الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وجه الاستدلال: أن اللَّه تعالى سمى آدم أبًا.
الثاني: قال سبحانه وتعالى: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} [يوسف: 38].
• وجه الاستدلال: أن التعبير عن الجد جاء هنا بلفظ الأب، ومعلوم بأن إسحاق جد يوسف، وإبراهيم جد يعقوب.
الثالث: عن ابن مربع الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قفوا على مشاعركم فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم)(1).
• وجه الاستدلال: أنه جاء التعبير فيه عن الجد بالأب، وهو إبراهيم عليه السلام فدل على أن الجد من الأب يقوم مقام الأب.
النتيجة:
صحة الإجماع في أن الجد الذي له حق الإرث هو الذي من طريق الأب وإن علا، وأما الذي من طريق الأم فلا يرث مطلقًا.
[216 - 24] الجد ينزل منزلة الأب في جميع مسائل الفرائض إلا مع الأخوة
• المراد بالمسألة: أن الجد الصحيح، وهو: أبا الأب لا يحجبه عن الميراث غير الأب، وأنه ينزل منزلة الأب في الحجب والميراث؛ إذا لم يترك الميت أبًا أقرب منه في جميع المواضع؛ إلا مع الإخوة والأخوات فاختلفوا فيه بعد وفاة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وسائر أهل العلم اتفقوا على أن حكم الجد كحكم الأب في غير موضع، فهو يأخذ السدس بوجود الابن، ولحجب الإخوة لأم كالأب.
مثاله: لو مات ميت عن: جد، وزوج، وأم، فالمسألة من (ستة أسهم) للجد السدس (سهم واحد) وللأم الثلث (سهمان) وللزوج النصف (ثلاثة أسهم).
(1) رواه: أبو داود، رقم (1919)، والترمذي، رقم (883)، والنسائي، رقم (3014)، والفاكهي، في أخبار مكة (5/ 36). انظر: صحيح الجامع الصغير وزيادته (2/ 810).
• من نقل الإجماع: ابن المنذر (318 هـ) قال: [وأجمعوا أن الجد يضرب مع أصحاب الفرائض بالسدس كما يضرب الأب، وإن عالت الفريضة، وأجمعوا أن للأب مع الابن السدس، وكذلك للجد معه مثل ما للأب](1). وقال: [وأجمعوا أن حكم الجد حكم الأب](2).
ابن رشد (595 هـ) قال: [وعمدة من جعل الجد بمنزلة الأب اتفاقهما في المعنى، أعني من قبل أن كليهما أبي للميت، ومن اتفاقهما في كثير من الأحكام التي أجمعوا على اتفاقهما فيها، حتى إنه قد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (أما يتقي اللَّه زيد بن ثابت يجعل ابن الابن ابنًا، ولا يجعل أبا الأب أبًا) وقد أجمعوا أنه مثله في أحكام أخر سوى الفروض، منها أن شهادته لحفيده كشهادة الأب، وأن الجد يعتق على حفيده كما يعتق الأب على الابن، وأنه لا يقتص له من جد كما لا يقتص له من أب](3).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (4)، والشافعية (5)، والحنابلة (6).
قال الماوردي: (إذا ثبت ما وصفنا من أن الجد يقاسم الإخوة والأخوات ولا يسقطهم فقد اختلف من قال بتوريثه معهم في كيفية مقاسمته لهم)(7).
قال الجويني: (فإن لم يكن في المسألة أبي فالجد أب الأب بمثابة الأب، واستثنى الأئمة أخذًا من معنى الشافعي ومن نصه أربع مسائل: إحداها: أن الأب يحجب الإخوة، والجد لا يحجب الإخوة والأخوات
(1) انظر: الإجماع (ص 96).
(2)
المصدر السابق (ص 96).
(3)
انظر: بداية المجتهد (2/ 346 - 347).
(4)
انظر: المبسوط (29/ 180)، الاختيار لتعليل المختار (5/ 101)، حاشية رد المحتار (6/ 770).
(5)
انظر: الحاوي الكبير (8/ 121).
(6)
انظر: المغني (9/ 65)، المبدع في شرح المقنع (6/ 119).
(7)
الحاوي الكبير، 8/ 125 - 126.
من الأب والأم، ومن الأب على رأي زيد وغيره من جلة الصحابة رضي الله عنهم. . .) (1)
قال السرخسي: (الجد يقوم مقام الأب في الإرث مع الأولاد، ويقوم مقام الأب في حجب الإخوة والأخوات لأم، فأما حجب الإخوة والأخوات لأب وأم فلا، ولكن يقاسمهم ويجعل هو كأحد الذكور منهم)(2).
قال ابن قدامة: (قال أبو بكر بن المنذر: أجمع أهل العلم من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على أن الجد أبا الأب لا يحجبه عن الميراث غير الأب، وأنزلوا الجد في الحجب والميراث منزلة الأب في جميع المواضع إلا في ثلاثة أشياء)(3).
