الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بما انطوت عليه هذه الوصية أي الوثيقة وإن لم يقرأها عليهم، ولا فتح الكتاب لهم، ولو بقي الكتاب عنده إلى أن مات، بشرط أن يشهدهم بما في كتاب وصيته، أو يقول لهم: انفذوه، وبشرط أن لا يوجد في الوثيقة محو ولا تغيير وأن يعرفوا الوثيقة بعينها) (1).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى ما يلي:
الأول: أنها شهادة على كتاب، علم الشاهد ما فيه، فكانت شهادة حق، واللَّه سبحانه وتعالى يقول:{وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (86)} [الزخرف: 86].
الثاني: ولأن الوصية يتسامح فيها لكونها تبرع، ولهذا صح تعليقها على الخطر والغرر (2).
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة: احمد في إحدى الروايتين (3)، فذهب إلى أن من مات فوجدت وصيته مكتوبة عند رأسه ولم يشهد فيها، وعرف خطه، وكان مشهور الخط أنه يقبل ما فيها.
النتيجة:
صحة الإجماع في جواز الشهادة على الوصية مكتوبة وغير مكتوبة إذا قرأها الشهود أو قرئت عليهم (4).
[163 - 22] وقت اعتبار قيمة الوصية من المال الموصى به هو يوم موت الموصي
• المراد بالمسألة: أنه لو أوصى ببعض ماله، فإن القدر الموصى به يتوقف على قدر ماله يوم موته لا يوم الوصية فلو زاد المال أو نقص زاد مقدار الموصى به أو نقص تبعًا لذلك، فلو قُتل الموصي فوجبت فيه الدية،
(1) الشرح مع الدسوقي (6/ 529).
(2)
انظر: المغني، ابن قدامة (8/ 471).
(3)
في رواية إسحاق بن إبراهيم، ذكرها ابن قدامة في المغني (8/ 470).
(4)
المصدر السابق (8/ 471).
ضمت لماله حتى لو كان أوصى بالثلث، أخذ الموصى له ثلثها مع بقية المال إن وُجد (1).
• من نقل الإجماع: ابن رشد (595 هـ) قال: [وأجمعوا على أنه لا يجب للموصى له الا بعد موت الموصي](2). ابن قدامة (620 هـ) قال: [الاعتبار في قيمة الموصى به وخروجها من الثلث أو عدم خروجها بحالة الموت. . ولا أعلم فيه خلافًا](3).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (4)، والمالكية، والشافعية (5).
قال الكاساني: (الوصية تمليك مضاف إلى وقت الموت، فيستحق الموصى له ما كان على ملك الموصى عند موته، ويصير المضاف إلى الوقت كالمنجز عنده، كأنه قال: عند الموت لفلان ثلث مالي، فيعتبر ما يملكه في ذلك الوقت لا ما قبله)(6).
قال الموصلي: (حتى لو أوصى بثلث ماله ولا مال له، ثم اكتسب مالًا، ومات، أو كان له فذهب أو نقص، فإن المعتبر ماله حالة الموت، لأن وقتئذ تنفذ الوصية وينتقل المال إلى ملك الموصى له)(7).
قال المرداوي: (إن قلنا يملكه بالموت، اعتبرت قيمته من التركة بسعره يوم الموت، على أدنى صفاته من يوم الموت إلى القبول سعرًا وصفة)(8).
قال الدردير. (. . . أو أوصى بثلث ماله، فباعه أي المال، واستخلف غيره فلا تبطل، لأن العبرة بما يملك يوم الموت سواء زاد أو نقص)(9).
(1) تحفة المحتاج (3/ 72).
(2)
بداية المجتهد (5/ 383).
(3)
المغني (8/ 572 - 573).
(4)
تحفة الفقهاء (9/ 203)، وبدائع الصنائع (10/ 488).
(5)
تحفة المحتاج (3/ 72).
(6)
بدائع الصنائع، 7/ 333.
(7)
الاختيار لتعليل المختار، 5/ 65.
(8)
الإنصاف، 7/ 270.
(9)
الشرح الصغير، 4/ 589.
قال عبد الرحمن بن قاسم: (. . . اعتبارًا بحال الموت، لأنه الحال الذي يحصل به الانتقال إلى الوارث والموصى له (والعكس بالعكس)(1).
• مستند الإجماع: استند الإجماع إلى: أن الوصية تمليك بعد الموت وبه تلزم من جهة الموصى (2).
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة: الشافعية في قول (3)، وذهبوا إلى أن العبرة بوقت الوصية لا بموت الموصي.
• دليلهم: القياس على ما لو نذر التصدق بثلث ماله فإن المعتبر يوم النذر (4).
النتيجة:
صحة الإجماع في أن وقت اعتبار قيمة الوصية من المال الموصى به هو يوم موت الموصي. وأما الخلاف المذكور فهو ضعيف وشاذ، فإنه قول مقابل الأصح عند الشافعية ومذهبهم موافق للإجماع، وقد قدمه النووي في منهاج الطالبين، ثم حكى القول الآخر بصيغة التمريض، وقد قال في مقدمة كتابه:(وحيث أقول: وقيل كذا فهو وجه ضعيف والصحيح أو الأصح خلافه)(5) وأيضًا الاحتجاج بالقياس على النذر في اعتبار قيمة المال يوم النذر مردود بأن وقت النذر هو وقت اللزوم فهو نظير يوم الموت في الوصية (6).
* * *
(1) حاشية الروض المربع، 6/ 49.
(2)
تحفة الفقهاء للسمرقندي الحنفي (3/ 209).
(3)
تحفة المحتاج (6/ 55). وقال: (وقيل يوم الوصية فلا عبرة بما حدث بعدها).
(4)
تحفة المحتاج (3/ 72).
(5)
المنهاج مع تحفة المحتاج (1/ 26).
(6)
تحفة المحتاج (3/ 729).