الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: مسائل الإجماع في باب الموصى به
[164 - 23] لا تستحب الوصية في يسير المال الذي يضر بالورثة
• المراد بالمسألة: أن التركة إذا كانت يسيرة، والوصية ببعض المال منها يضر بنصيب الورثة، فإن الوصية لا تستحب في مثل هذه الحالة.
• من نقل الإجماع: ابن عبد البر (463 هـ) قال: [وقد أجمع العلماء على أن من لم يكن عنده إلا اليسير التافه من المال، أنه لا يندب إلى الوصية](1).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (2)، والحنابلة (3).
قال ابن قدامة: (والذي يقوى عندي أنه متى كان المتروك لا يفضل عن غنى الورثة، فلا تستحب الوصية)(4).
قال الموصلي: (وإن كانت الورثة فقراء لا يستغنون بنصيبهم فتركها أفضل لما فيه من الصلة والصدقة عليهم)(5).
قال المرداوي: (تكره الوصية لغير من ترك خيرًا، فتكره للفقير الوصية مطلقًا على الصحيح من المذهب)(6).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: قول اللَّه سبحانه وتعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة: 180].
• وجه الاستدلال: ما قاله ابن حجر العسقلاني: (وقيل المراد بالخير
(1) التمهيد (14/ 291).
(2)
بدائع الصنائع (10/ 477)، والبحر الرائق (8/ 461)، وحاشية ابن عابدين (10/ 341).
(3)
المغني (8/ 392 - 393).
(4)
المغني، 8/ 392.
(5)
الاختيار لتعليل المختار، 5/ 64.
(6)
الإنصاف، 7/ 191.
المال الكثير، فلا تشرع لمن له مال قليل) (1) فمن لم يترك إلا اليسير فليس مندوبًا إلى الوصية.
الثاني: عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال يا رسول اللَّه (. . أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا، قلت: بالشطر يا رسول اللَّه؟ قال: لا، قلت: فالثلث؟ قال: الثلث، والثلث كثير، أو كبير) ثم قال له: (إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة. .)(2).
• وجه الاستدلال: أن الوصية في المال اليسير تخالف هذا الحديث لأنه لا يذر ورثته أغنياء، ففي هذا القول من النبي صلى الله عليه وسلم دلالة على أن ترك ما فيه غنى للورثة خير من الوصية، ولا شك أن الوصية في المال التافه تتركهم غير أغنياء، فأفاد هذا أنه متى كان المتروك لا يفضل عن غنى الورثة فلا تستحب الوصية (3).
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة: الزهري (4)، والشافعية (5)، فذهبوا إلى استحباب الوصية ولو كان الموصي لا يملك إلا قليلًا.
قال الماوردي: (وأولى الأمرين به أن يعتبر حال ورثته، فإن كانوا فقراء، كان النقصان من الثلث أولى من استيعاب الثلث)(6).
• دليلهم: ويستند خلافهم على عموم قول اللَّه سبحانه وتعالى: {إِنْ تَرَكَ
(1) فتح الباري (5/ 356).
(2)
سبق تخريجه.
(3)
المغني (8/ 393).
(4)
فتح الباري (7/ 255)، وأثر الزهري، رواه: عبد الرزاق في تفسيره رقم (167) قال: (وجعل اللَّه سبحانه وتعالى الوصية حقًا فيما قل أو كثر).
(5)
فتح الباري (7/ 255)، قال ابن حجر:(والمصرح به عند الشافعية ندبية الوصية من غير تفريق بين قليل وكثير)، قال الجويني:(وهي بما يتطوع به مستحبة، ولو قل المال وكثر العيال). أسنى المطالب (6/ 66).
(6)
الحاوي الكبير، 8/ 194.