الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو الزوجية، حيث نفى عنها العدة (1).
الثاني: قوله سبحانه وتعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230)} [البقرة: 230].
• وجه الاستدلال: لما حرم عليه نكاحها حتى تنكح زوجًا غيره، دل على انقطاع سبب الإرث وهو الزوجية القائمة.
الثالث: عن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته فقال واللَّه مالك علينا من شيء فجاءت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال:(ليس لك عليه نفقة فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك. .)(2).
• وجه الاستدلال: أن المبتوتة لا نفقة لها، فالأولى أن لا ترث لانقطاع سبب الإرث (3).
النتيجة:
صحة الإجماع في أن الطلاق البائن في الصحة لا توارث فيه بين الزوجين.
[314 - 122] المبتوتة في مرض زوجها المخوف ترثه
• المراد بالمسألة: أن الرجل إذا طلق زوجته طلاقًا بائنًا في مرضه المخوف فمات عنها فإنها ترثه، وذلك لدفع الضرر عنها، وأن طلاقه لها فيه تهمة.
• من نقل الإجماع: ابن قدامة (620 هـ) قال: [إذا طلق المسلم المريض زوجته الأمة والذمية طلاقًا بائنًا، ثم أسلمت الذمية، وعتقت الأمة، ثم مات
(1) انظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي (9/ 25).
(2)
رواه: مسلم، كتاب الطلاق، باب المطلقة البائن لا نفقة لها، رقم (1480).
(3)
انظر: الحاوي الكبير (8/ 148).
في عدتهما، لم ترثاه؛ لأنه لم يكن عند الطلاق فارًا. وإن قال لهما في المرض: إذا عتقت أنت أو أسلمت أنت، فأنتما طالقتان، فعتقت الأمة، وأسلمت الذمية، ومات، ورثتاه؛ لأنه فارٌّ فإن قال لهما: أنتما طالقتان غدًا. فعتقت الأمة، وأسلمت الذمية، لم ترثاه؛ لأنه غير فارٌّ وإن قال سيد الأمة أنت حرة غدًا، وقال الزوج: أنت طالق غدًا، وهو يعلم بقول السيد ورثته؛ لأنه فارٌّ وإن لم يعلم لم ترثه؛ لعدم الفرار، وبهذا قال أبو حنيفة وأصحابه والشافعي رضي الله عنهم ولم أعلم لهم مخالفًا] (1)، وقال:[وإن كان الطلاق في المرض المخوف ثم مات من مرضه ذلك في عدتها، ورثته ولم يرثها. . ثم قال: ولنا أن عثمان رضي الله عنه ورث تماضر بنت الأصبغ الكلبية من عبد الرحمن بن عوف، وكان طلقها في مرضه فبتها. . واشتهر ذلك في الصحابة فلم ينكر؛ فكان إجماعًا](2).
ابن الهمام (681 هـ) قال: [أما الإجماع فلأن عثمان رضي الله عنه ورث تماضر بنت الأصبغ بن زياد الكلبية وقيل بنت عمرو بن الشريد السلمية من عبد الرحمن بن عوف لما بت طلاقها في مرضه ومات وهي في العدة بمحضر من الصحابة فلم ينكر عليه أحد فكان إجماعًا وقال ما اتهمته ولكن أردت السنة](3).
ابن تيمية (728 هـ) قال في معرض جوابه على سؤال: [عن رجل زوَّج ابنته وكتب الصداق عليه ثم إن الزوج مرض بعد كذلك فحين قوي عليه المرض فقبل موته بثلاثة أيام طلق الزوجة ليمنعها من الميراث، فهل يقع هذا الطلاق؛ وما الذي يجب لها في تركته؟ فأجاب: هذه المطلقة إن كانت المطلقة مطلقة طلاقًا رجعيًا ومات زوجها وهي في العدة ورثته باتفاق المسلمين، وإن كان الطلاق بائنًا كالمطلقة ثلاثًا ورثته أَيضًا عند جماهير
(1) انظر: المغني (9/ 198 - 199).
(2)
انظر: المصدر السابق (9/ 195).
(3)
انظر: شرح فتح القدير (4/ 146).
أئمة الإسلام، وبه قضى أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه. . ثم قال: لأن الطلاق واقع بحيث لو ماتت هي لم يرثها هو بالاتفاق] (1).
