الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والشوكاني (1)، فقد ذهوا إلى توريث ذوي الأرحام بعد أصحاب الفروض والعصبات.
• دليلهم: ويستند قول المخالفين إلى عدة أدلة:
الأول: قوله سبحانه وتعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (6)} [الأحزاب: 6].
• وجه الاستدلال: أن بعض أولي الأرحام أولى ببعض فيما كتب اللَّه سبحانه وتعالى وحكم به، وهو يشمل كل الأقرباء، سواء أكانوا ذوي فروض أم عصبات، أم لا.
الثاني: عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (ابن أخت القوم منهم)(2).
• وجه الاستدلال: جعْلُ النبي صلى الله عليه وسلم ابن الأخت من القوم دليل على توريث ذوي الأرحام.
الثالث: عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (من ترك مالًا فلورثته، وأنا وارث من لا وارث له، أعقل عنه وأرثه، والخال وارث من لا وارث له، يعقل عنه ويرثه)(3).
• وجه الاستدلال: فيه التصريح بتوريث ذوي الأرحام، لأن الخال منهم.
النتيجة:
عدم صحة الإجماع في عدم توريث ذوي الأرحام وذلك لخلاف الحنفية والحنابلة، ومن وافقهم، وهو خلاف قوي.
[285 - 93] لا يرث ذوو الأرحام إلا بعد أخذ أصحاب الفروض أو العصبة نصيبهم
• المراد بالمسألة: أن ذوي الأرحام لما كان الخلاف في توريثهم قويًا،
(1) انظر: نيل الأوطار (6/ 180).
(2)
سبق تخريجه.
(3)
سبق تخريجه.
فإنهم لا يرثون في حال وجود أحد من أصحاب الفروض أو العصبات عند من يرى توريثهم، وأما من لا يرى توريثهم فإنهم يتفق معهم أصلًا.
مثاله: لو مات رجل عن: زوجة، وجد، وابن بنت، فالمسألة من (أربعة أسهم) فللزوجة الربع (سهم واحد) والباقي (ثلاثة أسهم) للجد، ولا شيء لولد البنت لأنه من الأرحام.
• من نقل الإجماع: ابن المنذر (318 هـ) قال: [وأجمعوا أن ولد البنات لا يرثون ولا يحجبون؛ إلا ما اختلف فيه من ذوي الأرحام](1).
ابن حزم (456 هـ) قال: [واتفقوا أن بنات البنات، وبنات الأخوات وبناتهن، وبنات الإخوة، والعمات والخالات وبناتهن وبنيهن، والأخوال والأعمام للأم، وبني الإخوة للأم وبناتهم، والجد للأم، والخال وولده وبناته وبنات الأعمام؛ لا يرثون مع عاصب ولا مع ذي رحم أو ذات رحم لها سهم](2). وقال: [ولا يرث ابن أخت، ولا بنت أخت، ولا ابنة أخ، ولا ابنة عم ولا عمة، ولا خالة ولا خال، ولا جد لأم، ولا ابنة ابنة، ولا ابن ابنة، ولا بنت أخ لأم، ولا ابن أخ لأم، ولا خلاف في أن من ذكرنا لا يرث](3). وقال: [ولا خلاف فيمن ترك جدَّه أبا أمه وابن بنته وبنت أخيه وابن أخيه وخاله وخالته وعمته وابن عم له لا يلتقي معه إلا إلى عشرين جدًّا أن هذا المال كله لهذا ابن العم البعيد ولا شيء لكل من ذكرنا، وأين قرابته من قرابتهم، وباللَّه التوفيق](4). وقال: [واتفقوا أن العم أخا الأب لأمه وأخا الجد لأمه، وهكذا ما بعد لا يرثون مع أحد من العصبة، ولا مع ذوي رحم له سهم من النساء والرجال، ولا مع ذي رحم أقرب منهم شيئًا من الرجال والنساء](5) وقال: [واتفقوا أن ابن الأخ للأم لا يرث ما دام
(1) انظر: الإجماع (ص 91).
(2)
انظر: مراتب الإجماع (ص 181).
(3)
انظر: المحلى (8/ 264).
(4)
انظر: المصدر السابق (8/ 267).
(5)
انظر: مراتب الإجماع (ص 176).
