الصنائع (10/ 522).
(4)
الذخيرة (7/ 25).
(5)
مغني المحتاج (4/ 75).
(6)
المغني (8/ 459).
الزمان كله) (1).
قال الموصلي: (وتجوز الوصية بخدمة عبده وسكنى داره وبغلتهما أبدًا ومدة معلومة، لأن المنافع يصح تمليكها حال الحياة بعوض وغير عوض)(2).
قال الخطيب الشربيني: (تصح بمنافع عبد ودار وغلة حانوت، ويملك الموصى له منفعة العبد وأكسابه المعتادة كاحتطاب واصطياد وأجرة حرفة ونحوها لأنها أبدال المنافع الموصى بها)(3).
قال الدسوقي: (وإن أوصى له بمنافع عبد كخدمته فأخذه الموصى له ومات ورثت عن الموصى له إن بقي من زمنها شئ وزمنها قد يحدد بوقت وقد يحدد بحياة العبد)(4).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن عبد اللَّه بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم-قال:(ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)(5).
• وجه الاستدلال: أن المال منفعة، وكذلك لفظة (شيء) فهي منفعة، وإن كانت قليلة (6).
الثاني: أن له تمليكها حال الحياة بعقد الإجارة والإعارة ببدل وغير بدل، لأن يملك تمليكها بعقد الوصية أولى، لأنه أوسع العقود، حيث يحتمل ما لا تحتمله سائر العقود من عدم المحل والجهالة ونحوهما (7).
الثالث: لأن الوصية بالمنفعة، كالوصية بالأعيان في الملك بالعقد
(1) المغني (8/ 459).
(2)
الاختيار لتعليل المختار، 5/ 70.
(3)
مغني المحتاج، 3/ 65.
(4)
حاشية الدسوقي، 6/ 526.
(5)
سبق تخريجه.
(6)
فتح الباري (7/ 259) بزيادة.
(7)
بدائع الصنائع (10/ 522)، والمهذب (1/ 452)، وأسنى المطالب (6/ 81)، والبيان (8/ 154)، والمغني (8/ 459).
والإرث فكانت كالأعيان في الوصية (1).
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة: ابن أبي ليلى (2)، وابن عبد البر (3)، وابن حزم من الظاهرية (4). فذهبوا إلى عدم جواز الوصية بالمنافع.
• دليلهم: يستند الخلاف إلى عدة أدلة، منها:
الأول: أن الوصية بالمنافع وصية بمال الوارث؛ لأن نفاذ الوصية يكون عند الموت، وعند الموت تحصل المنافع على ملك الورثة؛ لأن الرقبة ملكهم، وملك المنافع تابع لملك الرقبة، فكانت المنافع ملكهم لأن الرقبة ملكهم فكانت الوصية بالمنافع وصية من مال الوارث فلا تصح، ولأن الوصية بالمنافع في معنى الإعارة إذ الإعارة تمليك المنفعة بغير عوض، والوصية بالمنفعة كذلك (5).
الثاني: أن القياس على الإجارة باطل، لأن الإجارة إنما تجوز فيما ملك المؤاجر رقبته، لا فيما لا ملك له فيه والعين من الدار أو العبد والبستان منتقلة بموت المالك لها إلى ما أوصى فيه بالمنفعة أو إلى ملك الورثة، لابد من أحدهما، ووصية المرء في ملك غيره باطل لا تحل، كما أن إجارته لملك غيره لا تحل. وأيضًا الإجارة إنما هي منافع حدثت في ملكه، والوصية منافع حدثت في ملك غير الموصي، وهذا حرام (6).
النتيجة:
عدم صحة الإجماع في جواز الوصية بالمنفعة، وذلك للخلاف
(1) المهذب (1/ 452)، وبداية المجتهد (2/ 717).
(2)
بدائع الصنائع (10/ 522)، والمحلى (10/ 205) و (10/ 255).
(3)
بداية المجتهد (2/ 717)، وفتح الباري (7/ 259).
(4)
المحلى (9/ 322 وما بعدها).
(5)
بدائع الصنائع (10/ 522)، والمغني (8/ 459).
(6)
المحلى (9/ 327).