ابن القيم (751 هـ) قال: [أن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ورثوا المطلقة المبتوتة في مرض الموت حيث يتهم بقصد حرمانها الميراث بلا تردد إن لم يقصد الحرمان لأن الطلاق ذريعة](2). الزيلعي (1021 هـ) قال: أما روي أن عثمان بن عفان ورث تماضر بنت الأصبغ امرأة عبد الرحمن بن عوف وكان قد أبانها في مرضه بمحضر من الصحابة من غير نكير فصار إجماعًا] (3).
• الموافقون على الإجماع: المالكية (4)، والشافعي في القديم (5).
قال القرافي (684 هـ): فإن مات زوجها فورثها مالك وأهل العراق مؤاخذة له بنقيض قصده كالقاتل (6).
قال الشيرازي (476 هـ): واختلف قول الشافعي فيمن بتّ طلاق امرأته في المرض المخوف واتصل به الموت فقال في أحد القولين: إنها ترثه لأنه متهم في قطع إرثها فورثت كالقاتل لما كان متهمًا في استعجال الميراث لم يرث (7).
قال العمراني (558 هـ): وإن كان الطلاق بائنًا. . . وإن مات الزوج قبلها، فهل ترثه؟ فيه قولان:
قال في القديم: ترثه، وبه قال عمر بن الخطاب وعثمان وعلي. . . .،
(1) انظر: مجموع الفتاوى (31/ 369).
(2)
انظر: إعلام الموقعين (3/ 143).
(3)
انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (2/ 246).
(4)
انظر: الإشراف، القاضي عبد الوهاب (2/ 752)، والاستذكار (17/ 268)، والذخيرة (13/ 14).
(5)
انظر: المهذب، الشيرازي (2/ 25).
(6)
الذخيرة (13/ 14).
(7)
المهذب، الشيرازي (2/ 25).
وقال في الجديد: لا ترثه (1). قال عبد الرحمن بن قاسم (1392 هـ): وإن أبانها في مرض موته المخوف متهمًا بقصد حرمانها لم يرثها وترثه (2).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:
الأول: عن طلحة بن عبد اللَّه بن عوف، أن عثمان رضي الله عنه:(ورث تماضر بنت الأصبغ الكلبية من عبد الرحمن بن عوف، وكان طلقها في مرضه فبتها)(3).
• وجه الاستدلال: أن عثمان رضي الله عنه ورث امرأة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه في محضر من الصحابة فلم ينكر أحدٌ فكان إجماعًا.
الثاني: أن تطليقها فيه تهمة الإضرار بها، وهو يدل على قصده حرمانها من الإرث، فيعاقب بنقيض قصده، كما يرد قصد القاتل إذا قتل مورثه بحرمانه من الإرث، فترث المرأة حينئذ بسبب الزوجية دفعًا للضرر عنها.
• الخلاف في المسألة: ورد الخلاف في هذه المسألة عن: علي بن أبي طالب (4)، وعبد الرحمن بن عوف (5)، وعبد اللَّه بن الزبير (6)، والحارث بن يزيد العكلي (7) رضي الله عنه، والشافعي في الجديد، واختاره المزني (8)، وداود وابن
(1) البيان في مذهب الإمام الشافعي، 9/ 27.
(2)
حاشية الروض المربع، 6/ 187.
(3)
رواه: مالك في الموطأ، كتاب الطلاق، باب طلاق المريض (2/ 571)، والبيهقي، في معرفة السنن والآثار، رقم (4656) ولفظه:(أن عبد الرحمن طلق امرأته البتة وهو مريض فورثها عثمان رضي الله عنه منه بعد انقضاء عدتها). والأثر صحيح. انظر: إرواء الغليل (1721).
(4)
قال ابن قدامة، في المغني (9/ 195):(ولم يثبت عن علي ولا عبد الرحمن خلاف في هذا).
(5)
ويظهر أنهم أخذوا مخالفته من فعله لما طلق تماضر بنت الأصبغ في مرضه فورثها عثمان، وأن سكوته دليل على عدم موافقته.
(6)
مضى تخريجه، في:(ص 800).
(7)
رواه: سعيد بن منصور في سننه رقم (1969)، وعبد الرزاق في مصنفه، باب طلاق المريض، رقم (12192).
(8)
انظر: الحاوي الكبير (8/ 148) وللشافعية قولان في أصل مسألة توريث المطلقة =