الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يناقض هذا القول، وأنه لا يرث الأخوة مع الوالد والولد؛ فإنه كان يقول:(الكلالة من لا ولد له ولا والد)(1).
[254 - 62] الأخوات الشقائق إذا استكملن الثلثين فليس للأخوات لأب شيء إلا أن يكون لهن ذكر في درجتهن فيعصبهن
• المراد بالمسألة: أن الأخوات الشقيقات يحجبن الأخوات لأب إذا استكملن الثلثين، إلا أن يكون للأخوات لأب ذكر في درجتهن، أي: أخ لأب، فيرفع عنهن الحجب، حيث إنه يعصبهن معه، أما إذا كانت الأخت الشقيقة واحدة، فإن الأخت لأب تأخذ السدس تكملة الثلثين؛ كبنت الابن مع البنت الصلبية.
مثاله: لو مات رجل عن: أختين شقيقتين، وأخت لأب، وأخ لأب، فالمسألة من (ثلاثة أسهم) فللبنتين الشقيقتين الثلثان (سهمان) والباقي (سهم واحد) للأخ لأب، وللأخت لأب.
• من نقل الإجماع: ابن المنذر (318 هـ) قال: [وأجمعوا على أن لا ميراث للأخوات من الأب؛ إذا استكمل الأخوات من الأب والأم الثلثين؛ إلا أن يكون معهن أخ ذكر](2).
وقال: [وأجمعوا على أن الإخوة من الأب يرثون ما فضل عن الأخوات للأب والأم، فإن ترك أختين أو أخوات لأب وأم، فلهن الثلثان، وما بقي فللإخوة من الأب](3).
ابن حزم (456 هـ) قال: [واتفقوا فيمن ترك أختًا شقيقة كما ذكرنا وإخوة وأخوات لأب؛ أن الشقيقة تأخذ النصف؛ لكنهم اختلفوا أن للأخوات للأب شيئًا أم لا إن كان يقع لهن في مقاسمة من في درجتهن من الإخوة للذكر مثل حظ الأنثيين السدس فأقل؛ أخذن ذلك، واختلفوا هل
(1) سبق تخريجه.
(2)
انظر: الإجماع (ص 95).
(3)
انظر: المصدر السايق (ص 95).
يزدن عليه شيئًا أم لا] (1).
وقال: [فإن ترك شقيقتين وأخوات لأب وابن عم أو عمًا، فللشقيقتين الثلثان، وللعم أو لابن العم ما بقي، ولا شيء للواتي للأب، وهذا دليل النص وإجماع متيقن إلا شيئًا ذكر عن الحسن البصري: أن الثلث الباقي للواتي للأب، ولم يقل ذلك حيث يوجد عاصب ذكر](2).
وقال: [وأجمعوا على أنه لو ترك أختين لشقيقتين وعشر أخوات لأب وعمًّا أو ابن أخ؛ أن اللواتي للأب لا يرثن شيئًا أصلًا](3).
وقال: [واتفقوا فيمن مات وترك أختين شقيقتين وإخوة لأب رجالًا ونساء ولا وارث غيرهم ممن ذكرنا أنهم لم يتفقوا على أنهم يرثون معه؛ فإن للشقيقتين الثلثين، وأن الذكر أو الذكرين أو الذكور الإخوة للأب يرث أو يرثون. واختلفوا هل ترث الأخوات للأب شيئًا أم لا](4).
ابن عبد البر (463 هـ) قال: [وقال ابن مسعود أيضًا في أخت لأب وأم وإخوة وأخوات لأب: للأخوات لأب الأقل من المقاسمة أو السدس، وبه قال أبو ثور. وقال ابن مسعود أيضًا في الأخوات للأب والأم إذا استكملوا الثلثين: فالباقي للأخ أو الإخوة دون الأخوات. وما أعلم أحدًا تابع ابن مسعود من أصحابه وغيرهم على قوله هذا إلا علقمة واللَّه أعلم](5)
البغوي (516 هـ) قال: [وكذلك حكم ميراث الإخوة للأب والأم مع الإخوة للأب، فإن كان ولد الأب والأم ذكرًا؛ فلا شيء لولد الأب، وإن كانت أنثى؛ نظر إن كانت واحدة، فلها النصف ثم إن كان ولد الأب ذكرًا؛ فالباقي له، وإن كان أنثى واحدة فأكثر، فلهن السدس تكملة الثلثين، وإن كانوا ذكورًا وإناثًا؛ فالباقي بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. وإن كان ولد الأب
(1) انظر: مراتب الإجماع (ص 183).
(2)
انظر: المحلى (8/ 287).
(3)
انظر: المصدر السابق (8/ 289).
(4)
انظر: مراتب الإجماع (ص 183).
(5)
انظر: الاستذكار (15/ 427).
والأم أكثر من واحدة كلهن إناث؛ فلهن الثلثان ثم لا شيء لولد الأب إلا أن يكون فيهم ذكر؛ فيكون الباقي لهم؛ للذكر مثل حظ الأنثيين، هذا قول عامة الصحابة والعلماء إلا ابن مسعود؛ فإنه يقول: إذا مات عن بنت وبنات ابن وبني ابن؛ فللبنت النصف ولبنات الابن أضر الأمرين من المقاسمة أو السدس. ولو مات عن بنتين وأولاد ابن بنين وبنات؛ فللبنتين الثلثان والباقي لبني الابن ولاشيء لبناته، ولا يزيد حظ البنات على الثلثين. وكذلك يقول: إذا مات عن أخت لأب وأم وإخوة وأخوات لأب؛ فللأخت للأب والأم النصف، وللأخوات للأب أضر الأمرين من السدس أو المقاسمة مع الإخوة] (1).