قاله النووي: (الجد كالأب في الميراث إلا في مسائل: إحداها: الأب يسقط الإخوة والأخوات مطلقًا، والجد لا يسقط الإخوة والأخوات للأبوين أو للأب. . . الثانية: الأب يرد الأم إلى ثلث ما يبقى في صورتي زوج وأبوين. . . ولو كان بدله جد كان للأم الثلث كاملًا، الثالثة: الأب يسقط أم نفسه وأم كل جد، والجد لا يسقط أم الأب كان أسقط أم نفسه، وأبو الجد ومن فوقه كالجد، لكن كل واحد يحجب أم نفسه، ولا يحجبها من فوقه. الرابعة: سبق أن الأب يجمع بين الفرض والتعصيب وفي الجد في مثل ذلك الحال وجهان: أحدهما: أنه مثله، والثاني: لا، بل يأخذ الباقي بعد البنت أو البنات بالتعصيب فقط، والجمع بينهما خاص بالأب. . . قلت: أصحهما وأشهرهما الأول)(4).
قال الموصلي: (واعلم أن الجد الصحيح الوارث لا يكون إلا واحدًا لأنه لا يكون إلا من جهة الأب، والأقرب يسقط الأبعد، قال زيد بن ثابت
(1) نهاية المطلب، 9/ 94.
(2)
المبسوط، 29/ 180.
(3)
المغني، 9/ 65. وانظر: كشاف القناع، 4/ 343.
(4)
روضة الطالبين، 6/ 12.
-رضي الله عنه: إذا اجتمع الجد والأخوة كان الجد كأحدهم يقاسمهم ما لم تنقصه المقاسمة عن الثلث، فإن نقصته فرض له الثلث والباقي بين الإخوة للذكر مثل حظ الأنثيين) (1).
قال القرافي: (وللجد إذا انفرد جميع المال، وله السدس مع ذوي السهام إلا أن يفضل شيء فيأخذه بالتعصيب، وله مع الإخوة أو الأخوات أو مجموعهم كانوا أشقاء أو لأب الأفضل من الثلث أو المقاسمة)(2).
قال الخطيب الشربيني: (والجد كالأب إلا أن الأب يسقط الإخوة والأخوات والجد يقاسمهم إن كانوا لأبوين أو لأب، والأب يفارق الجد أيضًا في أنه يسقط أم نفسه لأنها تدلي به ولا يسقطها الجد لأنها زوجته، والشخص لا يسقط زوجته)(3).
قال الدردير: (اعلم أن أحوال الجد خمسة: إحداها أن يكون مع الابن وحده أو معه ومع غيره من ذوي الفروض. الثانية: أن يكون مع بنت أو بنتين وحدهما أو معهما ومع غيرهما من ذو الفروض. الثالثة: أن يكون مع الإخوة لغير أم. الرابعة: أن يكون مع الإخوة ذو فرض. الخامسة: أن لا يكون معه ولد ولا إخوة فله المال كله أو ما بقي منه بالتعصيب. فإن كان معه ابن فقط أو ابن وغيره من أصحاب الفروض فله السدس فرضًا فقط. وإن كان معه بنت أو بنتان فقط أو معهما ومع غيرهما من أصحاب الفروض كان له السدس فرضًا، وإن بقي له شيء بعد فرض غيره أخذه تعصيبًا، وإن لم يكن معه أحد من الأولاد ولا من الإخوة أخذ المال كله تعصيبًا إن لم يكن معه صاحب فرض وإلا أخذ ما فضل عنه تعصيبًا فهو كالأب في هذه الأحوال الثلاث)(4).
وقال عبد الرحمن بن قاسم: (والجد لأب وإن علا بمحض الذكور مع
(1) الاختيار لتعليل المختار (5/ 101).
(2)
الذخيرة، 13/ 46 - 47.
(3)
مغني المحتاج، 3/ 15.
(4)
الشرح الصغير، 4/ 634.
ولد أبوين أو ولد أب ذكرًا أو أنثى واحدًا أو متعدد كأخ منهم في مقاسمتهم المال، أو ما أبقت الفروض لأنهم تساووا في الإدلاء بالأب، فتساووا في الميراث، وهذا قول زيد بن ثابت ومن وافقه) (1).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: تظافر نصوص الكتاب والسنة في التعبير بالأب عن الجد وإن تراخى حبل النسب، من ذلك:
(أ) قال سبحانه وتعالى: {يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ} [الأعراف: 27].
• وجه الاستدلال: أن اللَّه سمى آدم أبًا.
(ب) قال سبحانه وتعالى: {مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} [يوسف: 38].
• وجه الاستدلال: أن التعبير عن الجد جاء هنا بلفظ الأب، ومعلوم بأن إسحاق جد يوسف، وإبراهيم جد يعقوب عليهم السلام.
(ج) عن ابن مربع الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اثبتوا على مشاعركم فإنكم على إرث أبيكم إبراهيم)(2).
• وجه الاستدلال: أنه جاء التعبير فيه عن الجد بالأب، وهو إبراهيم عليه السلام فدل على أن الجد من الأب يقوم مقام الأب.
الثاني: قال سبحانه وتعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11].
• وجه الاستدلال: أن التعبير عن الجد بالأب جاء في نصوص الوحيين، وهنا لا يخرج عن السياق العام لنصوص الوحيين.
النتيجة:
صحة الإجماع في أن الجد يقوم مقام الأب حال فقده في أغلب المسائل، إلا مسألة الأخوة فإن فيها خلافًا مشهورًا.
(1) حاشية الروض المربع، 6/ 96.
(2)
سبق تخريجه.