الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيحرم من مال الآدمي وعرضه ودمه ما لم يكن على طريق المجازاة؛ فإنها حلال؛ إلا الخيانة، ولكن الخيانة إنما تكون في الأمانة، كما يشعر بذلك كلام صاحب القاموس، على أن الأحاديث التي يثبت معها أداء الوديعة كثيرة سيأتي كثير منها في فصول هذا الباب إن شاء اللَّه) (1).
النتيجة:
صحة الإجماع في أن من أخذ مال امرئ مسلم أو معاهد بغير حق وكان أخذه على سبيل الأمانة فهو خائن.
[32 - 13] إن طلب المودع الوديعة وجب ردها إليه
المراد بالمسألة: أن الوديعة من العقود الجائزة لكلا العاقدين (المودع والمستودع) فمتى أراد صاحب الوديعة الرجوع فيها لزم المستودع ردها إذا لم يترتب على ردها مفسدة راجحة (2)، وكذا المستودع إن أراد ردها وجب على المودع قبولها.
• من نقل الإجماع: ابن حزم (456 هـ) قال: [واتفقوا أَن على كل مُودع أَن يَفِي بوديعته](3). ابن قدامة (620 هـ) قال: [لا خلاف في وجوب رد الوديعة على مالكها إذا طلبها، فأمكن أداؤها إليه بغير ضرورة](4). المطيعي (1354 هـ) قال: [لا خلاف في وجوب رد الوديعة على مالكها إذا طلبها](5).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع: الحنفية (6)،
(1) نيل الأوطار (5/ 298).
(2)
كأنْ يريد مثلًا أن يقتل بالسيف. إذا كانت الوديعة سيفًا أو ما في حكمه. معصوم الدم، أو كان صاحب الوديعة مشهورًا باللصوصية وغلب على ظن المستودع أن هذا المال ليس له، أو تعلق بها حق للغير، أو طلبها ظالم ويغلب على ظنه ذهابها.
انظر: المبسوط، السرخسي (11/ 123)، ومغني المحتاج، الشربيني (3/ 90)، والإنصاف (6/ 349).
(3)
مراتب الإجماع (ص 110).
(4)
المغني (9/ 268).
(5)
المجموع شرح المهذب (التكملة)(14/ 195).
(6)
بدائع الصنائع (6/ 210)، والبناية في شرح الهداية (9/ 136).
والمالكية (1)، وابن حزم من الظاهرية (2).
قال ابن حزم: (فرض على من أودعت عنده وديعة حفظها وردها إلى صاحبها)(3) قال العمراني: (وإذا طالب المودع برد الوديعة وجب على المودَع الرد)(4).
قال القرافي: (الرد واجب مهما طلب المالك)(5).
قال البهوتي: (من حصل في يده أمانة. . . . وجبت عليه المبادرة إلى الرد مع العلم بصاحبها ومع التمكن منه وكذا إعلامه)(6).
قال ابن عابدين: (. . . هذا حكمها مع وجوب الحفظ والأداء عند الطلب)(7).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: قال سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)} [النساء: 58].
• وجه الاستدلال: أن الوديعة من جنس الأمانات، فإذا طلبها ربها وجب دفعها إليه.
الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أدّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك)(8).
• وجه الاستدلال: أن فيه الحث بأداء الأمانات عند طلبها، والوديعة من جنس الأمانات (9).
(1) حاشية الدسوقي (5/ 128).
(2)
المحلى (8/ 276).
(3)
المحلى (8/ 276).
(4)
البيان في مذهب الإمام الشافعي، (6/ 496).
(5)
الذخيرة، (9/ 143).
(6)
كشاف القناع، (4/ 153).
(7)
حاشية ابن عابدين، (5/ 664).
(8)
سبق تخريجه (ص 122).
(9)
المغني (9/ 269)، والواضح في شرح مختصر الخرقي (2/ 508).