الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثالث: ولأن الالتقاط والتعريف سبب للتملك، فإذا تم وجب أن يثبت به الملك حكمًا كالإحياء والاصطياد (1).
الرابع: ولأن سبب التملك هو التعريف، فإذا وجد السبب حصل الملك كالاصطياد، والاحتشاش، وإحياء الموات (2).
النتيجة:
صحة الإجماع في أنه لا يحتاج الملتقط إلى إذن الحاكم.
[56 - 19] ضمان اللقطة في السنة التي يتم تعريفها خلالها
• المراد بالمسألة: أن اللقطة التي تبقى عينها وتدوم في السنة التي يتم التعريف خلالها تكون أمانة في يد الملتقط، فإن تلفت من غير تعد أو تقصير فلا ضمان، وإلا ضمن الملتقط.
• من نقل الإجماع: ابن عبد البر (463 هـ) قال: [وأجمعوا أن يد الملتقط لها لا تنطلق على التصرف فيها بوجه من الوجوه قبل الحول، إن كانت مما يبقى مثلها حولًا دون فساد يدخلها](3).
ابن قدامة (620 هـ) قال: [أن اللقطة في الحول أمانة في يد الملتقط، إن تلفت بغير تفريطه أو نقصت فلا ضمان عليه، كالوديعة، ومتى جاء صاحبها فوجدها أخذها بزيادتها المتصلة والمنفصلة، لأنها نماء ملكه، وإن أتلفهما الملتقط، أو تلفت بتفريطه ضمنها بمثلها إن كانت من ذوات الأمثال، وبقيمتها إن لم يكن لها مثل، لا أعلم في هذا خلافًا](4).
القرطبي (671 هـ) قال: [وأجمعوا أن صاحبها إن جاء فهو أحق بها من ملتقطها إذا ثبت له أنه صاحبها](5).
(1) المغني (8/ 301).
(2)
البيان في مذهب الإمام الشافعي (7/ 530).
(3)
الاستذكار (22/ 330).
(4)
المغني (8/ 313).
(5)
الجامع لأحكام القرآن (11/ 268).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع: الحنفية (1)، والشافعية (2)، وابن حزم من الظاهرية (3).
قال الماوردي: (واجد اللقطة وإن كان مخيرًا في أخذها فعليه بعد الأخذ القيام بها والتزام الشروط في حفظها على مالكها)(4). قال العمراني (558 هـ): إذا أخذ لقطة بنية التعريف، لم يلزمه ضمانها بالأخذ، ولكن يلزمه حفظها مدة التعريف (5).
قال الموصلي: (وهي أمانة إذا أشهد أنه يأخذها ليردها على صاحبها. . . فإن لم يشهد ضمنها)(6). قال القرافي: (وأن من أخذها ليعرفها سنة، ثم يتصدقها أو يتملكها، فهي أمانة في السنة لأنها ممسوكة لحق ربها كالوديعة)(7).
قال البهوتي: (ويلزمه أي الملتقط حفظ الجميع من حيوان وغيره، لأنه صار أمانة في يده بالتقاطه ويلزمه تعريفه على الفور)(8).
• مستند الإجماع: يستند هذا الإجماع على عدة أدلة، منها:
الأول: عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(فإن لم تعرف فاستنفقها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يومًا من الدهر، فادفعها إليه)(9).
• وجه الاستدلال: التعبير عنها بالوديعة، والوديعة مضمونة إذا تعدى عليها الوديع أو فرط؛ لأنها أمانة؛ كذلك اللقطة.
(1) اختلاف الفقهاء، الطحاوي (4/ 344).
(2)
الجامع لأحكام القرآن (11/ 268).
(3)
المحلى (8/ 270).
(4)
الحاوي الكبير، (8/ 11).
(5)
البيان في مذهب الإمام الشافعي، (7/ 521).
(6)
الاختيار لتعليل المختار، (3/ 32).
(7)
الذخيرة، (9/ 105).
(8)
كشاف القناع، (4/ 182).
(9)
رواه: البخاري، رقم (2428)، ومسلم، كتاب اللقطة، رقم (1722).
الثاني: ولأنها عين يلزم ردها لو كانت باقية، فيلزمه ضمانها إذا أتلفها كما قبل الحول، ولأنه مال معصوم فلم يجز إسقاط حقه منه مطلقًا، كما لو اضطر إلى مال غيره (1).
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة: ابن المنذر، قال:(قال كثير من أهل العلم: لا ضمان عليه)(2).
• أدلتهم: يستند الخلاف إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن عياض بن حمار رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (من وجد لقطة فليُشهد ذا عدل أو ذوي عدل ثم لا يغيره ولا يكتم، فإن جاء ربها فهو أحق بها، وإلا فهي مال اللَّه يؤتيه من يشاء)(3).
• وجه الاستدلال: قال ابن قدامة: فجعله مباحًا (4).
الثاني: عن سويد بن غفلة رضي الله عنه قال: لقيت أبي بن كعب رضي الله عنه فقال: أخذت صرة مائة دينار، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال:(عرفها حولًا، فعرفتها حولًا، فلم أجد من يعرفها، ثم أتيته فقال: عرفها حولًا، فعرفتها فلم أجد، ثم أتيته ثلاثًا، فقال: احفظ وعاءها وعددها ووكاءها، فإن جاء صاحبها، وإلا فاستمتع بها. فاسمتمتعت بها، فلقيته بعد بمكة، فقال: لا أدري ثلاثة أحوال، أو حولًا واحدًا)(5).
• وجه الاستدلال: فيه عدم الضمان لمن استمتع بالوديعة أثناء الحول.
النتيجة:
صحة الإجماع في ضمان اللقطة في السنة التي يتم تعريفها
(1) المصدر السابق (8/ 314).
(2)
الإشراف على مذاهب العلماء (6/ 373 و 376).
(3)
رواه: أحمد، رقم (17481)، وابن ماجه، رقم (2505)، واللفظ له، وأبو داود، رقم (1709). وصحح إسناده الألباني. انظر: سنن أبي داوود، رقم (1809).
(4)
المغني (8/ 313).
(5)
سبق تخريجه.