الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• دليلهم: احتج أصحاب هذا القول بجملة من الأدلة، منها:
الأول: قال سبحانه وتعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)} [التوبة: 71].
• وجه الاستدلال: أنه إذا كان وليه، وجب عليه حفظ ماله.
الثاني: رفعها أفضل من تركها؛ لأنه لو تركها لم يأمن أن تصل إليها يد خائنة فيكتمها عن مالكها (1).
الثالث: ولأنه إذا خاف عليها الضيعة كان أخذها لصاحبها إحياء لمال المسلم معنى فكان مستحبًا (2).
النتيجة:
عدم صحة الإجماع في أن ترك التقاط اللقطة أفضل، وذلك لوجود الخلاف القوي فيها (3).
[40 - 3] لقطة مكة لا تحل تملكًا
• والمراد بالمسألة: أنه لا يحل لقطة مكة؛ إلا لمن يريد أن يعرفها فيجوز له التقاطها بهذه النية.
• من نقل الإجماع: ابن رشد (595 هـ) قال: [وهذا كله ما عدا لقطة الحاج، فإن العلماء أجمعوا على أنه لا يجوز التقاطها](4). الشوكاني (1255 هـ) حيث قال: [وقد ذهب الجمهور إلى أن لقطة مكة لا تلتقط
(1) المبسوط، السرخسي (11/ 2)، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 200).
(2)
بدائع الصنائع (6/ 200).
(3)
انظر المسألة في: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني (6/ 200)، والذخيرة القرافي (9/ 89)، وبداية المجتهد (2/ 304)، والمجموع شرح المهذب، النووي (15/ 249 - 250).
(4)
بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ابن رشد (2/ 305).
للتملك بل للتعريف خاصة] (1).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع: الشافعية (2)، وابن المنذر (3)، وابن حزم من الظاهرية (4)، وابن تيمية (5).
قال ابن حزم: (فإن كان ذلك في حرم مكة حرسها اللَّه تعالى أو في رفقة قوم ناهضين إلى العمرة أو الحج عرف أبدًا، ولم يحل له تملكه)(6).
قال النووي: (في لقطة مكة وحرمها وجهان، الصحيح: أنه لا يجوز أخذها للتملك، وإنما تؤخذ للحفظ أبدًا)(7).
قال الخطيب الشربيني: (لا تحل لقطة الحرم للتملك على الصحيح)(8).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع على عدة أدلة، منها:
الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(. . ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد)(9).
• وجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحل لقطة الحاج إلا لمعرف، فدل على أنها لا يحل تملكها (10).
الثاني: وعن عبد الرحمن بن عثمان التيمي رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (نهى عن لقطة الحاج)(11).
• وجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لقطة
(1) نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، الشوكاني (6/ 97).
(2)
مغني المحتاج (2/ 417).
(3)
انظر: الإشراف على مذاهب العلماء (6/ 379)
(4)
المحلى (8/ 258).
(5)
الاختيارات (ص 169)، وهو رواية عن الإمام أحمد.
(6)
المحلى (8/ 258).
(7)
روضة الطالبين، (5/ 412).
(8)
مغني المحتاج (2/ 417).
(9)
رواه: البخاري، كتاب اللقطة، باب كيف تعرف لقطة أهل مكة، رقم (2433)، ومسلم، كتاب الحج، باب تحريم مكة وصيدها وخلاها. .، رقم (1353).
(10)
انظر: الاشراف على مذاهب العلماء، ابن المنذر (6/ 378).
(11)
رواه: مسلم، كتاب اللقطة، باب في لقطة الحاج، رقم (1724).
الحاج بمعنى يتركها حتى يجدها صاحبها (1).
الثالث: عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (حرم اللَّه مكة، فلم تحل لأحد قبلي، ولا لأحد بعدي، أحلت لي ساعة من نهار، لا يختلى خلاها، ولا يعضد شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا تلتقط لقطتها؛ إلا لمعرف)(2).
• وجه الاستدلال: أنه صريح في المنع من التقاط لقطة الحاج، واستثنى الشارع من يريد تعريفها بقوله صلى الله عليه وسلم:(إلا لمنشد) ويحتمل هنا أن يريد إلا لمن عرفها عامًا، وتخصيصها بذلك لتأكيدها لا لتخصيصها (3).
الرابع: أيضًا إنما اختصت لقطة الحاج بذلك لإمكان إيصالها إلى أربابها لأنها إن كانت لمكي فظاهر، وإن كانت لآفاقي فلا يخلو أفق في الغالب من وارد منه إليها فإذا عرفها واجدها في كل عام سهل التوصل إلى معرفة صاحبها (4).
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة: الحنفية (5)، والمالكية (6)، والحنابلة (7). فذهبوا إلى أن حكم لقطتها كحكم لقطة سائر البلدان.
قال الكاساني: و (كل جواب عرفته في لقطة الحل فهو الجواب فى لقطة الحرم يصنع بها ما يصنع بلقط الحل من التعريف وغيره وهذا عندنا)(8).
قال ابن قدامة: (وروي عن أحمد رواية أخرى: أنه لا يجوز التقاط لقطة الحرم للتملك، وإنما يجوز لحفظها لصاحبها، فإن التقطها عرّفها أبدًا عن يأتي صاحبها)(9).
(1) انظر: الاشراف على مذاهب العلماء، ابن المنذر (6/ 378).
(2)
رواه: البخاري رقم (1349)، ومسلم برقم (1353).
(3)
انظر: الاشراف على مذاهب العلماء، ابن المنذر (6/ 378)، والمغني (8/ 306 - 307).
(4)
سبل السلام (3/ 951).
(5)
شرح فتح القدير (6/ 128).
(6)
الذخيرة (9/ 114).
(7)
المغني (8/ 305 - 306).
(8)
بدائع الصنائع، 6/ 202.
(9)
المغني (8/ 305 - 306).