للميت وارث عاصب أو ذو رحم له سهم مفروض من الرجال والنساء] (1) وقال: [واتفقوا أن بني الإخوة للأم وبني الأخوات لا يرثون شيئًا مع عاصب أو ذي رحم له سهم](2). وقال: [واتفقوا أن ابن العم للأم لا يرث شيئًا مع عاصب ولا مع ذي رحم له سهم من النساء والرجال، ولا مع ذي رحم هو أقرب منه من النساء والرجال](3). وقال: [وقد صح الإجماع على توريث العم وابن العم وابن الأخ دون العمة وبنت العم وبنت الأخ؛ فهل هذا من قضاء أهل الجاهلية](4).
ابن حجر العسقلاني (852 هـ) قال: [وهو ما إذا ترك بنتًا وعمًّا وعمة؛ فإن للبنت النصف، وما بقي للعم دون العمة إجماعًا] وقال: [بخلاف ما لو ترك عمًّا وعمة؛ فإن المال كله للعم دون العمة باتفاقهم](5).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (6)، الحنابلة (7)، والشوكاني (8).
قال السرخسي (483 هـ): . . . ثم ذوي الأرحام الأقارب الذين لا يستحقون شيئًا بالفريضة والعصوبة من الذكور والإناث (9).
قال الزيلعي (743 هـ) عن ذوي الأرحام: وفي الحقيقة الوارث لا يخرج من أن يكون ذا رحم وتحته ثلاثة أنواع: قريب هو ذو سهم، وقريب هو عصبة، وقريب هو ليس بذي سهم ولا عصبة، ومضى الكلام في الأولين وبقي في الثالث فنقول: عندنا هم يرثون عند عدم النوعين الأولين، وهو قول عامة الصحابة رضي الله عنهم غير زيد بن ثابت فإنه قال: لا ميراث لذوي الأرحام
(1) انظر: المصدر السابق (ص 176).
(2)
انظر: المصدر السابق (183).
(3)
انظر: المصدر السابق (177).
(4)
انظر: المحلى (8/ 288)، وقد نقلت جميع ما ذكره ابن حزم، لكونه متعلقًا بغالب أفراد ذوي الأرحام، ولو أنني أفردت كل مسألة ذكرها لكان تحصيل حاصل.
(5)
انظر: الفتح (12/ 14).
(6)
انظر: شرح معاني الآثار (4/ 391).
(7)
انظر: حاشية الروض المربع (6/ 153).
(8)
انظر: نيل الأوطار (6/ 180).
(9)
المبسوط، 30/ 3.
بل يوضع في بيت المال وبه أخذ مالك والشافعي (1).
قال الشوكاني (1250 هـ): قال الترمذي واختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فورث بعضهم الخال والخالة والعمة وإلى هذا الحديث ذهب أكثر أهل العلم في توريث ذوي الارحام وأما زيد بن ثابت فلم يورثهم وجعل الميراث في بيت المال وقد حكى صاحب البحر القول بتوريث ذوي الأرحام عن علي وابن مسعود وأبي الدرداء والشعبي. . . قالوا: إذا لم يكن معهم أحد من العصبة وذوي السهام (2).
قال عبد الغني الميداني (1298 هـ): وإذا لم يكن للميت عصبة ولا ذو سهم ورثه ذوو أرحامه (3).
قال عبد الرحمن بن قاسم (1392 هـ): فمتى لم يوجد وارث صاحب فرض، أو لم يوجد معصب، ورث أولوا الأرحام عند أكثر أهل العلم منهم عمر وعلي ومعاذ وغيرهم، وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد، والأصح عند الشافعية إن لم ينتظم بيت المال لعموم قوله تعالى:{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفَال: 75] وقوله صلى الله عليه وسلم: "الخال وارث من لا وارث له"(4).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى ما ورد: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي؛ فهو لأولى رجل ذكر)(5).
• وجه الاستدلال: أن الميراث يعطى أول ما يعطى لأصحاب الفروض، ثم تلحق بأولى رجل ذكر، وذوو الأرحام ليسوا بعصبة، فلا يرثون إلا في حال عدم وجود أصحاب الفروض والعصبات.
(1) تبيين الحقائق 6/ 241 - 242.
(2)
نيل الأوطار (6/ 179 - 180).
(3)
اللباب في شرح الكتاب، 4/ 200.
(4)
حاشية الروض المربع (6/ 153).
(5)
سبق تخريجه.