الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في ماله) (1).
قال البهوتي: (ويعتبر في الهبة أن تكون من جائز التصرف فلا تصح من صغير ولا سفيه ولا عبد ونحوهم كسائر التصرفات)(2).
قال الدردير: (الهبة تمليك من له التبرع بالذات الموهوبة في غير هبة)(3).
قال الدسوقي (وصحت أي الهبة في كل مملوك للواهب فلا تصح في حر ولا ملك غير يخلاف بيعه لأنه في نظير عوض ينقل أي يقبل النقل شرعًا)(4).
قال ابن عابدين: (أن يكون الواهب من أهل الهبة، وكونه من أهلها: أن يكون حرًا عاقلًا بالغًا مالكًا للموهوب)(5).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى: أن الهبة تمليك المال للغير، وفي تمليكه للغير إنقاص وضرر على المال، فلا يصح إلا ممن يملكه وهو في حال الصحة، وغير محجور عليه (6).
النتيجة:
صحة الإجماع في أن الهبة لا تجوز إلا من جائز التصرف (7).
[102 - 6] الهبة في مرض الموت تخرج من الثلث
• المراد بالمسألة: أن المريض إذا وهب في مرض موته الذي مات فيه أحدًا، وله ورثة، ولم يكن مدينًا، والموهوب له غير وارث، ولم يقبضها، أنه يرجع إلى الثلث إن كان وهب جميع ماله، أو ما زاد عن الثلث.
من نقل الإجماع: ابن المنذر (318 هـ) قال: [أجمع كل من نحفظ عنه
(1) مغني المحتاج، (2/ 397).
(2)
كشاف القناع، (4/ 252).
(3)
الشرح الصغير، (4/ 139).
(4)
حاشية الدسوقي، (5/ 490 - 491).
(5)
حاشية ابن عابدين، (8/ 423).
(6)
انظر: المغني، ابن قدامة (8/ 255)، وبدائع الصنائع، الكاساني (6/ 118).
(7)
بدائع الصنائع (6/ 118)، ومجموع الفتاوى (31/ 271)، وكشاف القناع (4/ 299).
من أهل العلم على أن الهبات في المرض الذي يموت فيه الواهب: حكم الوصايا، ويكون من الثلث مقبوضة] (1).
ابن حزم (456 هـ) قال: [واتفقوا. . والهبة والعطية إذا كانت مجردة بغير شرط ثواب ولا غيره ولا كانت في مشاع فإن كانت عقارًا أو غيره وكانت مفرغة غير مشغولة من حين الصدقة إلى حين القبض فقبلها الموهوب له أو المعطى أو المتصدق عليه وقبضها عن الواهب أو المعطى أو المتصدق في صحة الواهب والمعطي والمتصدق فقد ملكها ما لم يرجع الواهب والمعطي في ذلك واتفقوا أن كل ذلك من المريض إذا كان ثلث ماله فأقل أنه نافذ](2).
ابن عبد البر (463 هـ) قال: [أصل علامات المرض الذي يلزم به صاحبه الفراش، ولا يعذر معه على شيء من التصرف، ويغلب على القلوب أنه يتخوف عليه منه الموت إذا كانت هذه حال المريض، فالعلماء مجمعون قديمًا وحديثًا على أنه لا يجوز له أن يقضي في ماله بأكثر من الثلث](3).
ابن هبيرة (560 هـ) قال: [واتفقوا على عطايا المريض وهباته من الثلث](4). عبد الرحمن بن قاسم (1392 هـ) قال: [وإن كان المرض الذي اتصل به الموت مخوفًا فمن ثلث ماله عند جمهور العلماء](5).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (6)، والشافعية (7)، والشوكاني (8).
(1) الإشراف على مذاهب العلماء (7/ 87).
(2)
مراتب الإجماع (ص 193).
(3)
الاستذكار (23/ 51).
(4)
الإفصاح عن معاني الصحاح (2/ 72).
(5)
حاشية الروض المربع (6/ 29).
(6)
بدائع الصنائع (10/ 479)، والهداية (4/ 584)، والدر المختار مع حاشية ابن عابدين (10/ 349).