ابن رشد (595 هـ) قال: [وأجمع العلماء على أن الأخوات للأب والأم إذا استكملن الثلثين؛ فإنه ليس للأخوات للأب معهن شيء كالحال في بنات الابن مع بنات الصلب، وأنه إن كانت الأخت للأب والأم واحدة؛ فللأخوات للأب ما كن بقية الثلثين وهو السدس. واختلفوا إذا كان مع الأخوات للأب ذكر: فقال الجمهور: يعصبهن ويقتسمون المال للذكر مثل حظ الأنثيين كالحال في بنات الابن مع بنات الصلب، واشترط مالك أن يكون في درجتهن. وقال ابن مسعود: إذا استكملن الأخوات الشقائق الثلثين؛ فالباقي للذكور من الإخوة للأب دون الإناث، وبه قال أبو ثور، وخالفه داود في هذه المسألة مع موافقته له في مسألة بنات الصلب وبني البنين. فان لم يستكملن الثلثين؛ فللذكر عنده من بني الأب مثل حظ الأنثيين؛ وإلا أن يكون الحاصل للنساء أكثر من السدس كالحال في بنت الصلب مع بني الابن](2).
ابن قدامة (620 هـ) قال: [(والأخوات من الأب بمنزلة الأخوات من الأب والأم، إذا لم يكن أخوات لأب وأم، فإن كان أخوات لأب وأم،
(1) انظر: شرح السنة (4/ 455).
(2)
انظر: بداية المجتهد (2/ 345).
وأخوات لأب؛ فللأخوات من الأب والأم الثلثان، وليس للأخوات من الأب شيء، إلا أن يكون معهن ذكر فيعصبهن فيما بقي، للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن كانت أخت واحدة لأب وأم، وأخوات لأب؛ فللأخت للأب والأم النصف، وللأخوات من الأب واحدة كانت أو أكثر من ذلك السدس تكملة الثلثين، إلا أن يكون معهن ذكر فيعصبهن فيما بقي؛ للذكر مثل حظ الأنثيين) وهذه الجملة كلها مجمع عليها بين علماء الأمصار، إلا ما كان من خلاف ابن مسعود ومن تبعه، لسائر الصحابة والفقهاء في ولد الأب إذا استكمل الأخوات من الأبوين الثلثين؛ فإنه جعل الباقي للذكر من ولد الأب دون الإناث. فإن كانت أخت واحدة من أبوين، وإخوة وأخوات من أب، جعل الإناث من ولد الأب الأضر بهن من المقاسمة أو السدس، وجعل الباقي للذكور، كفعله في ولد الابن مع البنات] (1).
قال النووي (676 هـ): والأخ للأبوين يحجبه الأب والابن وابن الابن بالإجماع، والأخت للأبوين لا يحجبها أيضًا إلا هؤلاء والأخ للأب يحجبه هؤلاء والأخ للأبوين، والأخت للأب يحجبها الأربعة، وكذلك إذا استكملت الأخوات للأبويين الثلثين سقطت الأخوات للأب إلا أن يكون معهن معصب (2).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى ما ورد في قوله سبحانه وتعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176].
• وجه الاستدلال: أن اللَّه سبحانه وتعالى أعطى الأخت الشقيقة الواحدة النصف إن لم يكن فرع وارث، وإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك.
• الخلاف في المسألة: ورد الخلاف في هذه المسألة على ضربين:
(1) انظر: المغني (9/ 16).
(2)
روضة الطالبين، 6/ 27.
الأول: ذهب ابن مسعود رضي الله عنه (1) وعلقمة، وأبو ثور، وابن حزم من الظاهرية (2) إلى أن الأخ لأب لا يعصب أخواته من الأب إذا ورثوا مع الأخوات الشقيقات، فتأخذ الأخوات الشقيقات الثلثين، والباقي للأخ لأب؛ لأنه أولى رجل ذكر.
فقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال في: أخوات لأب وأم، وأخوة وأخوات لأب:(للأخوات من الأب والأم الثلثان، وسائر المال للذكر دون الإناث)(3).
وورد عنه رضي الله عنه أيضًا أنه قضى في: ابنة، وابنة ابن، وبني ابن، وأخت لأب، وأم وإخوة لأب، أنه قال:(كان يعطي هذه النصف، ثم ينظر فإن كان إذا قاسمت الذكور أصابها أكثر من السدس؛ لم يزدها على السدس، وإن أصابها أقل من السدس؛ قاسم بما لم يلزمها الضرر)(4).
ويمكن أن يستدل لقول ابن مسعود رضي الله عنه ومن وافقه بحديث ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي؛ فهو لأولى رجل ذكر)(5).
• وجه الاستدلال: أن الأخ لأب هو أولى ذكر يرث بعد أخذ الأخوات الشقيقات فرضهن.
الثاني: ذهب الحسن البصري إلى أن الأخوات لأب يرثن بعد استكمال الأخوات الشقائق الثلثين، ولا يحتجن إلى أخ معصب في درجتهن (6).
(1) انظر: الاستذكار (5/ 427)، والمحلى (8/ 287)، وبداية المجتهد (2/ 346)، وشرح السنة للبغوي (4/ 455)، والمغني (9/ 15)، والحاوي الكبير (8/ 101).
(2)
انظر: المحلى (8/ 287)، والاستذكار (15/ 427).
(3)
رواه: سعيد بن منصور في سننه، ميراث امرأة وأبوين وزوج وأبوين، رقم (18).
(4)
رواه: ابن أبي شيبة في مصنفه رقم (31608).
(5)
سبق تخريجه.
(6)
انظر: نوادر الفقهاء (ص 140)، والمحلى (8/ 287).