الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شك أن ما زاد في الصدقة ونقص في الخير فلا أجر فيه، ولا فضل فيه، وأنه باطل ومحرم.
الثاني: عن جابر بن عبد اللَّه أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم بمثل البيضة من الذهب، فقال: يا رسول اللَّه هذه صدقة ما تركت لي مالًا غيرها، فحذفه بها النبي صلى الله عليه وسلم فلو أصابه لأوجعه، ثم قال:(ينطلق أحدكم فينخلع من ماله، ثم يصير عيالًا على الناس)(1).
• وجه الاستدلال: أن في رد النبي صلى الله عليه وسلم صدقة الرجل دليل على حرمة التصدق بجميع المال (2).
الثالث: عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: قلت يا رسول اللَّه، إن من توبتي أن انخلع من مالي صدقة إلى اللَّه وإلى رسوله. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(أمسك بعض مالك فهو خير لك) قال: فقلت فإني أمسك سهمي الذي بخيبر) (3).
• وجه الاستدلال: أن عدم إذن النبي صلى الله عليه وسلم لجابر بالتصدق بجميع ماله دليل على التحريم.
الرابع: أن كل عقد جمع حلالًا وحرامًا فهو عقد مفسوخ كله (4).
النتيجة:
عدم صحة الإجماع في جواز هبة كل المال وذلك للخلاف المذكور.
[122 - 26] لا تصح هبة المشاع فيما ينقسم
• المراد بالمسألة: أن المشاع من الأموال إذا كان مما ينقسم فلا تجوز هبته، كالدور، والأراضين، والمذروعات، والموزونات، والمكيلات، وأما
(1) رواه: البيهقي في شعب الإيمان، باب الاختيار في صدقة التطوع، رقم (3264).
(2)
انظر: المحلى، ابن حزم (9/ 136).
(3)
رواه: البخاري رقم (2757)، ومسلم رقم (2769).
(4)
المحلى (9/ 136).
إذا كان مما لا يحتمل القسمة فإنه يجوز هبته، كالرأس الواحد من الحيوان، والسيف، واللؤلوة، والثوب، ونحو ذلك.
• من نقل الإجماع: السمرقندي (539 هـ) قال: [ولو قال وهبت لك نصفها ولهذا نصفها: لم يجز بالإجماع، لأن العقد وقع في المشاع في كل نصف](1).
الكاساني (587 هـ) قال: [فلا تجوز هبة المشاع فيما يقسم. . ولنا إجماع الصحابة](2).
• الموافقون على الإجماع: وافق على الإجماع:
قال السرخسي: (وإذا وهب الرجل للرجل نصيبًا مسمى من دار غير مقسومة، وسلمه إليه مشاعًا، أو سلم إليه جميع الدار لم يجز)(3).
قال العمراني: (وإن كانت مما ينقسم كالدار والأرض والطعام لم يصح هبة جزء منها مشاع من الشريك ولا من غيره)(4).
قال الموصلي: (وهبة المشاع فيما لا يقسم جائزة، وفيما يقسم لا تجوز)(5).
قال القرافي: (هبة المشاع جائزة فيما تتعذر قسمته كالجوهر والحيوان وممتنعة فيما يمكن قسمته)(6).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: ما رُوي من قصة أبي بكر الصديق رضي الله عنه في حديث هبته لعائشة رضي الله عنها حيث قال لها عند موته: (. . وإني كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقًا من مالي
(1) تحفة الفقهاء، (3/ 259).
(2)
بدائع الصنائع (6/ 120).
(3)
المبسوط، (12/ 64).
(4)
البيان في مذهب الإمام الشافعي، (8/ 119).
(5)
الاختيار لتعليل المختار، (3/ 49 - 50).
(6)
الذخيرة، (6/ 231).
بالعالية، وإنك لم تكوني قبضتيه ولا حزتيه، وإنما هو مال الورثة. .) (1).
• وجه الاستدلال: قالوا هذا دليل على منع هبة المشاع.
الثاني: قالوا بأن المشاع الذي ينقسم لا يمكن قبضه.
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة: المالكية (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4).
فذهبوا إلى جواز هبة المشاع فيما ينقسم. واحتجوا بما يلي:
الأول: عن قيس بن أبي حازم رضي الله عنه قال: أتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بكبة شعر من الغنيمة، فقال: يا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هبها لي، فإنا أهل بيت نعالج الشعر، فقال:(نصيبي منها لك)(5).
• وجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم وهبه شيئا مما ينقسم، لأن حصته مشاعة غير مقسومة، ولم يكن ليملكه منها إلا ما يجوز له أن يملكه، فدل على الجواز.
الثاني: عن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من رجل بعيرًا فلما أن وزن له رجح له)(6).
• وجه الاستدلال: أن الرجحان غير مفروز من الثمن الذي وزن له، فدل على أن هذه هبة مشاع لم ينقسم (7).
(1) سبق تخريجه.
(2)
المدونة الكبرى (4/ 396)، والإفصاح، لابن هبيرة (2/ 57).
(3)
الأم (7/ 183).
(4)
الإنصاف (7/ 131).
(5)
رواه: ابن أبي شيبة، في المصنف، باب ما قالوا في عدل الوالي وقسمه، رقم (33575).
(6)
رواه: البخاري رقم (2923)، ومسلم رقم (715).
(7)
انظر: الأوسط، ابن المنذر (12/ 15).