(7)
المهذب (/ 452)، وأسنى المطالب (6/ 100)، وتحفة المحتاج (3/ 80).
(8)
نيل الأوطار (6/ 154 - 155).
قال السرخسي: (وإذا رجع في مرض الموهوب له ففيه روايتان كلاهما في الكتاب: في إحدى الروايتين قال يعتبر من جميع ماله، وذكر ابن سماعة فيه القياس والاستحسان في القياس يعتبر من جميع ماله وفي الاستحسان يعتبر من الثلث لا لأنه تمليك ابتداء، ولكن الراد في مرضه باختياره يتم بالقصد إلى إبطال حق الورثة كما تعلق حقهم به فلرد قصده جعل معتبرًا من ثلثه)(1).
قال البهوتي: (وأقرب ما يقال: ما يكثر حصول الموت منه فعطاياه ولو كانت عتقًا ووقفًا ومحاباة. . . كوصية، في أنها لا تصح لوارث بشيء غير الوقف للثلث فاقل ولا لأجنبي بزيادة على الثلث إلا بإجازة الورثة فيهما أي فيما إذا كانت لوارث بشيء، وما إذا كانت لأجنبي بزيادة على الثلث)(2).
قال الدردير: (. . . وكذا المريض والزوجة فيما زاد على ثلثهما إلا أن هبتهما فيما زاد على الثلث صحيحة موقوفة على الوارث والزوج)(3). قال الدسوقي: (فالمريض والزوجة إذا أراد هبة ثلثهما صح لهما لأن لهما أن يتبرعا به. . .)(4).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: (عادني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع من شكوى أشفيت منها على الموت، فقلت: يا رسول اللَّه، بلغ بي ما ترى من الوجع، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا، قلت: فبشطره؟ قال: لا، قال: الثلث كثير)(5).
(1) المبسوط، (12/ 85).
(2)
كشاف القناع، (4/ 272).
(3)
الشرح الصغير، (4/ 140).
(4)
حاشية الدسوقي، (5/ 492).
(5)
رواه: البخاري، رقم (2742)، ومسلم، رقم (1628).
• وجه الاستدلال: أنه جعل صدقته في مرضه من الثلث، كوصاياه من الثلث بعد موته (1).
الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (إن اللَّه تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة في أعمالكم)(2).
• وجه الاستدلال: أنه يجوز للمريض مرض الموت أن يتصرف في ثلث المال، لأنَّ عطيته من رأس المال تضر بالورثة، فردت إلى الثلث كالوصية.
الثالث: أن حالة مرض الموت، يغلب أن الإنسان يموت فيها، فكانت العطية فيها من حق الورثة، فلا يتجاوز بها الثلث (3).
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة: طاووس (4)، وداود وابن حزم الظاهريان (5). فذهبوا إلى أن وصيته تخرج من رأس ماله لا من الثلث.
• دليلهم: يستند الخلاف إلى عدة أدلة، منها:
الأول: قول اللَّه: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77)} [الحج: 77]. وقوله سبحانه وتعالى: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (237)} [البقرة: 237].
• وجه الدلالة من الآيتين: أن فيهما الحث على فعل الخيرات، وعدم نسيان الفضل بين المؤمنين أو الأزواج، ولم يخص صحيحًا من مريض (6)
(1) شرح معاني الآثار (4/ 381).
(2)
رواه: أحمد، رقم (27482)، وابن ماجه رقم (2709)، وابن أبي شيبة، في المصنف، كتاب الوصايا، باب ما يجوز للرجل من الوصية في ماله، رقم (30917)، وهو حديث حسن. انظر: إرواء الغليل (6/ 77).
(3)
انظر: بدائع الصنائع (8/ 264)، والمغني (8/ 474).
(4)
الحاوي الكبير (8/ 320) ونقل عن طاووس أته قال: [العتق وغيره من رأس المال].
(5)
المحلى (9/ 357). قال ابن حزم: [قول أبي سليمان أن جميع أفعال المريض من رأس ماله إلا العتق].
(6)
المحلى (10/ 224).