الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما الخلاف فشاذ قال القرطبي: (. . إلا ما ذهب إليه داود من أن الملتقط يملك اللقطة بعد التعريف، لتلك الظواهر، ولا التفات لقوله، لمخالفة الناس، ولقوله عليه السلام: فأدها إليه)(1).
[44 - 7] لا تلتقط ضالة الإبل
• المراد بالمسألة: أنه لا يجوز التقاط ضالة الإبل باتفاق العلماء؛ لأن معها ما تمتنع به من صغار السبع، وقدرتها على الوصول إلى الكلأ والشراب.
• من نقل الإجماع: ابن رشد (595 هـ) قال: [فأما الإبل فاتفقوا على أنها لا تلتقط](2). المرداوي (885 هـ) قال: [الضوال التي تمتنع من صغار السباع -كالإبل. . فلا يجوز التقاطها بلا نزاع](3). عبد الرحمن ابن قاسم (1392 هـ) قال: [فحكم صلى الله عليه وسلم بأنها لا تلتقط، بل تترك ترد المياه، وتأكل الشجر، حتى يلقاها ربها، واتفق على ذلك أهل العلم في الجملة](4).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع: الشافعية (5)، وابن حزم من الظاهرية (6).
قال الماوردي: (اعلم أن ضوال الحيوان. . . . كالإبل والبقر. . . لا يجوز لواجده أن يتعرض لأخذه إذا لم يعرف مالكه)(7).
قال ابن حزم: (وأما الإبل القوية على الرعي وورود الماء، فلا يحل
(1) الجامع لأحكام القرآن (11/ 271).
(2)
بداية المجتهد (2/ 305).
(3)
الإنصاف (6/ 401).
وانظر: رؤوس المسائل الخلافية بين جمهور الفقهاء، العكبري (3/ 1080).
(4)
حاشية الروض المربع (5/ 506).
(5)
الأم (5/ 143).
(6)
المحلى (8/ 270).
(7)
الحاوي الكبير، (8/ 5 - 6).
لأحد أخذها، وإنما حكمها أن تترك ولا بد) (1).
قال ابن قدامة: (كل حيوان يقوى على الامتناع من صغار السباع، وورود الماء، لا يجوز التقاطه، ولا التعرض له، سواء لكبر جثته كالإبل والخيل. . .)(2) قال النووي: (ما يمتنع من صغار السباع بفضل قوته كالإبل والخيل. . . فإن وجدها في مفازة فللحاكم ونوابه أخذها للحفظ. . . . وأما أخذها للتملك فلا يجوز لأحد)(3).
قال القرافي: (وضالة الإبل في الفلاة يتركها)(4).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع على عدة أدلة، منها:
الأول: عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عما يلتقطه، فقال:(عرفها سنة ثم اعرف عفاصها ووكاءها، فإن جاء أحد يخبرك بها وإلا فاستنفقها. قال: يا رسول اللَّه فضالة الغنم؟ قال: لك أو لأخيك أو للذئب. قال: ضالة الإبل؟ فتمعر وجه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: مالك ولها؟ معها حذاؤها وسقاؤها، ترد الماء وتأكل الشجر)(5).
• وجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم نبه إلى أن الإبل غنية غير محتاجة إلى الحفظ بما ركب اللَّه في طباعها من الجلادة على العطش وتناول الماء بغير تعب لطول عنقها وقوتها على المشي فلا تحتاج إلى الملتقط بخلاف الغنم (6)
الثاني: قول عمر رضي الله عنه: (من أخذ ضالة فهو ضال). أي: مخطئ، ولا يعني فيه الضلال الذي بمعنى الإثم (7).
الثالث: أن حكمة النهي عن التقاط الإبل ظاهرة، وهي بقاؤها حيث
(1) المحلى (8/ 270).
(2)
المغني، (8/ 343).
(3)
روضة الطالبين، (5/ 402 - 403).
(4)
الذخيرة، (9/ 98).
(5)
سبق تخريجه.
(6)
البناية في شرح الهداية (6/ 778)، وسبل السلام (3/ 950).
(7)
المغني (8/ 343).
ضلت أقرب إلى وجدان مالكها لها من تطلبه لها في رحال الناس (1).
• الخلاف في المسألة: خالف في هذا المسألة: الحنفية (2)، وابن المنذر (3).
قال ابن الهمام: (ويجوز الالتقاط في الشاة والبقر والبعير)(4).
قال الموصلي: (ويجوز التقاط الإبل والبقر والغنم وسائر الحيوانات)(5).
• دليلهم: وقد احتج المخالفون بما يلي:
الأول: ما روي أن رجلًا وجد بعيرًا بالحرة فعرفه، ثم ذكره لعمر رضي الله عنه فأمره أن يعرفه، فقال الرجل لعمر: قد شغلني عن ضيعتي، فقال عمر رضي الله عنه:(أرسله حيث وجدته)(6).
• وجه الاستدلال: أن عمر رضي الله عنه أقره على التقاطه فدل على جوازه.
الثاني: قال مالك رضي الله عنه: إنه سمع ابن شهاب يقول: (كانت ضوال الإبل في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه إبلًا مؤبلة تباع لا يمسها أحد، حتى إذا كان زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه، أمر بتعريفها ثم تباع، فإن جاء صاحبها أعطي ثمنها)(7).
• وجه الاستدلال: أن عثمان رضي الله عنه أمر بإلتقاط الإبل وتعريفها؛ فدل على
(1) فتح الباري (5/ 80).
(2)
المبسوط (11/ 10).
(3)
الإشراف على مذاهب العلماء (6/ 380)، وذكر قول الزهري، قال:(كان الزهري يقول: من وجد ضالة بدنة، فليعرفها، فإن لم يجد صاحبها، فلينحرها قبل أن تنقضي الأيام الثلاث).
(4)
شرح فتح القدير، (6/ 124).
(5)
الاختيار لتعليل المختار، (3/ 34).
(6)
رواه: مالك في الموطأ، كتاب الأقضية، باب القضاء في الضوال، (4/ 1099) وإسناده صحيح، مستفاد من تعليقات محقق جامع الأصول (10/ 709).
(7)
رواه: مالك في الموطأ، كتاب الأقضية، باب القضاء في الضوال، (4/ 1099) وإسناده منقطع. مستفاد من تعليقات محقق جامع الأصول، انظر:(10/ 710).